عاجل

أيّها المسلمون.. أفلا تعقلون؟

  • 127
أرشيفية

أيّها المسلمون.. أفلا تعقلون؟

خرج أكثر الناس من رمضان وكأنهم كانوا مقيدين في حبس ثم فُكّ قيدُهم ولا حول ولا قوة إلا بالله، لقد عادوا إلى حياتهم التي كانت قبل رمضان، ونسوا -أو تناسوا- تلك العهود والوعود التي عقدوها مع ربهم عز وجل بأن حالهم معه بعد رمضان -على الأقل- سيكون أفضل مما كان قبله، لقد عادوا إلى ترك الصلاة في جماعة في المساجد، وعاد انشغالهم بمباريات الكرة وبرامج اللهو والعبث التي تبثها قنوات الفساد كما كان قبل رمضان، وعادت المصاحف إلى أمكنتها المعتادة على الرفوف، وبالاختصار أصبح كثير من الناس ينطبق عليهم تحذير الله تعالى في كتابه بقوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}، وهو مثَل ضربه الله عز وجل للتحذير من إبرام العقود والعهود ثم نقضها كتلك المرأة التي تصنع غزلها في الصباح حتى يصير غزلا قويا ثم تنقضه في المساء فيصبح كأن لم يكن.


وأنا أنصح نفسي وإخواني وكل مسلم بأن يعلم أن أبواب الخير لا تغلق بل هي دائما مفتوحة ولكنها تبحث عن الرجال، عن العاملين المخلصين الذين يبتغون وجه الله عز وجل، عن أصحاب العزائم القوية، ومن تلك الأبواب؛ باب عظيم يغفل عنه الكثير من الناس وهو باب الصدقات، وسواء كانت الصدقات بالكثير من المال أو القليل فإن فضلها عظيم.


فإذا كنت أخي المسلم تخشى غضب الرب عز وجل وتخاف ميتةَ السوء وتحذر من سوء الخاتمة؛ فعليك بالصدقة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء» أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح، والمقصود بميتة السوء التي تكون في سبيل معصية الله -نعوذ بالله من ذلك-.


وإذا كنتَ أخي المسلم مريضا أو عندك مريض عزيز عليك فما الذي تنتظره بعد أن قال صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة»؟.


ويالها من بشرى عظيمة حين قال أيضا: «ما يُخرج أحدٌ شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لِحيَيْ سبعين شيطانا»، وهذا يدل على أن في الصدقة ترغيم للشيطان الذي يحاول أن يصد المسلم دائما عن تلك الطاعة العظيمة ومنعه من التنعم بها في الدنيا والآخرة.


وإذا كنت قد خرجت من رمضان وترجو أن يكون الله عز وجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك فالفرصة لديك متاحة والباب مفتوح على مصراعيه؛ فهذا رسولك صلى الله عليه وسلم يدعوك لأن تلِج الباب كما دعا معاذ بن جبل رضي الله عنه ودَلّه على أبواب الخير بقوله: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النارَ» رواه الترمذي وقال حسن صحيح.


وقد روى الترمذي بإسناد حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان» رواه الترمذي بإسناد حسن.


وإذا كانت الصدقة بشِقّ تمرة تفعل ذلك، فما الذي تنتظره أيها المسلم غنيا كنتَ أو فقيرا؟

ولماذا تقبل على نفسك هذا البخل؟


وبالله عليك ما فائدة المال إذا لم يكن وسيلة لزحزحتك عن النار وإدخالك الجنة؟


أيها المسلمون، أيها الأغنياء -وما أكثرهم-: القبور في انتظار الجميع؛ فأنقذوا أنفسكم من ضيقها وعذابها، ومن النار وحرها ولهيبها.

أيها المسلمون، أفلا تعقلون؟