• الرئيسية
  • الأخبار
  • التعليم في خطر.. مصر تتراجع في الترتيب العالمي والوزارة لم تقدم الجديد منذ عشررات السنين

التعليم في خطر.. مصر تتراجع في الترتيب العالمي والوزارة لم تقدم الجديد منذ عشررات السنين

  • 159
أرشيفية

خبراء: ضعف الميزانية وفساد النقابة وغياب الأهداف وراء انحدار التعليم

رغم أن الجميع يعلم أن الدول لا تتقدم إلا بالعلم والتعلم، إلا أن مصر وجددت نفسها في ذيل الأمم من الناحية التعليمة، رغم توفر الكفاءات والخبرات والعقول النابغة.


قال الدكتور شعبان عبد العليم، عضو المجلس الرئاسي لحزب النور، ورئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشعب السابق، إن أسباب انحدار التعليم كثيرة جدًّا وتحتاج إلى دراسة كاملة ومنها ما يتعلق بالمؤسسة التعليمة نفسها، مشيرًا إلى كثافة الطلاب داخل الفصول وتأثيره السلبي في قدرة الطلاب في الاستيعاب وعدم الأريحية داخل المدرسة، مما جعلها منطقة طرد لا منطقة جذب، بالإضافة إلى أن هذه الكثافة ساعدت في انتشار الدروس الخصوصية.


وأضاف عبد العليم، أن قلة الأنشطة (المسرح، الجوالة الرياضة بأنواعها) وعدم توفرها داخل المدارس والجامعات، ساهم في تقليل القدرات لدى الطلاب، وتابع من الأسباب أيضًا عدم تلاؤم المادة العلمية مع الطلاب وضعف المناهج ووضعها بصورة غير مناسبة في مراحل التعليم، مشيرًا إلى كثرة الحشو فيها والاعتماد على الحفظ قبل الفهم والإدراك. وأردف أن طرق التقويم والاختبار طرق تقليدية وتصب على التحصيل والحفظ، ولا تهتم بالإبداع والإدارة الموقفية وحل المشاكل المجتمعية والعمل على توسيع إدراك الطلاب.


وأشار إلى مشكلة التمويل داخل المدارس والجامعات، موضحًا أن الميزانية المخصصة للتعليم لا تكفي الإنفاق على الأنشطة ولا تسمح لكثير من الإبداع والتطوير، مضيفًا أن عدم توفر فرص عمل للخريجين وارتفاع نسبة البطالة أدت إلى إحباط التلاميذ والطلاب بسبب غياب الدافع للتعلم.


وأوضح عضو "رئاسي النور"، أن حل أزمة التعليم يبدأ من تطوير المناهج وتغير طرق التقويم وخلق روح الإبداع عند الطلاب وتطبيق معاير الجودة العالمية للتعليم في الفصول والمدارس والجامعات سواء كان في عدد الطلاب داخل الفصول أو تهيئة المدارس وتطوير الجامعات، بالإضافة إلى تأهيل المعلمين وتطوير طرق التدريس وتوسيع دائرة التواصل مع الطلاب وإلغاء فكرة التلقي باستمرار من المدرس وتفعيل الحوار المشترك بين المدرس والطالب.


بدوره، قال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي والباحث بالمركزي للبحوث، إن أخطر سبب في تدهور التعليم هو نقص في ميزانية التعليم، موضحًا أن مرتب المدرس في بداية حياته العملية بعد كل الزيادات التي حدثت منذ الثورة الأولى وصل إلى 1200 جنيه، وهذا راتب ضعيف جدًّا لا يسمح لأي إنسان أن يبدأ حياة كريمة وينشئ أسرة، مشيرًا إلى أن راتب المدرس في سنة 1970 كان يوازي 7000 ألف جنيه اليوم قياسًا بالقوى الشرائية وسعر الذهب، وتابع بذلك كان يوجد المدرس الذي يربي ويخشاه الطلبة وصاحب الهيبة، بالإضافة إلى عدم وجود مدرس يضغط على التلاميذ من أجل الدرس الخاص لأن عنده كفايته.


وأوضح مغيث، أن بهذه الميزانية الضعيفة والراتب الضئيل أصبح المدرس عاملًا في محل بعد إنهاء فترة وضيفته وأصبح سائق توك توك وبائع كشري، مؤكدًا أن هذا كان له أثر سلبي في الإدارات بصفة عامة وأصبح التدريس مجرد الحضور فقط لا العمل، وكانت النتيجة هي انحدار التعليم.
وأشار إلى أنه لو تم إعطاء المدرس راتبًا محترمًا -على الأقل 5000جنيه- ويتم التعاقد على عدم عمل المدرس في أية وظيفة أخرى حتى لو كانت ملكًا له، وينص التعاقد على أن يكون هناك يومان زيادة للأولاد أصحاب المستوى الضعيف، وتكون مكافأة الاختبارات على النتيجة وليست مطلقة، وتخصيص يوم للنشاط الثقافي، والمطالبة بعمل بحث كل شهر لأحد من الطلاب الذين يدرس لهم مرة من طالب متفوق ومرة من طالب ضعيف، وإلزام المدرس بحصوله على شهادة جديدة في كل عام في مجال التدريس والتربية والتنمية، ويجدد له التعاقد كل عامين على حسب تحصيله وقدراته.


وأضاف الخبير التربوي، أنه لو توفر هذا المدرس بهذه الكفاءة سيدفعنا إلى تطوير التعليم من الناحية الفنية في أسلوب الإدارة وتخفيض نسبة التوتر والإزعاج الذي يتزامن مع الاختبارات؛ لأن مستوى الطلاب سيكون واضحًا ومعروفًا، ولن يعتمد على كم الحفظ بل الإدراك والفهم، وتابع، سيدفع ذلك كله إلى تطوير نسق التعليم وهذا قائم على البحث العلمي والمناقشة والحماس وحرية النقد والتفكير.


وأكد أن المجتمع في حاجة إلى إعادة فهم ووعي لأهداف التعليم، مشيرًا إلى أنه في ظل هذا الفقر الرهيب أصبح التعليم من أجل الحصول على ورقة التخرج فقط، حتى لو كانت بالغش، دون غرس الهدف والموهبة في نفوس الطلاب، وتابع نحن في حاجة لتوضيح القيم والمواطنة والأخلاق والثقافة داخل المدرسة وتجريم ما يخالف هذه الأهداف النبيلة.


وأردف الدكتور كمال مغيث، أن المعلمين يحتاجون لنقابة مهنية تحدد ماهية التدريس وخصائص المهنة وتدافع عن أعضائها وتحرص على مصالحهم، مشيرًا إلى أن نقابة المعلمين الحالية يسيطر عليها الفساد الإداري وليس لها أي كيان في الدولة.


واختتم كلامه بأن التعليم أصل كل شيء، والتعليم أهم من الصحة والخبز والأمن القومي، موضحًا أنه لو كانت الجماهير متعلمة سيفعلون كل شيء بأنفسهم.


وفي سياق متصل، قال الدكتور محمود متولي، عميد كلية تربية بورسعيد سابقًا، إن البحث عن التنمية في مجال التعليم أساسه يبدأ من ترقية الجامعات، موضحًا أن الجامعة المصرية تعاني من مجموعة معقدة من الصعوبات، كما أنها غير قادرة على تهيئة المناخ العلمي الجيد للطلاب وللأساتذة.


وأضاف متولي، أن أكثر من ثلاثة أرباع دور التعليم داخل الجامعة يدور حول التدريس وفقط ويتناسى الأساتذة أن الجامعة كالعملة ذات وجهين الأول التدريس والثاني هو البحث العلمي، مؤكدًا أن البحث العلمي هو الأساس في دفع العملية التعليمة إلى الأمام، وتابع أن ما يدور في الجامعات المصرية يؤكد ضعف قدرات أعضاء هيئة لتدريس في مجال البحث، واستدل على ذلك بأن لجان الترقيات يشكون مر الشكوى من مستوى المتقدمين بأبحاث عليمة لحصول على درجات أعلى ومستوى متدنٍ من البحث والمعرفة، وأردف أن من أسباب الضعف أيضًا انشغال المدرسين الجدد بالتدريس مع ضعف جانب التحصيل، بالإضافة إلى انقطاع التواصل بين الأجيال، فلم يعد حديثو التخرج حريصين على الاستفادة ممن سبقهم في الدرجات العلمية.


وأشار إلى أن غياب تطبيق القانون الجامعي وعدم تطبيقه بالطريقة السليمة كان له تأثير سلبي في التعليم، مشيرًا إلى أن القانون لا يسمح للمدرس حديث التخرج الحاصل على الدكتوراه وضع اسمه على الكتاب إلا بعد مرور ثلاث سنوات، كما لا يجوز للمدرس المساعد -أي الحاصل على الماجستير- أن يتأخر في الحصول على درجة الدكتوراه أكثر من سنة فوق المدة القانونية. وأردف أنه لا يجوز أن يبقى المدرسون الذين لم يرقوا وفشلوا في التقدم أن يستمروا في التدريس. وتابع وأن معظم الجامعات الخاصة تضع نسبة 40% من النجاح على الحضور وذلك يعني أن التدريس لا أهمية ولا قيمة له.

وتابع عميد كلية التربية سابقًا، من أسباب ضعف التعليم غياب تدريس اللغات في بعض الجامعات الجامعية، كما أن جميع الكليات العملية لا تجد المعامل أو المساعدين في التدريس لكي يرسخوا المعلومة العلمية لدى الطلبة، وألمح إلى أن الدليل الواضح على انحدار التعليم في هو حاجة السوق إلى كوادر عملية علمية ولا تجد من الخريجين بسبب ضعف المستوى في اللغات والكمبيوتر والتكنولوجيا والتدريب العملي، وأشار إلى أن من الخلل أيضًا أن جداول المحاضرات تكتب بطريقة عشوائية وغياب تام لدور العمداء في توجيه ذلك، مؤكدًا أن هذا من أخص أعمالهم ترتيب المواد على الوضع الذي يرسخ المعلومات ويجعلها متتابعة.


واختتم كلامه بأن التدريس وأسلوب المحاضرة لم يتغير؛ فهو عن كونه إملاء أو قراءة من الكتاب المقرر وهذا ما يجب أن يتغير ويتحول إلى لغة الحوار والمناقشة، بالإضافة إلى تكوين لجنة من الأستاذة في كل كلية لمراجعة الكتاب الجامعي ومنع حديثي التخرج من التأليف والتلاعب بالمناهج.


وفي سياقه، قال الأستاذ مدحت مسعد، مدير مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، إن المشكلة الرئيسة في التعليم تتلخص في شيئين اثنين "المقرر الدراسي، وطريقة التدريس"، مضيفًا أن الدول المتقدمة تحرص على تجنب الحشو والمعلومات الزائدة في المناهج وتعتمد على أساسيات المعرفة، موضحًا أن هذه الفكرة تعتمد على إعطاء الطالب الفكرة العامة للموضوع وتوجيهه للبحث عن المضمون وأساسيات الموضع، مؤكدًا أن هذا سيجعل للطالب دورًا إيجابيًّا وفعالًا في الحركة.


وأضاف مسعد، أنه لا ينبغي أن يكون المعلم هو المصدر الأول والأخير للمعرفة، موضحًا أن دور المعلم يجب أن يكون ميسرًا للعملية التعليمة ومساعدًا للطالب في تحصيل المعلومة ومتابعة دور النشاط والقيم بجوار المساهمة في جانب البحث عن الأفكار الجديدة.


وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم كانت قبل عدة سنوات فعلت دور الأنشطة داخل المدارس بتقسيم الطلبة إلى مجموعات والقيام بأنشطة وأبحاث مشتركة تقوم على تنمية المهارات والقدرات، بالإضافة إلى غرس القيم والمبادئ لدى الطلاب بتوجيه من المعلمين، ولكنها توقفت بعدما قطعت شوطًا كبيرًا في المراحل الابتدائية، مؤكدًا أن استمرارها كان سيساهم في نقل مستوى التعليم نقلة نوعية.


وأردف مدير مديرية التربية والتعليم، أن إصلاح وتفعيل نظام التقويم الشامل كفيل بمعالجة مشاكل التعليم وسبب رئيسي في تطويره بحيث يكون اختبار الطالب مقسمًا على ثلاثة أقسام "معلومات ـــ مهارات وقدرات ـــ قيم وأخلاق"، مشيرًا إلى أنه لو خرج جيل متفوق في هذه الثلاثة سيجعل التعليم في مصر ضمن الدول المتقدمة في جميع المجالات.