عام إيماني جديد!

  • 48

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فمِن رمضان إلى رمضان فرصة جديدة، ففي شعبان رُفِعَت أعمال عام مضى، وبدأ عامٌ جديدٌ، وبخير شهر كانت البداية، وفي خير ليلة (ليلة القدر) كتبت مقادير الخلائق للعام الجديد؛ (فِيهَا ‌يُفْرَقُ ‌كُلُّ ‌أَمْرٍ ‌حَكِيمٍ) (الدخان: 4)؛ في كتاب يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت، (‌وَعِنْدَهُ ‌أُمُّ ‌الْكِتَابِ) (الرعد: 39)، أي: في اللوح المحفوظ الذي لا محو فيه ولا إثبات.

وبدأت حبات هذه الفرصة الجديدة في الانفراط، وبدأ بساط وقته في الانسحاب؛ فلا بد لكل منا أن ينتبه لأفضل استثمار لتلك الفرصة الجديدة التي لا تعوض، وكما يقولون: مَن لم يخطط للنجاح؛ فقد خطط للفشل"؛ فلا بد - وبعد الاستعانة بالله والتوكل عليه، ودعائه واللجوء إليه، وتعلق القلب به وحده- مِن وضع خطة لهذه الفرصة هذا العام، من رمضان إلى رمضان، نسأل الله أن يبلغنا رمضان القادم.

لا بد من خطة على مستوى الأفراد والجماعات، خطة للأشخاص وخطة للأعمال من الآن؛ فلا زالت جذوة الإيمان متوهجة بعد رمضان، فلا نتأخر؛ فمظنة التوفيق أكثر، والفضل بيد الله وحده، لكن احذر أن تدفعك حماستك الإيمانية إلى أن تكتب أمنيات خيالية لا خطة واقعية، فهذه حيل الشيطان لإدخالك في دوامة تنتهي باليأس والإحباط.

ضع خطتك في ضوء عدة عوامل: 

١- مهاراتك وإمكانياتك.

٢- ميولك واهتماماتك.

٣- احتياجات الواقع وواجب الوقت.

٤- ظروفك الحياتية: الاجتماعية، والواقعية، والمالية، إلخ.

٥- مرحلتك العلمية وأحمالك الدعوية.

 وبالتالي ستحتاج هنا إلى استشارة أحد من مشايخك أو إخوانك ممَّن على علمٍ بك، وبظروفك وواقعك، ثم الاستخارة على ما عزمت عليه؛ فلنأخذ بالأسباب، والبركة من الله.

نحتاج إلى خطة جادة وبسيطة، نعزم على تنفيذها كاملة -بتوفيق الله- بدون تعقيد في وضعها، ولا صعوبة في تطبيقها؛ خطة متوازنة تجاوب فيها عن أسئلة، مثل:

ماذا ستفعل هذا العام في علاقتك مع القرآن الكريم بجوانبها كلها؟

ماذا ستفعل هذا العام في عباداتك والأخذ بأسباب تزكية نفسك؟

ماذا ستفعل هذا العام في تعلم الكتاب والحكمة، وما يتبع ذلك من علوم نافعة؟

ماذا ستفعل هذا العام في العمل للإسلام والبذل لدين الله؟

ماذا ستفعل هذا العام لنفع الخلق والإحسان إلى الناس؟

ماذا ستفعل هذا العام في عملك وكسبك وسعيك على رزقك؟

ماذا ستفعل مع والديك، ومع أسرتك، ومع إخوانك، ومع رحمك، ومع جيرانك، ومع مجتمعك؟

إلى غير ذلك من أسئلة تغطي جوانب حياتك الدينية والدنيوية.

ولا بد من استعانة بالله، ووضع خطة علمية تفصيلية واضحة، طموحة وواقعية. 

فانوِ الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير، ونية المؤمن أبلغ من عمله، واعزم وتوكل، واستشر واستخر،

وابدأ ولا تسوف.

سدد وقارب.

جاهد واستبشر. 

ولا يرد القدر إلا الدعاء.

فاللهم اهدنا وسددنا، وألهمنا رشدنا، وقنا شرَّ نفوسنا، وابسط علينا من بركاتك ورحمتك ورزقك وفضلك.