الانبعاج

  • 188

إن الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر، قديم منذ بداية الخليقة، فتنتفض قوى الشر على الخير أحيانا. لقد مرت الجماعات الاسلامية عبر التاريخ الحديث خاصةً بالتعذيب، وتلفيقات التهم الجُذافية، والتنكيل بأحدث وسائل التعذيب. وحدث مالا يحدث في معسكرات جوانتانامو Guantanamo. .

فنشأ جيل منبعج الشخصية، اتخذ من التهور والعنف نبراسا.

اشتكى بعض الرعية من عمال عمر، فأمرهم أن يوافوه، فلما أتوه، قام فحمد الله وأثنى عليه، قال: " أيها الناس، أيتها الرعية، إن لنا عليكم حقاً، النصيحة بالغيب والمعاونة على الخير، أيها الرعاة إن للرعية عليكم حقا فاعلموا أنه لا شيء أحب إلى الله، ولا أعز من حلم إمام ورفقه، وليس جهل أبغض إلى الله، ولا أغم من جهل إمام وخرقه ".

وقال أبو منصور: "الأناة حصن السلامة، والعجلة مفتاح الندامة ". وقال: " التأني مع الخيبة. خير من التهور مع النجاح ". وقال " السباب مظنة الجهل، ومطية الذنوب ".

- إن أسوا متغير من المتغيرات التي يتعرض لها ضحايا التعذيب، هي تلك المتعلقة بهدم إنسانيتهم، وقيمتهم الذاتية حول ا?نهم بشر. وبالتالي فإن الهدف من التعذيب؛ هو الهدم، والتخريب للخصائص النفسية، والشخصية، على العكس من خبرات العلاج النفسي، التي تهدف إلى تعزيز قيم الأفراد، وبناء شخصياتهم.

- أجريت دراسة في اليمن عن العمليات الإرهابية التي حدثت في العالم، وخلصت الدراسة إلى أن كل عملية إرهابية لا بد لها من فكر تستند إليه، وتنطلق منه سواءً أكان دينياً، أو غير ديني-إسلامياً، أو يهودياً، أو سياسياً، أو اقتصاديا، أو اجتماعيا- والفكر لا يواجه إلا بفكر، والمشكلات الفكرية لا تحل إلا عن طريق الحوار، ويستعصى حلها عن طريق القوة؛ لأن القوة تزيد الفكر قوةً وصلابة.

- والذي يقرأ الاحداث المعاصرة قراءة واعية، يعلم أنه سيخرج جيل أشد عنفواناً، وإرهاباً من ذي قبل... فعلى الحكومات أن يتقوا الله في شعوبهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم" إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عمَّا اسْتَرْعَاهُ، حَفِظَ أمْ ضَيَّعَ"، لقد كان من دعاء النبي أن يستعيذ بالله من شدة البلاء لعلمه صلى الله عليه وسلم أن ذلك يسبب ضررا بالغاً في الدين والدنيا.
"اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ"

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من هذا الدعاء، وأمر به أيضاً فدلّ على شدّة أهمّيته، والعناية به لما احتواه من عظيم الاستعاذات، وشمولها، في أهمّ المهمّات، في أمور الدين والدنيا والآخرة.

قوله: (اللَّهم إني أعوذ بك من جهد البلاء): اللَّهمّ أجرني من شدّة البلاء ومشقّته، والذي ما لا طاقة لي بحمله، ولا أقدر على دفعه، سواء كان هذا البلاء جسدياً كالأمراض وغيرها، أو كان بلاء معنوياً ذِكرياً كأن يُسلِّط عليَّ من يؤذيني بالسبّ والشتم والغيبة والنميمة والبهتان وغير ذلك، فهذه استعاذة من جميع البلاءات بشتى أنواعها وأشكالها.

قوله: (ودَرَك الشقاء): وأجرني من أن يلحقني مشقّة، وهلكة في دنياي، في نفسي، وأهلي، ومالي، وفي آخرتي، من عقوبة وعذاب بما اقترفته بسبب الذنوب والآثام.

قوله: (وسوء القضاء) هو ما يسوء الإنسان ويحزنه أو يوقعه في المكروه من القضية المقدّرة عليه، وهو شامل في الدين، والدنيا، في النفس، والأهل، والمال، والولد، والخاتمة. وهذه الاستعاذة تتضمّن الحفظ في كل الأمور المذكورة.

قوله: (شماتة الأعداء): فرح الأعداء بما ينزل على الشخص من مكروه، وسوء ومحنة، فينكأ القلب عندها، ويحزن، ويبلغ من النفس أشدّ مبلغ، وقد يؤدّي إلى العداوة والبغضاء والحقد، وقد يُفضي إلى استحلال ما حرّمه اللَّه تعالى من القتال والانتقام والتعدي والظلم؛ لهذا أستعيذ منه لخطورته.
فدلّ هذا الدعاء الجليل على أنه من جوامع الكلم، التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم، الذي جمع الاستعاذة من جميع الشرور في الدين والدنيا، فاعتن بهذا الدعاء العظيم في ليلك ونهارك، وفي سفرك وحضرك، حتى تكون في حفظ اللَّه وعصمته من جميع شرور الدنيا والآخرة.