توحيد خطبة الجمعة الوزارة: هدفنا ضبط المساجد .. وليس فرض الوصاية عليها

  • 254
الجامع الأزهر


أثار قرار وزير الأوقاف بشأن توحيد موضوع خطبة الجمعة جدلا بين مؤيد ومعارض، فيما أكدت الوزارة أن هدفه ضبط المساجد فى تلك الفترة من تاريخ الوطن، وليس فرض الوصاية عليها.

وكان الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أصدر قرارا بتاريخ 26 يناير 2013 بتوحيد خطبة الجمعة بجميع مساجد مصر؛ بناء على خطة دعوية مسبقة تعمم فى بداية كل شهر تشمل أربع خطب متتالية، كما أوضح القطاع الدينى بوزارة الأوقاف أن هناك خطة سيتم تحديد موضوعاتها شهريا وتُنشر فى موعد أقصاه يوم 20 من الشهر السابق.

وأكدت الوزارة مسئوليتها عن إقامة الجمعة والشعائر بجميع مساجد مصر، وأنها ماضية في ضم جميع مساجد مصر إليها، والأولوية في الضم ستكون لأي مسجد لا يلتزم بالخطة الدعوية التي تحددها والمنهج الذي تلتزمه من الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة، دون أي توظيف سياسي أو حزبي أو مذهبي أو طائفي للمنبر أو للمسجد.

وأشار البيان إلى أنه إذا كان جمهور الفقهاء اتفقوا على أن الخطبة لا تنعقد إلا في المسجد الجامع وبإذن من الإمام أو نائبه، فإن القياس والمصلحة يقتضيان الآن جمع الشمل وتوحيد الكلمة والاجتماع على كلمة سواء؛ لذلك قررت وزارة الأوقاف توحيد خطبة الجمعة على مستوى الجمهورية في جميع مساجد مصر ابتداء من الجمعة المقبلة .


قررت وزارة الأوقاف أن تكون خطبة الجمعة اليوم بكل مساجد الجمهورية حول "الشباب ودوره فى بناء الوطن"، وتشمل عناصر الخطبة عناية الإسلام بالشباب وضرورة الإفادة من طاقات الشباب فى مشروعات منتجة.

ونبهت الوزارة على أئمتها بضرورة الالتزام بالخطبة الموحدة؛ حفاظا على استقرار المساجد وإبعادها عن أى صراعات حزبية أو سياسية أو مذهبية.

وكان وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، قد أعرب عن رضاه بالتزام غالبية الأئمة بموضوع خطبة الجمعة الماضية حول تطوير العشوائيات فى أول يوم لتطبيق النظام الجديد, مرحبا بتوجيهات قيادات الجمعية الشرعية وأنصار السنة المحمدية لخطبائهم بالالتزام بالخطبة الموحدة التى تحددها الوزارة.

وأكد الدكتور مصطفى إسماعيل، الأمين العام للجمعية الشرعية أن الجمعية الشرعية حريصة كل الحرص على التعاون مع وزارة الأوقاف في تنفيذ خطتها الدعوية وكل ما يحقق أمن الوطن واستقراره ومصالحه العليا، خاصة في هذه المرحلة الفارقة في تاريخ الوطن والتي تحتاج إلى تضافر جهود جميع أبنائه المخلصين من أجل البناء والتعمير من جهة، وجمع شمل أبناء الوطن جميعا ونبذ كل أسباب الفرقة والخلاف من جهة أخرى.

وقال الشيخ عادل نصر عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، القرار من شأنه وأد القدرات الخطابية لخطباء الوزارة, وتنفير الناس من الصلاة، وإشعارهم أن الخطباء لا يجيدون الحديث, وأن المنابر موجهة؛ ومن ثم يفقد الناس الثقة بالدعاة الناصحين للأمة.

وأضاف نصر، من حق الوزير توجيه الأمة لكن بذكر المحظورات فى الخطبة، أما تحديد موضوع الخطبة فيحول الخطيب إلى آلة ولن يطيق أحد من المصلين ذلك.
وحول قرار الوزير بمعاقبة الإمام الذي يخالف موضوع الخطبة المحددة, أكد نصر أنه لا عقوبة إلا على نقيصة شرعية؛ وهذا الأمر لا يعد من النقائص الشرعية, ودور الخطيب هو التوجيه والنصح للمسلمين؛ فالخطيب يذكر المحاذير ويتخير من الموضوعات ما يلائم واقع الناس, مضيفا أنه ممنوع على الخطيب التكلم فى مصالحه أو آرائه الشخصية.

وأشار نصر إلى أن الطريقة المثلى لتطوير أداء الخطباء تتم بالإعداد الجيد لتحمل المسئولية ومعرفة مصلحة البلاد، مع الإشراف العام والتوجيهات الرسمية، وليس إملاء خطبة على الأئمة مما يؤثر على فقد ثقة الناس فى الأئمة وقتل ملكة الخطابة عندهم.
بينما اعتبر الدكتور عبد الغفار طه عضو اللجنة الإعلامية لحزب النور, هذا القرار إجرائيا يهدف إلى معالجة أمرين، الأول هو التغلب على ضعف المستوى العلمي لعدد من الأئمة وخطباء الأوقاف من خلال مدهم بموضوع وعناصر الخطبة, ثانيا التغلب على التوظيف السياسي الخاطئ للمنابر.

وأضاف طه، أن الأمرين يحتاجان إلى إجراءات أكثر واقعية وعمق لمعالجة المشكلة, موضحا أنه لا يكفى إعداد خطبة وتوزيعها على الخطباء، بل يجب وضع برامج إعداد وتأهيل للخطيب نفسه لرفع قدراته العلمية والخطابية.

وأوضح طه، أن التغلب على قضية التوظيف السياسي الخاطئ للمنابر تكون عن طريق وضع إطار منضبط لدور المنبر؛ بحيث لا يتعداه إلى القضايا الاجتهادية والسياسية التى تحدث انقساما فى المجتمع وبين المصلين.

وشبه الشيخ عبد الرحيم محمد إمام مسجد أبو عجيزة في بنى سويف, قرار الوزير كأن وزارة الصحة تصف دواء واحدا لجميع المرضى على اختلاف أمراضهم, موضحا أن الخطيب يراعى فى تحديد موضوع الخطبة وكيفية تناولها على المنبر عقلية المصلين من أهل هذا المسجد, فما يصلح قوله فى مسجد بأحد المدن لا يصلح قوله بمساجد القرى، وتختلف حتى عقلية المصلين من محافظة إلى أخرى.

وأوضح أن الوزارة تحدد موضوعات عامة وعناصر للخطبة وكثير من الأئمة قد يصعب عليه تكييف هذه المواضيع مع عقلية المصلين فى مسجده؛ مما يؤدى إلى نفور الناس من الخطبة, موضحا أن الوزارة حددت لهذا الشهر موضوعات عن "دور الشباب" و"الأمل فى العمل" و"العمل والعقل" و"الحفاظ على البيئة"، ولم تتطرق إلى ما يعانيه المواطن من مشكلات وكيفية معالجتها بالطرق الشرعية.

وأضاف الشيخ إسماعيل الغندورى إمام وخطيب بمدينة 6 أكتوبر, أن الموضوعات المحددة تصلح فى أماكن ولا تصلح فى أماكن أخرى, مطالبا أن تحدد الوزارة أكثر من اقتراح لموضوعات الخطبة يختار منها الخطيب بحسب أحوال المسجد الذى سيعتلى منبره.

وذكر الغندورى أنه عندما حددت الوزارة موضوعا عن دفع فواتير الكهرباء، لم يستطع أن يتحدث فى هذا الموضوع، مؤكدا أن المصلين كانوا سيهاجمونه ؛ حيث إن الكهرباء دائمة الانقطاع عندهم وبشكل مستمر.

وأشار الغندورى إلى أن المستوى العلمى للخطيب وتخصصه الدعوي قد يمنعانه من أداء الخطبة المقررة من الوزارة بالشكل المطلوب.

وقال الغندورى، بالرغم من ذلك فالقرار فى مضمونه جيد إن عالج قضايا ملحة فى المجتمع كقضايا التكفير والأفكار المتطرفة وخطورة العنف على المجتمع, فيجب توعية الناس بمثل هذه القضايا وخطورتها, مضيفا على الوزارة أن تدرج ضمن خطبها موضوعات مثل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وآداب الخلاف, وكلها مفاهيم يجب أن تصحح للناس، وثقافة لا بد أن تنتشر بينهم.

وتابع، يجب أن توازن الوزارة بين الموضوعات التى تخاطب العقل والموضوعات التى تخاطب القلب والجانب الإيمانى عند المسلمين, فالمصلين يأتون للمسجد للتعبد لله والتقرب له بالطاعة, فيجب على الخطيب مخاطبة قلب المصلى كما يخاطب عقله.

وأوضح أن وظيفة الداعية فى المقام الأول هو إصلاح قلوب الناس؛ فالقلب هو ملك الجوارح, وهو الوازع الذى يمكن عن طريقه علاج سلوكيات الإنسان.

وقال الشيخ عبد الله درويش أحد علماء وزارة الأوقاف, إنه غير محبذ لقرار وزير الأوقاف بتعميم خطب الجمعة، مشيرا إلى أنه من الأفضل ترك الأمر للخطيب دون تقييده بأزمة مواضيع محددة.


وقال إن قرار الأوقاف يعد نوعا من أنواع التضييق على الأئمة والدعوة، مناشدا وزارة الأوقاف بترك الفرصة للإمام لاختيار خطبته ، ومعالجة قضايا مجتمعه وبيئته دون قيد أو إلزام.