بعد 6 أشهر على عاصفة الحزم تحديات عسكرية تواجه التحالف العربي في اليمن

  • 110
ارشيفية

في السادس والعشرين من مارس الماضي انطلقت عمليات التحالف العربي في اليمن دعمًا لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي ضد متمردي الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وانصاره، والآن بعد مرور أكثر من 6 أشهر تدخل عملية استعادة البلاد من المتمردين مرحلة حاسمة مع استمرار الحديث عن اقتراب معركة تحرير صنعاء إلا أن الوضع الميداني يبدو أنه مازال شديد الاشتعال.


أولا- أزمة تعز
نجاح لجان المقاومة وبمساعدة قوات التحالف في بسط السيطرة الكاملة على مدينة عدن وجعلها عاصمة مؤقتة للبلاد ومقرًّا للحكومة الشرعية لم يكن كافيًا في جلب الأمان التام لأجواء العاصمة والنطاق الإداري المحيط بها؛ فمدينة تعز لم تتوقف فيها الاشباكات حيث يحاول الحوثيون وميليشيات صالح اتخاذها منطلقًا للعودة إلى مدينة عدن، وقد نجحت هذه المحاولات في أن تشكل بالفعل تهديدًا مباشرًا؛ حيث كشف وكيل محافظة تعز أنس النهاري وصول تعزيزات من ميليشيات الانقلاب الحوثي؛ لتكثيف الحصار على المحافظة، وأن رئيس ما يسمى باللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، والقائد الميداني للميليشيات علي أبو الحاكم، يتابعان منذ قرابة الأسبوع، الإشراف على الإمدادات العسكرية المتوالية التي تصل إلى محيط تعز لتعزيز محاصرتها، بدعم من أنصار المخلوع علي صالح.


فى السياق ذاته أكد البرلماني والناطق السابق باسم المقاومة في محافظة تعز محمد مقبل الحميري خطورة سقوط مديرية الوازعية الاستراتيجية الواقعة غرب تعز بيد الحوثيين وقوات صالح باعتبارها إحدى بوابات تعز المهمة إلى عدن والمواطن في الوازعية لا يمتلك سوى سلاحه الشخصي فقط حتى ذخيرة هذا السلاح تنقصه، مشيرا إلى تحركات حوثية حثيثة نحو محافظة لحج انطلاقًا من تعز.


آخر التقارير الميدانية تشير إلى استخدام قوات الحوثيين وصالح لمدفعية ثقيلة ودبابات في معركة السيطرة على الأوزاعية مما يوضح صعوبة المعارك القادمة في الجبهة الجنوبية على حدود عدن وأنه حتى الآن لم يتم فرض حزام حماية مكتمل الأركان حول إقليم العاصمة المؤقتة.


تناولنا في مقال سابق الأهمية الاستراتيجية والمعنوية لمحافظة تعز باعتبارها أحد رموز الثورة اليمنية، هذه القيمة فرضت عليها حالة حرب شديدة القسوة طوال الأسابيع الماضية فبعيدا عن معركة الأوزاعية تعرضت الأحياء السكنية لمدينة تعز لقصف مدفعي عنيف بصواريخ الكاتيوشا من قبل ميليشيات الحوثيين وصالح أدت إلى سقوط العديد من الضحايا بين قتيل وجريح بينهم أطفال ونساء، فى حين قتل ما لا يقل عن 24 من عناصر هذه الميليشيات بينهم قيادي ميداني كبير وأصيب 36 آخرون واستشهد 6 من رجال المقاومة وأصيب 17آخرون في المواجهات الدائرة بين الجانبين بتعز خلال ليلة واحدة فقط.


هذه العدد الكبير من القتلى والجرحى كافٍ ليكشف حجم شراسة المعارك التي تعاني منها مدينة تعز وأن استمرار الوضع على هذا النحو لن يفيد قوات التحالف ولجان المقاومة، هذه الأجواء دفعت رئيس المجلس العسكري للمقاومة في محافظة تعز وقائد اللواء 22 ميكا العميد الركن صادق سرحان للكشف عن وجود خطة عسكرية جاهزة لتحرير محافظة تعز من ميليشيات الحوثيين وصالح. لكن السؤال متى ستنفذ هذه الخطة قبل أن يفتك المتمردون بتعز؟


ثانيا- معركة تحرير صنعاء
عندما يكون الصراع على حكم دولة فإن من البداهة أن تكون العاصمة هي ساحة القتال الأشرس، من هنا فإنه من المتوقع أن تكون ميليشيات الحوثيين وصالح قد أعدت لهذه المعركة عدتها. رئيس المجلس العسكري للمقاومة في محافظة تعز وقائد اللواء 22 ميكا العميد الركن صادق سرحان تحدث عن استيلاء هذه الميليشيات على كل الأسلحة الموجودة بمعسكرات الدولة وإخفاء معظمها في مناطق مدنية، ولا شك أن صنعاء وصعدة تعدان مكانًا مثاليًّا لإخفاء هذه الأسلحة نظرا لأهميتهما الجيوسياسية في المعارك حيث ستتم على أراضيهما معارك الحسم من جهة، ومن جهة أخرى فإن المحافظتين بعيدتان تمامًا عن قدرات لجان المقاومة مما يوفر بيئة آمنة لمخازن الأسلحة.


على الجانب الآخر، يسعى الحوثيون للمعركة بحشد أكبر عدد من المقاتلين فآخر التقارير تشير إلى قيامهم بالاتفاق مع مسئولي الحارات في العاصمة صنعاء على القتال في صفوفهم في حال اندلاع المعارك ومنح كل فرد منهم ما بين سبع إلى عشر بنادق من نوع كلاشنيكوف، ومطالبته تجنيد ما لا يقل عن عشرة أشخاص من كل حارة وتسجيلهم ضمن اللجان الشعبية تكون تحت إشرافهم، ومراقبة جميع القاطنين في مناطقهم ورصد أعدادهم، خصوصًا فئة الشباب، مع رفع تقارير شاملة لتحركات المناهضين لهم وإرسالها إلى ما يسمى بمكتب المجلس السياسي، يأتى ذلك بينما تحدثت تقارير عن وجود تأييد للرئيس الشرعي منصور هادي لدى بعض العائلات فى العاصمة لكنها تخفي ذلك خوفًا من بطش الحوثيين.


هذه المعطيات تكشف مدى صعوبة المواجهة المنتظرة في صنعاء وأن الضربات الجوية لقوات التحالف العربي لن تكون كافية لحسم المعارك على الأرض في ضوء الحذر من تسبب طائرات التحالف في سقوط ضحايا مدنيين في ظل اتجاه الحوثيين كما هو متوقع لاستخدام المدنيين دروعًا بشريًّا وتحويل منشآت مدنية إلى مراكز عسكرية لقواتهم، في الوقت الذي تعانى فيه لجان المقاومة من الضعف النسبي لكفاءتها القتالية وعدم ضمن ولاء بعض قيادات الجيش التي تبيع أنفسها للحوثيين وصالح وهي الخيانات التي تكررت خلال الأشهر الستة الماضية.


ثالثًا- حقول الموت
زراعة آلاف الألغام وتحويل الطرق الرئيسية ومحيط الأماكن الحيوية إلى حقول للموت هي إحدى الاستراتيجيات الأساسية التي يتبعها الحوثيون وأزلام صالح في وقف تقدم لجان المقاومة الشعبية ومنع نزول عدد كبير من القوات البرية لقوات التحالف العربي.


محافظة مأرب كانت هي النموذج الأكثر وضوحًا حتى الآن في تطبيق هذه الاستراتيجية؛ حيث استشهد خمسة من رجال المقاومة في المحافظة جراء انفجار أحد الألغام في سيارتهم، وهو لغم من آلاف الألغام الأرضية التي زرعتها ميليشيات الحوثي وصالح بمحيط سد مأرب وتبة المصارية قبيل هزيمتها في هذه المناطق، مما دفع كاسحات الألغام للتحرك حيث تمكنت من استخراج مئات الألغام كان من بين تلك الألغام ألغام إيرانية الصنع.


المؤكد أن حالة محافظة مأرب لن تكون الأخيرة في اتباع هذه الاستراتيجية، وأنه كلما تقدمت لجان المقاومة والجيش اليمني وقوات التحالف العربي من المناطقة الأكثر حيوية كالعاصمة صنعاء ومعاقل الحوثيين في صعدة وشمال البلاد فإنها ستواجه بالمزيد من آلاف الألغام، وفي ضوء ضعف الكفاءة القتالية للجان المقاومة من جهة وعدم رغبة قوات التحالف العربي في التعرض لخسائر عسكرية بشرية كبيرة من جهة أخرى، فإن هذه الألغام ستؤدي إلى إطالة أمد العمليات العسكرية وارتفاع تكلفتها المادية وتحويلها إلى حرب استنزاف مادي ولوجستي لدول التحالف.


رابعا- دعم إيراني لا متناهٍ
إيران لم تتوقف لحظة عن دعم حلفائها الحوثيين بشتى الطرق، آخر هذه المحاولات، هي ما كشفه العميد أحمد العسيري المتحدث باسم قوات التحالف العربي عن إحباط محاولة تهريب أسلحة يوم السبت الماضي في بحر العرب على متن زورق إيراني كان متجهًا إلى اليمن؛ حيث قامت قوات التحالف باحتجاز الزورق الذي كان على متنه 14 إيرانيًّا ويحمل أسلحة متنوعة، تشمل قذائف وصواريخ وعتادًا عسكريًّا على بعد 150 ميلا جنوب شرق مدينة صلالة العمانية.


هذه المحاولة لن تكون بالطبع الأخيرة مما سيضفى مزيدًا من الضغوط والأعباء على قوات التحالف العربي لإحكام الحصار البحري والجوي على ميليشيات صالح والحوثيين لوقف مظاهر الدعم العسكري والمالي لهم.


معركة تحرير اليمن من ميليشيات الحوثيين وصالح تدخل النصف الثاني من عامها الأول وسط آمال بنجاح قوات التحالف العربي في الانتقال سريعًا لمعركة تحرير صنعاء من أجل القضاء على آمال هؤلاء المتمردين في البقاء وإجبارهم على الاستسلام والرضوخ للنظام الشرعي، لكن تبقى لسير المعارك على الأرض ومدى تطور قوات لجان المقاومة والجيش قتاليًّا هي العنصر الأهم في سرعة حسم هذه المعارك.