الإخوان والدولة الانقلابية

  • 114

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد،

مما أثار حفيظة الساحة السياسة ما قامت به جماعة الإخوان من إعلان المشاركة في انتخابات نقابة الأطباء، هل هذا الذي فعلوه اعترافا منهم بالدولة الانقلابية؟ أم أن هذا تعاملا مع واقع مفروض لابد من التعامل معه، ولا يعد ذلك خيانة أوعمالة؟ أم أن هذا تقليلا لحجم الخسائر الفادحة التي لحقت الجماعة؟ وهل هذه المشاركة تمهيدا منهم للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، ومن ثم إعترافا كاملا بما يسمونه الدولة الانقلابية؟ أسئلة كثيرة أفرزتها هذه المشاركة –مما لاشك فيه أن هذه المشاركة تعد اعترافا ضمنيا بهذه الدولة، وضرورة التعامل معها.

وقد اعتبر الدكتور مصطفى النجار، عضو مجلس الشعب السابق، في عبارة مختصرة للإجابة على السؤال الأول أن مشاركة الإخوان في انتخابات الأطباء، التي أشرف عليها القضاء، يعد اعترافا بشرعية السلطة القائمة وتراجعا استراتيجيا في موقفهم، يمهد الطريق لخطوات مماثلة وأضاف "النجار"، خلال تغريدة له على "تويتر":إن انتخابات النقابات تتم تحت إشراف قضاء الدولة، وإذا لم تكن معترفا بشرعية الدولة لا تتعامل مع كل مكوناتها، ولا تستثنى إذا كنت صاحب مبدأ. والإجابة على السؤال الثانى قد أجاب عنها حزب النور إجابة عملية، عندما أتهم بالخيانة والعمالة، عندما قال: إننا نتعامل مع واقع فرض علينا، لم نصنعه أو نريده.

فلما الكيل بمكيالين هل كان حزب النور خائنا، والآن حزب الحرية والعدالة شريفا عندما تعامل مع الواقع هو كذلك، أين مقياس الإنصاف – ومن أوجه تبرير المشاركة عند جماعة الإخوان، أننا دخلنا لنحافظ على أموال لجنة الإغاثة لسوريا، وفلسطين من أن تقع في أيدى الانقلابين – وبغض النظر عن صحة هذا المنطلق من عدمه، كل هذا لا يعدو في مفهوم الشرع إلا تقليلا لحجم الخسائر، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه – وهذا هو بعينه الذى قامت به الدعوة السلفية، وحزب النور بداية من الظهور في مشهد 3/7؛ لتقليل حجم الخسارة التى نالت أبناء التيار الإسلامي وخوفا من استئصال الصحوة الإسلامية في مصر، وكان هذا مراد القوم - ومن ثم كانت المشاركة في لجنة الخمسين؛ للحفاظ على الهوية الإسلامية من أيدى العابثين، وقد تم الحفاظ عليها في الدستور الجديد بفضل الله وحده ثم خيار أمر المشاركة بجهود أبناء الدعوة والحزب، فكانت هذه المشاركة مبنية على قواعد شرعية في تقليل المفاسد وتحصيل المنافعالممكنة- ومع ذلك قامت الألة الإعلامية لدى الإخوان بهجوم شرس على الدعوة والحزب؛ بسبب هذه المشاركة.

وبسبب دعوة الحزب والدعوة لجموع الشعب للتصويت بنعم على الدستور الجديد، وأن ذلك يعد تمكينا للدولة الانقلابية واعترافا كاملا بها، وهذه الصيحات الرنانة التي تحوي في طياتها إرادة إسقاط الدعوة السلفية، وحزب النور قبل الدولة المصرية –ففى أى الموازين نضع مشاركة الإخوان في هذه الانتخابات؟ وأخيرا أرى أن ذلك تمهيدا منهم للمشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة؛ لأن هذا الأمر عندهم غاية يرومون الوصول إليها، ولم ينشغلوا بغيرها فكيف يتركونها أيا كانت المبررات، ولكن ماذا ستكون إجابتهم للقواعد على ضوء هذه المشاركة، لا سيما من بعض السلفيين الذين أحسنوا الظن -وإن غدا لناظره قريب.

والحمد لله رب العالمين.