الاستفتاء على الدستور

  • 146

انعقد مجلس شورى الدعوة السلفية بالإسكندرية يوم السبت الماضى الموافق 4 من صفر 1434م – 7 من ديسمبر 2013 لتبيين عدد من المسائل التى تتعلق بالدستور وتعديلاته وإضافاته، وما قام به ممثل حزب النور فى لجنة الخمسين والرد على بعض التساؤلات والاستشكالات، وأخذ التصويت النهائى الذى يحدد موقف الدعوة السلفية كمؤسسة من التصويت بنعم أو لا أو المقاطعة للاستفتاء على الدستور.

وقد استمعت أنا وغيرى إلى كم كبير من التوضيحات من الدكتور محمد إبراهيم ممثل حزب النور فى لجنة الخمسين وإلى شرح للعديد من مواد الدستور، وكيف كانت عباراتها الأولى وكيف انتهت إلى الصياغة الأخيرة، والفوارق بين دستور 2012 ودستور، والرد على مخاوف المتخوفين من الدستور الجديد، وقد استرحت جدا لسماع هذه التوضيحات والشروحات، واقتنعت بها، وكذلك استمعت إلى المزيد من التوضيحات من الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور وإلى تعليقات مهمة من المهندس عبد المنعم الشحات، واستمعت إلى ردود فضيلة الشيخ ياسر برهامى على بعض العبارات والألفاظ الموهمة لمعان مزدوجة وكيف نفهمها الفهم الصحيح فى ضوء السياق الخاص بها والسياق العام للدستور ككل.

وقلت فى نفسى ثم قلت لإخوانى إن أبناء وأفراد الدعوة السلفية يحتاجون إلى سماع هذا الشرح والبيان والتوضيح مثلما سمعناه مباشرة من ممثل حزب النور فى لجنة الخمسين وبقية المتحدثين، ومهما حاولت شخصيا أن أشرح لإخوانى ما سمعته فلن أشرحه وأوضحة مثلما شرحه المتحدثون الأصليون، وقلت إن الذين لم يستمعوا إلى هذا الشرح سينقصهم كم هائل من المعلومات المهمة وبالتالى لن يحكموا على الدستور الحكم الصحيح، بل إن أفراد الشعب يحتاجون إلى السماع المباشر من الدكتور محمد إبراهيم ليفهموا العبارات والجمل.

والمراد الفهم الذى يعينهم على الحكم الصحيح على الدستور، وأنا هنا لا أمدح الدستور، ولكن أمدح الفهم الصحيح؛ فالدستور به عيوب وثغرات وسلبيات، ولكن عند سماع الشرح والبيان يزول الحرج بنسبة كبيرة جدا، فهل يستطيع الدكتور محمد إبراهيم أن يحدث كل المصريين بما تحدث به فى اجتماع الشورى، بنفس الطريقة والكيفية، أظن أن المصريين يحتاجون فعلا إلى السماع منه شخصيا ومباشرة ومن لم يسمع فسينقصه الكثير من التوضيحات المهمة فلا تلوموا التابعين لحزب النور إذا صوتوا بنعم، ولاتلوموا أبناء الدعوة السلفية إذا صوتوا بنعم، بعدما سمعوا ما سمعوه.

قد يقول قائل نريد أن نسمع مثلكم، نريد أن نسمع ما سمعتموه، أقول: صحيح من حق الذي يريد أن يعرف أن يسمع ما سمعناه، ولكن كيف وأين ومتى؟ هل تسمح إدارة الدعوه بإذاعة بيان الدكتور محمد إبراهيم؟ أم تتيح له فرصة الشرح في المحافظات المختلفة؟ أم تستضيفه بعض القنوات للحديث، ولكن قد لا يستطيع أن يشرح أمام العدسات ما شرحه أمام مجلس الشورى، من حق الجميع أن يسمع وأن يعرف وأن يحصل على وجهة نظر حزب النور والدعوة السلفية ممن عاصروا أوشاركوا في الأحداث مباشرة، وفي المقابل أقول للذين هاجموا حزب النور وهاجموا الدعوة السلفية: مهلا، لا تتسرعوا، عندكم نقص في المعلومات، اسمعوا وجهة نظر الحزب والدعوة أولا قبل أن تهاجموا وتتهموا.

مرة أخرى أؤكد وأكرر أنني لا أمدح الدستور، ولكن تفهمت الملابسات التي كانت تزعجني، فقد راح انزعاجي وزالت مخاوفي إلى حد كبير،وبالطبع أقول إننا نريد دستورا غير هذا، لو تيسر لنا، ولكن إلى أن يتيسر لنا إن شاء الله تعالي دستور أقوى وأوضح وأشمل وأعمق وأدق، فالموجود به الحد الأدنى للقبول والموافقة، مع العديد من التحفظات والاعتراضات، ولكن هذا هو الممكن المتاح الآن، ويبقى أن نقول إن تطبيق الشريعة الإسلامية أساسه هو دعوة الأفراد للعمل بشرع الله، وتحقيق كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عمليا عن طريق التعليم والتفهيم والشرح والتبيين وإقامة الحجة.

إن التصويت بنعم لا يعني الموافقة الكاملة على كل مواد الدستور والقبول بها، إن التصويت بنعم له اعتبارات أخرى كثيرة، وموازنات بين المصالح والمفاسد، والمخاطر والتهديدات التي يتعرض لها الوطن، وتقصيرا للمرحلة الانتقالية، وتفاديا لأخطار وتهديدات وخسائر كبيرة قد يتعرض لها الوطن، وتخلصا من الحالة الحالية الكئيبة والمحزنة والمؤلمة التى نعيشها والتصويت بنعم ليس معناه الولاء لأحزاب أخرى أو طوائف أخرى أو قوى أخرى وليس معناه الرضا عن أحوالهم وليس معناه الانضمام إليهم، وإنما معناه رعاية مصالح معينه هم وافقونا فيها.

أقول لمن يهاجموننا لاتلزمونا بما لم نلتزم به واعذرونا فيما ارتأيناه، وسامحونا فيما اخترناه، وربما تعرفون يوما أسباب ما فعلناه وربما تتفهمون مواقفنا وربما تظلون على مواقفكم المعادية لنا، فلا تتعجلوا وتمهلوا وارفقوا بنا يرحمكم الله؛ فالمسؤلية كبيرة والأعباء ضخمة ونحن نريد الإصلاح ما استطعنا، هذا ما رأيناه خيرا للعباد والبلاد، فإن أصبنا فالحمد لله، وإن أخطأنا فحسبنا أننا اجتهدنا وحاولنا وظننا أن هذا هو الصواب ولم نتعمد الخطأ ولا أحببناه والله شهيد ورقيب ومطلع وحسيب.

والذين سيصوتون بلا، نعرف لماذا اختاروا هذا الاختيار، نعرف أسبابهم وعندنا الرد عليها نعرف ما يتخوفون منه وما يرتضونه وما يستنكرونه، فكرنا فيما يتخوفون منه واستعرضناه وفندناه وخالفناهم عن معرفة وفهم لا لمجرد المخالفة، والذين قرروا المقاطعة نعرف أسبابهم أيضا ولكننا لم نقتنع بها لذا قررنا أن نمضي قدما وأن نصوت بنعم بعد استعراض كل الاحتمالات، بعض الناس اعترض على كلمة ممثل حزب النور التى وجه فيها الشكر لأعضاء لجنة الخمسين ورفضوا هذا الشكر وانتقدوا ممثل الحزب وهاجموه، وأقول لهم أنتم لاتعرفون الأحداث بل حتى نسيتم أخلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فماذا أقول لكم بعد ذلك؟.

لك الله يا ممثل حزب النور، لكم الله يا أبناء الدعوة السلفية، سؤال هل الدستور بديل للقرآن والسنة، الجواب لا، هل الدستور يغني عن القرآن والسنة ؟ الجواب لا، هل الدستور يلغي القرآن والسنة ؟ الجواب لا،هل الدستور يصادم كلمة القرآن دستورنا ؟ الجواب لا، نسأل الله التوفيق وهو وحده يعلم الغيب، القادم والآتي والمستقبل لا يعلمه إلا الله فنسأله السلامة والعافية والنجاة والحفظ والتأييد والأمن والإيمان.