فاينانشيال تايمز: سوريا على الطريق لكي تكون "أفغانستان البحر المتوسط"

  • 110
صورة ارشيفية

قال الكاتب البريطاني ديفيد جاردنر إنه إذا كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قلقا بشأن أفغانستان والعراق، فإن سوريا على الطريق لأن تصبح "أفغانستان على البحر المتوسط"، مشيرا إلى أن ألوية مسلحة على شاكلة تنظيم القاعدة تكتسب بالفعل أرضا ونفوذا في سوريا أكثر مما فعلت في أعقاب اجتياح العراق بقيادة أمريكية.

ولفت جاردنر - في مقال نشرته صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية الجمعة- إلى محادثات جنيف قائلا "إن نتائجها لم تتجاوز التوقعات التي كانت متدنية بالفعل..ولا يزال المدنيون السوريون يلقون حتفهم بالألوف جراء القصف بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية أو..من الجوع.

وأوضح أن نحو عشرة ملايين سوري يترقب إغاثة خارجية بينما يتواجد أكثر من 3 ملايين لاجئ، فيما سقط نحو 150 ألف منذ اندلاع الحرب الأهلية إثر تقرير النظام سحق تظاهرات شعبية حاشدة طالبت بالتغيير.

وأضاف الكاتب الصحفي "لا يزال الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة بفضل مساعدة حلفاء له مثل إيران وجماعة "حزب الله" اللبنانية وروسيا التي أمدته بالسلاح الكافي ودعمته سياسيا في أروقة الأمم المتحدة".

وتابع جاردنر "يبدو الأسد غير منزعج كما ينبغي، فهو لابد مدرك تماما أن وقت الخطر الحقيقي قد انقضى الصيف الماضي عندما كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما بصدد اتخاذ قرار بشأن توجيه ضربة صاروخية ضد نظامه إثر استخدام غاز السارين المحرم دوليا ضد خصومه بالمعارضة".

ولفت إلى أن أوباما كان توعد مرارا وتكرارا بأن استخدام السلاح الكيماوي خط أحمر من شأن تخطيه تغيير الحسابات بشأن الصراع السوري.

وقال جاردنر " إذا كانت الحسابات تغيرت بالفعل، فقد صب هذا التغير في صالح الأسد".

ورأى أنه بعد تلقف واشنطن للمقترح الروسي في سبتمبر الماضي بتدمير ترسانة السلاح الكيماوي السوري، تصرف نظام الأسد على نحو يشير إلى أنه لم يعد يأبه لتهديدات جوفاء من واشنطن وحلفائها.

وقال جاردنر "إن تبعات السياسة الأمريكية الحالية إزاء الأزمة السورية تبدو واضحة، إذ تشير إلى أن الغرب لم يكتف بالتخاذل وغض الطرف عن معاناة سوريا، وإنما بمزيج قاتل من المغامرة والتردد هلل الغرب (أمريكا وأوروبا) للمعارضة السورية في مواجهة النظام واعدًا إياها بتقديم الوسائل اللازمة للإطاحة بهذا النظام ثم تعاقد هذا الغرب من الباطن مع حلفاء خليجيين بتسليح قوات المعارضة".

ورأى الكاتب أن نظام الأسد وجد أعداء على مزاجه؛ فبعد أن تحولت ساحة سوريا إلى مغناطيس جاذب للجهاديين الدوليين الذين أتوا لنصرة أبناء المذهب السني في مواجهة النظام الشيعي، بات في استطاعة الأسد أن يطالب العالم بمساعدته في محاربة الإرهاب.

أما بخصوص اتفاقية التخلص من السلاح الكيماوي، يرى جاردنر أن الأسد استفاد منها بالاستمرار في قتل السوريين بأي سلاح آخر باستثناء الكيماوي.

وعاد جاردنر بالأذهان إلى عام 1998 منوّها عن الأثر الإيجابي للتهديد العسكري على نظام حافظ الأسد عندما حشدت تركيا دباباتها على الحدود السورية لإرغامه على التخلي عن المسلحين الأكراد في الجنوب الشرقي التركي، كما نوه عن انصياع الأسد الإبن، بشار لواشنطن في أكتوبر 2005 تخوفا من انتقام أمريكي بعد مساعدته للمجاهدين لدخول العراق لقتل الأمريكيين هناك.

واختتم مقاله بالتأكيد على أنه مالم تتضمن الخيارات الأمريكية المطروحة إزاء سوريا خيار التهديد بالقوة، فإن شيئا لن يتغير على الأرض السورية وسيتمدد الصراع الذي يسمم المنطقة ويهدد العالم.