الفكر لا يموت

  • 126

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد؛

كلمة تقرع آذاننا دائما "الفكر لا يموت"؛ لذلك كان حرص الدعوة السلفية دائما دراسة القضايا الفكرية، كقضية الإيمان والكفر - الجهاد في سبيل الله - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر- ضمن المنهج الموضوع لبناء الشخصية المسلمة؛ حفاظا على العقل السلفي من الانحراف مع تيار الأفكار المنحرفة، المخالفة لمنهج السلف.

قديما ومنذ أكثر من ثلاثين سنة، تصدت الدعوة السلفية لكثير من هذه الأفكار " كتكفير المجتمعات، أو التوقف في إسلامها، دون استخدام الصدام المسلح، وتصدت كذلك لمن يتبنى الصدام المسلح، سواء كان هذا الصدام بعد تكفير مؤسسات الدولة، مثل: الجيش، والشرطة، والقضاء، ثم قتالهم وقتلهم، حتى يقطع النداء الداخلي لديه بالتأنيب، أو من يرى الصدام المسلح مع هذه المؤسسات، بتأويل أن هذه طائفة ممتنعة من إقامة شرع الله، وعلى فرض هذا التأويل ، فصاحبه لم يراع قاعدة المصالح والمفاسد، وحال القدرة والعجز، والقوة والضعف، إما لأنه ينكرها، أو يرى فيما يفعله المصلحة وزوال المفسدة، كانت الدعوة تنكر، وتدين، وتعيب هذا الفكر المنحرف، الذي يودي بزوال الدعوة في حس الناس، ودخول البلاد في فوضى عارمة، فضلا عن سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، التي هي عند الله عظيمة بغير وجه صحيح.

ولم تسلم الدعوة آنذاك من الاتهام بالخيانة، والتخاذل، والعمالة. دارت الأيام، ومرت السنوات، وعرف أصحاب هذا الفكر المعوج قبل غيرهم خطأ ما كانوا عليه، وصحة المنهج الذي تتبناه الدعوة، وقام أصحاب هذا الفكر بنشر مراجعات، تبين خطأ ما كانوا عليه، وصحة مواقف الدعوة، ولكن كما ذكرنا، أن الفكر لا يموت بموت أصحابه ولا بتراجعهم.

ظهر هذه الأيام، وأثناء أحداث الفتنة، التي نعيشها، من يرى أنه صاحب الحق في احتكار مفهوم العمل للدين، ولذلك ينظر نظرة استعلائية للمجتمع بأسره، بل ويتوقف في الحكم لهم بالإسلام، وهو يضمر تكفيرهم في الحقيقة، كقوله: من لم يعمل بالإسلام، ولم يعمل للإسلام، فليس بمسلم، وخرج من يقسم المجتمع إلى مسلمين وكفار، بغير مستند شرعي. خرج أصحاب الفكر المسلح التكفيري مرة أخرى، يكفرون عباد الله بغير برهان ودليل، ساطع كالشمس في رابعة النهار، خرج مكفرا لقيادات الدعوة السلفية، وهذا يظهر حنق قديم؛ بسبب أن الدعوة قادتها، وأبنائها، هم الذين وقفوا أمام هذا التيار المنحرف الفكر محاربين له.

ومحاربة الفكر المنحرف لا تكون إلا بفكر صحيح مضاد له، وكأن هذا الذي يحدث من حملات التشويه والحرب الإعلامية الضروس؛ تصفية حسابات قديمة مع أبناء الدعوة السلفية، هذا التعصب الأعمى الممقوت لن يدوم طويلا، كما حدث له أول أمره. فعودة لمنهج السلف، قبل أن تدخل البلاد نفق مظلم من الأفكار المنحرفة.

والحمد لله رب العالمين.