"جنيف 2" بداية شاقة لمفاوضات النوايا السيئة

  • 111
الائتلاف بين سندان الانشقاقات ومطرقة الضغوط الدولية


تشهد تمخضات عقد مؤتمر "جنيف2" المزمع 22 الجاري ترتيبات الساعات الأخيرة والغالب عليها النوايا السيئة بين طرفي الأزمة وحلفائهما، بينما يزداد الموقف حساسية مع استمرار العنف دون أي قرار من مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار بشكل فوري بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ومرد ذلك لرغبة طرفي الصراع على ساحة الاقتتال الأهلي السوري ترجيح كفته في تفاوض موزاين القوى على أجندة المؤتمر.


ويرى مراقبون أن اختلاف المعارضة وانشقاق عدد من الكتل الرئيسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، يصعب من عقد المؤتمر إذ لا معنى لعقد المؤتمر دون تواجد الائتلاف بشكل موسع كممثل رئيس للمعارضة السورية، بينما يدب الخلاف في أوصال الجبهات المقاتلة ضد النظام السوري.


ورغم أن إيران ستغيب عن المؤتمر بشكل رسمي لكن يرجح محللون سياسيون أنها بمثابة الحاضر الغائب، الحاضر على ساحة القتال من خلال حرسها الثوري الإيراني داخل الأراضي السورية، والحاضرة أيضًا بإبداء المشورة للنظام السوري عبر وسائل الاتصال.


الائتلاف السوري الذي رحل حسم موقف المشاركة من جنيف إلى 13 يناير الجاري كي يحسم موقفه، وسط ضغوط من المجلس الوطني السوري المعارض، بعدم المشاركة بعد أن قرر الأخير اتخاذ القرار بشكل منفرد وحسمه عدم المشاركة والجلوس على طاولة المفاوضات مع نظام لايزال يستحل الدم والخراب وينوي بقاء الأسد، بينما يواجه الائتلاف ضغوطًا هائلة من الولايات المتحدة كي يقوم بالمشاركة دون شروط مسبقة.


تزداد تعقديات التئام المؤتمر مع رغبة قوى دولية وإقليمة لتحويل دفة المؤتمر بدلا من تغيير النظام السوري وإيقاع العقاب الدولي عليه بإقصائه ورموزه المتورطة في قتل آلاف السوريين، لتكون هوية المؤتمر تحت عناوين المشاركة في السلطة والمصالحة بين النظام والمعارضة ومكافحة الإرهاب، وهو ما تسعى كل من روسيا وإيران من خلف الكواليس وعلانية أن تدفع إليه، وهو ما يروق للجانب الأميركي الذي انشغل بتفكيك الأسلحة الكيماوية غاضًا الطرف عن القصف الجوي للنظام على المدن المحررة.


ليس ذلك وفقط فإن ترتيبات الساعات الأخيرة تبدو غاضمة كثيرًا وما هي البنود التفاوضية بخلاف ما اتفق عليه في جنيف 1 يونيو 2012، وما هو مقبول ومرفوض من طرفي الأزمة الذين يتشدد كل منهما بموقفه الرافض لأطروحات الأخر، فالمعارضة تسعى لمرحلة انتقالية دون الأسد ونظامه، والنظام يعزز من العنف في الأراضي السورية لإجبار المعارضة كي ترضخ بتواجده، بل وعدم محاسبة من تصفهم المعارضة بمرتكبي الجرائم ضد الشعب السوري.


وما بين هذا وذاك يتوقع العديد من المراقبين والدبلوماسيين والمعارضة السورية بعدم إنجاز "جنيف2" المبتغى منه وسيكون هناك مضمار طويل من المفاوضات الشاقة والشد والجذب، لكن السؤال الأكثر أهمية كيف يمكن وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية؟ ويجيب البعض إذا خلصت النوايا، لكن سرعان ما يقاطع ذلك الرد أخر من مدرسة الواقعيين ليقول "لا نوايا حسنة في السياسة والمفاوضات". أما عن ضمانات نجاح مؤتمر "جنيف2"، كما يقول الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية"لا توجد ضمانات في العلاقات الدولية".


وتضرب الاختلافات أطناب الائتلاف السوري الذي اتهمته كتل معارضة بأنه أرسل موافقته على المشاركة في جنيف2 وأن تلك اجتماعاته بأعضائها تحصيل حاصل، لأنه بالفعل استلم دعوة رسمية من قبل الأمم المتحدة الهيئة المنظمة للمؤتمر، والتي أكدت أنه من الناحية القانونية لا يمكن توجيه الدعوة لأي جهة مشاركة دون موافقتها رسميًا، وهو ما أدى إلى انشقاق 45 بالمئة من الائتلاف اعتراضًا بسبب ما أسموه غياب المؤسسية وانحراف الائتلاف عن مساره في خلال الستة أشهر الأخيرة.


ويرى مراقبون أنه لم يعد هناك وقت للكلام ويجب التأكيد على تلك الأمور في اجتماع باريس 12 الجاري حتى لا يشعر الائتلاف السوري بمزيد من الحرج والتشتت أمام الشعب السوري ومؤيديه في الداخل والخارج، بناء على ما اتفق عليه أيضًا في مؤتمر لندن 22 أكتوبر 2013 وفي مقدمته أنه لا مكان لبشار الأسد في العملية الانتقالية ولا في مستقبل سوريا.


ويتهم معارضون سوريون الولايات المتحدة الأميركية عبر سفيرها "ربورت فورد" بأنه أوعز لبعض المعارضة بضرورة الذهاب إلى جنيف2 بلا قيد أو شرط والتوقيع على ما يسمى محاربة الإرهاب، وهو ما ترفضه المعارضة التي تتشكك في أن ذلك يحول الهدف من المؤتمر تمهيدًا لتحويل الثوار على الأرض إلى إرهابيين ولكي ينصبوا في المقابل بشار الأسد أنه محاربًا للإرهاب.


واتهم مصطفى نواف العلي أحد المنشقين عن الائتلاف السوري، كل من الأخضر الإبراهيمي والغرب بأنهم يحاولون أن يصيغوا معارضة مفصلة على مقاييس النظام وأميركا والغرب الذي تجاهل كل هذا الإجرام على الأرض السورية وسحب السلاح الكيماوي السوري بقرار بينما تغاضى عن فرض منطقة خظر للطيران الحربي السوري الذي يدك السوريين ومدنهم خلال ثلاث سنوات.


في حين يقول البعض في تفسير معطيات جنيف2 بأنه من الأهمية أن ندرك أن للمجتمع الدولي مصلحة في انعقاد جنيف2 ولكن على السوريين أن يؤمنوا مصالحهم، وأن التفاوض على جنيف بدء، أما الصراع داخل الائتلاف فطبيعي في كل التنظيمات لكن لا يجب أن ينتهي بالطلاق.