الاقتصاد العالمي.. استمرار تباطؤ النمو وتوقعات تفاؤلية مشروطة لعام 2014

  • 126

يشير معدل نمو الاقتصاد العالمي الذي تحقق في عام 2013، إلى استمرار اتجاه ثابت منذ أربعة أعوام يتمثل في تراجع معدل النمو من عام لآخر؛ حيث تؤكد التقديرات المختلفة الصادرة عن مؤسسات اقتصادية ومالية وبنوك عالمية، وكذا الصادرة عن المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد الدولي؛ أن نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري يتراوح بين 2.3% إلى 2.7%، وهو ما يدل على استمرار الاتجاه التراجعي منذ عام 2010.

وكان معدل نمو الاقتصاد العالمي في عام 2010 قد بلغ 4.9%، ثم انخفض إلى 3.3% في عام 2011، ثم انخفض مجددًا في عام 2012 ليصل إلى 3.1%، ثم تواصل هذا الانخفاض ليبلغ معدل النمو خلال العام الجاري 2.7% فقط، وذلك وفقًا لتقرير حديث أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي مؤسسة أوروبية اقتصادية رائدة في التحليلات الاقتصادية وتتبع بيانات الاقتصاد العالمي بشكل شهري.

وبلغ هذا المعدل 2.5% فقط وفقًا لدراسة أصدرتها مؤسسة شركة أبحاث السوق العالمية IHS، التي قالت إن الاقتصاد العالمي لا يزال يبحث عن قوة دفع أمامية منذ وقوع الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاديات الكبرى منذ أكثر من خمس سنوات.

وعلى الرغم من أن معظم التقديرات تشير إلى أن الربع الأخير من العام الجاري كان هو الأكبر في نسبة النمو مقارنة بالأشهر التسعة الأولى، حيث بلغ معدل النمو 2.9%، إلا أن ذلك لم يكن دليلا قاطعًا على تعافي الاقتصاد العالمي وتؤهله لأن يباشر نموًا أعلى في العام المقبل؛ حيث يشير بعض المحللين الاقتصاديين إلى أنه حين تنخفض أسعار الغاز الطبيعي في منشأه كما حدث في فصل الخريف، وحين تتراجع الصادرات الأمريكية كما حدث في شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين، فإن ذلك يعني ببساطة أن الاقتصاد العالمي آخذ في تباطؤ النمو.

ويمكن إيجاز أبرز مؤشرات الاقتصاد العالمي في عام 2013، في أن أداء الاقتصاد العالمي في جميع مناطق العالم جاء أقل من التوقعات السابقة، خاصة في الاقتصاديات الأكثر تطورًا، مع استثناء ملحوظ لكل من اليابان وألمانيا، وأن الاقتصادات الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية كافحت من أجل الحفاظ على الزخم الاقتصادي، في حين برزت منطقة اليورو كأكبر منطقة عرفت ركودًا اقتصاديا وشللا شبه تام لمدة 24 شهرًا حتى بلغت معدلات البطالة بها أرقامًا قياسية مرتفعة.

وتتمثل المشكلة الحقيقية في هذا المعدل المنخفض للنمو الاقتصادي العالمي عام 2013، في أنه قد جاء مخالفًا للعديد من التوقعات المتفائلة، والتي كان أغلبها ينحو إلى أن يبلغ معدل النمو ما لا يقل عن 3.2%، وهو ما لم يحدث . فعلى سبيل المثال توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في نهاية العام الماضي أن نسبة نمو الاقتصاد العالمي سوف تصل في عام 2013 إلى 3.4%، وها هي تشير في نهاية العام الجاري إلى أن معدل النمو لم يتجاوز 2.7%، وهذا حدث مع العديد من التقديرات الأخرى المشابهة، الأمر الذي يثير بدوره الأسباب التي أدت إلى استمرار تباطؤ النمو العالمي.

وحول توقعات عام 2014، تقول القاعدة الاقتصادية إن الاقتصاد العالمي ينمو بشكل أسرع إذا تمكنت بلدان العجز التجاري الهائل من خفض هذا العجز، ويتم ذلك من خلال زيادة الصادرات إلى البلدان التي لديها فائض تجاري، كما يرتبط ذلك بعدم التلاعب من هذه الدول الأخيرة في أسعار العملات، وهو ما أكده بنك الشعب الصيني مؤخرًا، حيث ذكر أنه سوف يعمل على تعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي من خلال إنهاء التلاعب بالعملة وعدم فرض قيود جديدة على المنتجات الأجنبية، وهو ما يساعد إذا حدث على تسريع وتيرة النمو في عام 2014، مع أن هذا الأمر يبدو محفوفا بالكثير من التحديات.


ويمكن إيجاز أبرز التوجهات بشأن التوقعات لعام 2014 في أن دورة الاقتصاد العالمي سوف تنتعش بشكل أكبر من عام 2013، وأن معول ذلك هو استعادة قوة وزخم الاقتصاد الأمريكي والانتعاش الأوروبي، فهما يعتبران بمثابة الرياح الخفية لتحقيق نمو أفضل، وأن الأسواق في الدول الاقتصادية الصاعدة سوف تستمر في حفظ النمو المتوازن في الاقتصاد العالمي، وأن مخاطر الهبوط الاقتصادي تنحسر تدريجيا نتيجة بعض السياسات العالمية المالية، وأن التحديات لا تزال كبيرة.

وقد توقع تقرير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة أن الاقتصاد العالمي سوف ينمو بمعدل 3% في عام 2014، وبمعدل 3.3% في العام التالي، وتتنبأ مؤسسة HIS بأن الاقتصاد العالمي سوف ينمو بنسبة 3.3% في عام 2014، في حين تتنبأ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه سوف يبلغ 3.6%، ويذهب بنك "كريدي سويس" إلى أنه سيبلغ 3.7%.