همسة من القلب

  • 136

أكثر ما يكدر صفو الحوارات بين الأخوة، الغلظة والشدة في النقاش, فتجد أحدهم بعد نقاشين، أو ثلاثة، قد انزوى على نفسه، واضطر أن يكبت أفكاره، ولا يتحدث عن الشبهات التي تلتبس عليه؛ خوفا من غلظة في الرد، أو اتهاما في النية.

يا أخوتي، يجب أن نعلم أن عددا ليس بقليل، من قواعدنا على أرض الواقع ليسوا بعلماء، ولا حتى طلاب علم شرعي, فكثير منهم مقلد، وبعضهم مجرد محب للمشايخ، وطريقتهم في الدعوة.

فيا أخا الدعوة، " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ", خذ بيد أخيك، وثبته واعلم أنه ولو كانت طريقة عرضه لنقد ما شديدة عليك، فما فعل ذلك إلا حبا لك، وحرصا على الدعوة، أو جهلا منه؛ فتحمل حماسته، واصبر على نقده، وكن رفيقا لينا، وتذكر { وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}

لا تخسر قواعدك، ومحبين دعوتك؛ بسبب شدة في الرد، لا تفيد، واعلم أننا دعاة قبل أن نكون سياسيين، وعلى الداع أن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة, ومن الدعوة بالحكمة مراعاة مقتضى الحال، ومخاطبة كل قوم بما يعرفون، وأخذهم بالرفق والتلطف، واختيار الوقت المناسب للموعظة.

وكم من لين في التعامل، ورفق كانت نتائجه عظيمة مثمرة، يفتح لك من أبواب الخير فوق ما تتخيل، وأذكر لك كمثال إسلام المدينة المنورة كلها بسبب رفق مصعب بن عمير، وحكمته في التعامل مع غضب أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ.
فيا رفقة الخير، كونوا عونا لبعضكم، لا عونا على بعضكم.