ستون عامًا على رحيل الأمير المجاهد عبد الكريم الخطابي (1-3)

  • 71

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإذا كان التاريخ الإسلامي يزخر قديمًا بالكثير من الأبطال المجاهدين الذين تُزين سيرتهم العطرة صفحات التاريخ؛ فإن تاريخنا الحديث -أيضًا- لا يخلو من نماذج من الأبطال المجاهدين، منهم مَن اشتهرت أسمائهم بين الناس: كعمر المختار في ليبيا، وعز الدين القسَّام في فلسطين، وعبد القادر الجزائري في الجزائر، ومنهم مَن قد لا تُعرف بين الناس أسماؤهم، ولكن مِن حق هؤلاء المجاهدين جميعًا -وأيضًا مِن حقِّ أجيالنا الحاضرة- أن نعرفهم ونتعرف على سيرتهم، ونتعلم الدروس المستفادة من جهادهم، وما بذلوه وقدَّموه؛ خاصة وأن أجيالنا صارت تفتقد أمثال هؤلاء القدوة حاضرين الآن أمام أعينهم.

ومن هؤلاء المجاهدين في عصرنا الحديث: الأمير المغربي عبد الكريم الخطابي -رحمه الله-، والذي وافته المنية في القاهرة في 14 نوفمبر 1962م، ودُفِن بها، ورغم مرور ستين عامًا على رحيله لكن تبقى -ويجب أن تبقى- ذكراه وسيرته في القلوب؛ سواء في المغرب العربي أو في كل بلاد العرب والمسلمين. 

وهذه لمحة وجوانب من سجله الحافل وما تحمَّله وبذله -رحمه الله-؛ عرفانًا وتقديرًا له ولما قدَّم.

النشأة:

الأمير عبد الكريم الخطابي من سلالة كريمة وشريفة، احتفظت لنفسها بزعامة منطقتها عبر قرون طويلة؛ فآباؤه وأجداده هم أمراء قبيلة (بنو ورياغل)، الذين احتفظوا بالإمارة فيما بينهم، والتي اكتسبوها -واحتفظوا بها- لما كانوا عليه من كثرة خدمة الأهالي والدفاع عن مصالحهم. 

وكانت أسرته بعيدًا عن مظاهر الرفاهية، يعملون ويكدحون، وكانوا من سكان الجبال الذين يعيشون على ظهور الخيل، ويتولون مسؤوليات القضاء وفض المنازعات بين الأهالي، ولما كانوا يعتبرون أنفسهم في خدمة الأهالي أحبهم الأهالي واعتزوا بقيادتهم، وتنفيذ مشورتهم وطاعتهم.

ومعروف عن سكان الجبال أنهم أقرب إلى الفطرة بطبيعتهم، محبون للحرية، يتمتع شيوخهم ورجالهم بسبب طبيعة الجبال القاسية بالشجاعة والفروسية والعزيمة ورجاحة العقل وبساطة الملبس، وزاد قوم الخطابي على ذلك باعتزازهم بدينهم الإسلام الذي عاشوا في هديه قرونًا طويلة.

وكانت ثقافة عبد الكريم الخطابي ثقافة إسلامية عربية؛ فقد تعلَّم العربية وبعض الحساب، ثم تعلم العلوم الدينية في (مليلة) و(فاس)، وتفقَّه في الشريعة الإسلامية؛ ولذا تولى منصب القضاء في مليلة، والتي كانت وقتها إحدى قواعد الحكم الإسباني في شمال المغرب. 

بينما كان أخوه الأمير محمد يمتاز بثقافة عصرية؛ فقد تعلم في (مقلة)، ثم تخصص في هندسة المناجم والتعدين في (مدريد)، وقد ظل الأمير محمد أكبر معاوني أخيه عبد الكريم خاصة في العمليات الحربية التي خاضها في القطاع الغربي من منطقة الريف، وفي منطقة الجبال؛ يشاركه في قيادة الرجال وتنفيذ الأوامر المتفق عليها.

وقد امتاز الأمير عبد الكريم بالقدرة على التنظيم والقيادة، والقدرة على الاستفادة من طبيعة الأرض، من طرقها وجبالها، ومنابع المياه فيها، مع حسن تقدير للمواقف والرجال، وتدل عملياته الحربية التي خاضها ضد الإسبان والفرنسيين المحتلين على ذلك، والتي أقلقت مضاجع الإسبان والفرنسيين مدة ست سنوات؛ بدءًا من معاركه الأولى الصغيرة التي خاضها بأسلحة بسيطة وقليلة إلى معاركه الكبيرة التي خاضها على امتداد خطوط طويلة، تحتاج قيادتها إلى درجة عالية من الكفاءة وحسن الإعداد والتنسيق، وتكامل الصفوف.

وكان والد عبد الكريم الخطابي قد استشعر خلال رئاسته للقبيلة أن قبيلته تمتلك في أرضها موارد اقتصادية مهمة؛ ولذا يسعى في التنقيب عنها بعض المستكشفين الأوربيين؛ مما دفعه لمحاولة اقتباس العلوم الغربية، وقد اختار إسبانيا كدولة يمكنه أن يتعامل معها لقربها من إقليمه؛ لذا أرسل ابنه الأصغر إلى (مقلة) في إسبانيا للدراسة، ثم أرسله بعد ذلك إلى مدريد للتخصص في هندسة المناجم والتعدين، بينما أرسل ابنه الأكبر الأمير عبد الكريم الخطابي الذي سيخلفه في الحكم فيما بعد لدراسة العلوم العربية والدينية في فاس؛ خاصة في الفقه والشريعة، ثم استقر بعدها في مليلة واشتغل بالقضاء الشرعي فيها، وعمل في تحرير جريدة (تلغراف الريف)، وقد أكسبته تلك الدراسة والنشأة ثقافة إسلامية وعربية، كما ساهم احتكاكه بالإسبان وعمله بالصحافة في تكوين معارفه وشخصيته.

ومع إعلان الحماية الإسبانية على شمال المغرب ساءت العلاقات بين والد الأمير عبد الكريم الخطابي والإسبان، وتقدَّم الشيخ بشكواه في عام 1915م إلى الضباط الإسبان الذين جاءوا يمثلون بلادهم في المنطقة، فطلب منه الحضور إلى المندوب السامي الإسباني لتقديم فروض الطاعة والولاء، فرفض، فتم إلقاء القبض على ابنه الأمير عبد الكريم في مليلة وسجنه أحد عشر شهرًا، وفي السجن حاول الأمير الهرب بالقفز من أعلى أسوار سجن مليلة فأصيب في إحدى قدميه إصابة تسببت في إصابته بعرج بسيط كان يؤثر على سيره فيما بعد؛ مما اضطره إلى السير بمساعدة عصا للتغلب على هذا العرج. ولما أخلي سبيل الأمير تم إبقاؤه تحت المراقبة لمدة ستة شهور أخرى. 

انتظر والد عبد الكريم عودة ابنه الأكبر من مليلة، وابنه الأصغر من مدريد ثم أعلن القطيعة مع الإسبانيين، ولهذا اعتبرته إسبانيا عدوًّا مناوئًا لها.

وصمم والد الأمير عبد الكريم على مقاومة الإسبان وإخراجهم من البلاد، وفي أغسطس 1920م لما قام الإسبان باحتلال (تافارسيت)، التي تقع في أعالي نهر القرط على الطريق الموصل من مليلة إلى الحسيمة، قام الشيخ على رأس قوة من رجاله بمهاجمتهم، ولكنه توفي أثناء الطريق، فخلفه في رئاسة القبيلة ومنطقة الريف ابنه الأمير عبد الكريم الخطابي، الذي عزم كل العزم على الجهاد لإخراج الإسبان من البلاد.

بلاد الريف في المغرب الأقصى:

يمكن تقسيم المنطقة الشمالية من المغرب الأقصى إلى قسمين:

- القسم الشمالي: ويمتد من مليلة إلى سبتة.

- الجزء الغربي: الممتد من طنجة حتى العرائش.

وبينما كانت منطقة (الجبال) التي تقع إلى الغرب وإلى الجنوب من طنجة قد تأثرت بالوجود العربي فيها؛ خاصة في ظل وعورة تضاريسها وقلة صعوبة مواصلاتها، فكانت منطقة (الريف) والتي تقع إلى الشرق من المنطقة السابقة وتمتد فيها سلاسل الجبال الشاهقة، يحتفظ أهلها بلغتهم البربرية رغم اعتزازهم بالإسلام، وقد عرفت قبائل الريف تاريخيًّا منذ القدم باسم: (الأمازيغ).

وهذه المنطقة احتفظت دوما باستقلالها حتى خلال حكم الإمبراطورية الرومانية القديمة لبلاد المغرب، ورغم خضوع الجزائر وطنجة للحكم البيزنطي وقتها.

وتعتبر قبيلة (بنو ورياغل) أكبر وأشهر قبائل بلاد الريف، وتسكن هذه القبيلة الإقليم المواجه لميناء (الحسيمة)، مما جعلها أكثر تفتحًا على الغرب من غيرها، وهي تمتلك الأراضي الزراعية مما جعلها أكثر قوة من غيرها، وقد زاد احتفاظها بميناء الحسيمة من قوتها وأهميتها؛ خاصة في علاقتها بالخارج مع احتفاظها دوما باستقلالها وحريتها.

ومع بداية السنوات الأولى من القرن العشرين كانت القبيلة قد اختارت والد الأمير عبد الكريم الخطابي أميرًا لها، فكان بذلك صاحب أكبر قيادة في قلب إقليم الريف.

وبلاد الريف معقل الأمير عبد الكريم الخطابي هي ذلك الإقليم الشمالي الذي يمتد من حدود الجزائر شرقا حتى مضيق جبل طارق وطنجة غربًا، وله واجهة غربًا تطل على المحيط الأطلسي، تمتد حتى ميناء العرائش عند مصب نهر اللوكوس، وهي بلاد جبلية، فيها سلاسل من الجبال الشاهقة، تمتد من الشرق إلى الغرب، يصل ارتفاع قمم بعضها إلى ثلاثة آلاف متر، ولهذه الجبال سفوح من جهة الشمال، تنحدر صوب البحر الأبيض المتوسط، وغالب انحدارها على طولها انحدارًا صعبًا إلا في بضعة أماكن قليلة؛ ولذلك فمع طولها فموانيها قليلة، مما جعل لهذه الموانئ أهميتها، وترتيب هذه الموانئ من الشرق إلى الغرب هي: مليلة، الحسيمة، تطوان، (لكنه ميناء داخلي)، وأخيرًا سبتة التي لها أهمية إستراتيجية كبيرة؛ لكونها تقع على المدخل الشرقي لمضيق جبل طارق، فلها دور في التحكم في الملاحة والتموين في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، كما أنها تقع كذلك في مواجهة الساحل الإسباني، أما انحدار تلك الجبال جنوب طنجة وغربا صوب المحيط الأطلسي فهو انحدار بسيط.

وقد شهدت هذه المنطقة بعد دخول الإسلام فيها واعتناق أهلها له أحداثًا كثيرة وكبيرة، أقام خلالها المسلمون من العرب والبربر دولتهم في الأندلس بتاريخها العظيم حتى سقوطها في عام 1492م، وهي نفس الفترة التي عرفت فيها أوروبا الغربية الاكتشافات الجغرافية والعالم الجديد، فانفتحت آفاق جديدة أمام الإسبانيين لإقامة دولة قوية.

كانت بلاد المغرب منقسمة مفككة إلى وحدات إدارية فيها أكثر من سلطان، في فاس وفي مراكش وفي إقليم السوس، وقد تمكن الأشراف السعديون من توحيد أقاليم المغرب الأقصى، لكنهم فشلوا من الناحية العملية في فرض سلطتهم المباشرة على إقليم الريف الجبلي، وحينما انهارت سلطة السعديين ظهرت بعدها أسرة العلويين التي عجزت أيضًا بعد حملات متعددة عن إخضاع بلاد الريف إداريًّا أو عسكريًّا، فكان خضوع بلاد الريف خضوعًا اسميًّا يتمثل في الدعاء للسلطان يوم الجمعة بالنصرة.

وقد شهدت بلاد المغرب صراعًا في القرن السادس عشر بين أمراء البحر الجزائريين المتحدين مع القوة البحرية العثمانية التي كانت تعمل في الموانئ في البحر المتوسط سواء في الجزائر أو في إقليم الريف وبين العلويين أصحاب القوة البرية التي نمت داخل فاس ومراكش في إقليم المغرب الأقصى، والتي انتهت بعقد اتفاق لتحديد الحدود بينهما.

وهكذا لم تشهد أقاليم المغرب في ظل ظروفها الجغرافية الصعبة وطبيعة تكوينها وحدة فعلية تخضع لقيادة واحدة، لكن بقيت تربط بينها الرابطة الإسلامية. 

ولما زاد ضعف السلطة المركزية في المغرب الأقصى بعد عصر المولى إسماعيل، والمولى محمد بن عبد الله، تفككت السلطنة المغربية وضعف امتداد سلطتها داخل إقليم الريف، وأدَّى ذلك إلى تولي رجال الريف أمور إقليمهم بأنفسهم، وإن كان ذلك لم يكن معترفا به دوليًّا.

وقد تمكَّنت إسبانيا والبرتغال من احتلال طنجة وسبتة ومليلة والسوس، وكلها تقع على سواحل بلاد الريف حيث كانت مقاومة المجاهدين الجزائريين البحريين فيها ورجال الريف، بينما كان أكثر كفاح السلطان في المغرب الأقصى ضد القوى الأوروبية الاستعمارية المتنامية على السواحل المطلة على المحيط الأطلسي، والتي تبعها عقد اتفاقيات بين الطرفين تنص على وقف القتال أو الصلح.

الصراع الأوروبي حول المغرب العربي:

كان النظام الاقتصادي في أوروبا يتطور من نظام إقطاعي إلى اقتصاد صناعي وتجاري يعتمد على رأس المال ويحتاج إلى مواد خام وأسواق للتوزيع، فبدأ اهتمام الدول الأوروبية بالأقاليم المغربية والتصارع عليها؛ خاصة مع الأهمية الإستراتيجية لسواحلها، وزادت تلك الأطماع الأوروبية الاستعمارية في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر. 

ومن الناحية الاقتصادية: كان التبادل التجاري بين دول غرب أوروبا والمغرب العربي في صالح الأوروبيين. كان المغرب العربي يقوم على إنتاج المواد الزراعية والحيوانية، وموارده هي القمح والصوف والجلود. 

وفي المقابل كان المغرب العربي يحتاج إلى الأدوات المصنعة والأنسجة والشاي والسكر، وإلى البنادق والبارود، فكان هناك التبادل التجاري بين الطرفين، وفي فترة انخفاض أسعار المنتجات الزراعية وارتفاع أسعار المنتجات الصناعية كان دائمًا الميزان التجاري في صالح الأوروبيين، وترتب على ذلك حاجة السلطات في المغرب إلى الحصول على رؤوس أموال أوروبية، وبدأت مشكلة الديون الخارجية، مع زيادة فرض الضرائب على الأهالي.

وشهدت تلك الفترة القضاء على الإقطاع في أوروبا وقيام الثورة الفرنسية، ثم نزول القوات الفرنسية -وهي في أوج قوتها الاستعمارية إذ كانت الإمبراطورية الفرنسية تحكم نحو ثلث سكان العالم- لاحتلال مدينة الجزائر في عام 1830، ومع ضعف السلطة المركزية في المغرب الأقصى في عصر المولى عبد الرحمن، والضغط الفرنسي عليه لم يجد رجال الأمير عبد القادر الجزائري المجاهدون المعاونة المطلوبة من سلطان المغرب في كفاحهم ضد الاحتلال الأجنبي؛ خاصة في ظل المعاهدة التي حددت من قبل الحدود بين المغرب الأقصى والجزائر، ولكن ظل رجال بلاد الريف يساعدون رجال الأمير عبد القادر الجزائري، إذ لم تكن معاهدة تحديد الحدود بين البلدين ملزمة إلا لسلطان المغرب وللسلطات الموجودة في الجزائر، واستمر الأمر على ذلك إلى أن استتب الأمر للفرنسيين في الجزائر.

وفي إطار الصراع الأوروبي على المغرب العربي؛ ولئلا تنفرد فرنسا بالسيطرة على الملاحة في جبل طارق، فرضت بريطانيا على فرنسا أن تترك لإسبانيا منطقة شمال المغرب الأقصى كمنطقة نفوذ لها، ولفرنسا التوسع في بقية أجزاء المغرب العربي، وعلى هذا كان الاتفاق بين فرنسا وإسبانيا، فركزت إسبانيا قواتها في قواعدها على الساحل، وبدأت في التوغل إلى الداخل لفرض سيطرتها، لتواجه رجال الريف الذين يعيشون في الجبال ولم يعرفوا الخضوع للغير، كما سعت إلى إرسال قواتها إلى مدينة العرائش على ساحل المحيط الأطلسي. 

وكان هذا في الوقت الذي اتفقت فرنسا من جانب آخر مع إيطاليا على إطلاق يد فرنسا في المغرب العربي مقابل عدم معارضة فرنسا لزيادة النفوذ الإيطالي في طرابلس الغرب وبرقة، وهكذا تم الاتفاق والتعاهد بين دول الاستعمار الأوروبية حول بلاد المغرب مع بدايات القرن العشرين، وفي المقابل: لم تنجح محاولات السلطات الفعلية في البلاد في المحافظة على استقلالها، وانتهى الأمر بإجبار فرنسا المولى عبد الحفيظ على التوقيع على معاهدة للحماية عام 1912م.

الزحف الإسباني:

رغم أن الاتفاقات الدولية بين فرنسا وإسبانيا تعطى إسبانيا اعترافًا بنفوذها على شمال المغرب الأقصى بما فيها منطقة الريف، ورغم إجبار سلطان المغرب الأقصى على قبول الحماية الإسبانية؛ إلا أن إسبانيا سعت إلى مد احتلالها العسكري الفعلي من قواعدها الموجودة على الساحل الإفريقي إلى الداخل وذلك تمهيدًا لإقامة إدارة لها فيها، وبالتالي تطلب ذلك القيام بعمليات حربية للقضاء على أي صور للمقاومة الوطنية إن وُجِدت، مع ادِّعاء أنها تفعل ذلك لإخضاع البلاد لسلطان المغرب الذي هو تحت حمايتها، بينما هي تعمل لمصالحها الاستعمارية والتجارية، وكانت القوات العسكرية الفرنسية في الجزائر المجاورة قد استطاعت أن تفرض نفسها في مناطق نفوذها بالقوة العسكرية وتخضعها للحماية الفرنسية.

وقام الإسبان باحتلال المنطقة من ثلاث قواعد:

- مليلة في الشرق: ومنها كان تقدم الإسبان صوب الداخل في عام 1909م.

- سبتة: ومنها كان التقدم جنوبًا مع ساحل البحر إلى تطوان، ومصب (ريومارتان) في عام 1911م.

- شاطئ المحيط الأطلسي: في الشريط الساحلي الواقع بين منطقة طنجة والعرائش، الذي احتله الإسبان في صيف عام 1911م.

وقد ترتب على ذلك وجود ثلاث قيادات للقوات الإسبانية: 

الأولى: في مليلة في الشرق. 

والثانية: في سبتة المطلة على مضيق جبل طارق.

والثالثة: في العرائش الواقعة على المحيط الأطلسي جنوب طنجة. 

ورغم الاتصال الجغرافي بين تلك القيادات وقيادتها العامة في شمال إفريقيا؛ فقد كانت كل قيادة منها على اتصال بوزير الحربية في مدريد رأسا، فكان هذا الازدواج في الاتصال يعد صورة من الفوضى تتعارض مع حسن التنظيم.

وفي عام 1921 م عزم الجنرال الإسباني (سيلفيستر) قائد منطقة مليلة على الزحف والتقدم صوب داخل البلاد، وفي المقابل فقد عزم الأمير عبد الكريم الخطابي على التصدي له ومواجهته مهما كانت العواقب، رغم الفارق الكبير بينهما في العدة والعتاد. 

وللحديث بقية إن شاء الله.