الدين العام يتجاوز الخطوط الحمراء ويقفز إلى 100% "تقرير"

  • 167
أرشيفية

مازالت الحلول المقترحة غائبة أمام حكومة المهندس شريف إسماعيل عدا تطبيق سياسة الاقتراض من الخارج ولا شيء سواه، الجميع في الأجهزة السيادية في سباق مع الزمن من أجل إنهاء شروط صندوق النقد الدولي وكأن عجلة الاستثمار والتنمية توقفت وأعلنت عدم الدوران إلا من خلال هذا القرض، فما أن أعلن عن حصول مصر على الشريحة الأولى من قرض الصندوق حتى عم الفرح جميع أرجاء الدولة كأن عجلة الصناعة دارات وشغلت آلاف المصانع المتوقفة!.

مع هذا وبكل أسف تناست حكومة الاقتراض أن إجمالي الدين العام يرتفع بشكل "ملحوظ" وأن كل مواطن في مصر مدين إلى الخارج بمبلغ لا يقل عن 33 ألف جنيه وفق الحسابات الرسمية، فعدم التحكم في الأسعار أدى إلى حدوث ارتباك اقتصادي واستثماري لا يستطيع أحد تجاهله على المدى القريب أو البعيد.

لم تشفع كارثة التعويم في وقف حالة التذبذب التي شهدها سوق الصرافة على أسعار العملات الأجنبية، فالدولار يباع في البنوك بأسعار مختلفة وفق المنطقة والعرض والطلب، يأتي هذا مع وجود عدم ترتيب أولويات المرحلة الاقتصادية، وارتفاع نسبة التضخم وتراجع دخل قناة السويس المتأثرة بالركود العالمي، وتراجع تحويلات المصريين بالخارج.

وجاءت تصريحات المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، بشأن ارتفاع الدين العام في موازنة العام الحالي ليتراوح بين 95 و100%، ووصف رئيس الوزراء ارتفاع الدين العام إلى هذه النسبة بـ"المؤشر الخطير"، مضيفًا أن اعتمادات خدمة الدين العام تمثل 31% من موازنة 2016-2017.

وقال إسماعيل إن برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي يهدف خلال الثلاث سنوات المقبلة إلى خفض الدين العام الإجمالي ليكون ما بين 85 ــ90%، حيث زادت نسبته من 79% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009-2010، إلى نحو 95-100 % في موازنة العام الحالي.

وأشار إلى أن البرنامج الاقتصادي يستهدف تحقيق اقتصاد سوق منضبط وتوفير فرص عمل لائقة، كما يستهدف خفض معدلات البطالة والفقر وزيادة معدلات النمو بنسبة تزيد على 6% في السنوات المقبلة.

يأتي هذا في حين ارتفع الدين المحلي في نهاية يونيو الماضي ليصل إلى 2.619 تريليون جنيه، مقابل 2.116 تريليون جنيه في نهاية يونيو 2015، بحسب بيانات للبنك المركزي.

وشكك مراقبون من تصريحات الهندس شريف إسماعيل مؤكدين أن الدين المحلي تجاوز  3 تريليونات جنيه وليس 2.6 تريليون كما أعلن رئيس الوزراء،  في حين ارتفع الدين العام إلى 120%!

 ويرى الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق، أن الحكومة أهملت وتناست الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي ذهبت أدراج الرياح، محذرًا من تآكل تلك الطبقة التي تزيد على أكثر من 40 مليون مواطن.

وأضاف عبد الخالق لـ"الفتح" أن القيادة السياسية أولت الاهتمام الأكبر بالمشروعات الكبرى التي استنفذت الموازنة العامة للدولة، من بينها العاصمة الإدارية الجديدة، مشددًا على أن هذا المشروع لم يُدرس على الوجه الأكمل واتخذت القرارات فيه دون دراسة  دقيقة، متسائلا: كيف يتم تنفيذ مشروع بهذا الحجم دون أسانيد علمية؟ مرجحًا أن تلتحم العاصمة الإدارية بالقاهرة الكبرى في غضون 10سنوات المقبلة.

وبسؤاله عن الدين العام أوضح أن تزايد الدين العام تجاوز الخطوط الحمراء، فمؤشره قفز لـ100% من الناتج المحلي أمر كارثي، موضحًا أن المعدل الآمن يجب أن لا يزيد بأي حال عن عن 55% وفق المعدلات العالمية و"معاهدة ماسترخت"وهي عبارة ألا يزيد الدين عن 55% من إجمالي الناتج المحلي.

ودعا وزير التجارة والتضامن الأسبق الحكومة أن تكف عن مجاملة رجال الأعمال والمستثمرين وكبار الموظفين على حساب الطبقات الكادحة والفقيرة، مؤكدًا أن مصر تعيش في مجتمع "ريعي  الأراضي" فيها أهم ممن يعمل عليها، مطالبًا بعودة المشروعات سريعة العائد كالشركات والمصانع المتوقفة؛ فالاقتراض سيؤدي إلى مزيد من الأعباء على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

ووصف حمدي البصير مدير مركز الحقوق الاقتصادية، سياسة الحكومة في الاقتراض بالدواء المر، لافتًا إلى أن شروط الصندوق قاسية وصارمة للغاية ولن تتوقف بعد الشريحة الأولى، متوقعًا أن الشريحة الثانية ستشهد مطالب أخرى قد تكون من بينها رفع الدعم الكلي عن الوقود ورفع الدعم عن الكهرباء والمياه، إضافة إلى رفع الدعم عن بطاقات التموين بعد وصول الدعم النقدي إلى 21جنيهًا فقط، متخوفًا من دخول البلاد في مرحلة العجز التام إثر الاقتصاد المأزوم "بحسب وصفه".

وأضاف البصير لـ"الفتح" أن الخطر الأكبر يكمن في ارتفاع معدل التضخم، مشددًا على ضرورة تخصيص جزء من القرض في تشغيل الصناعات الكبرى كالحديد والصلب والغزل والنسيج وتشغيل مصنع الأسماك خلف أبو سمبل وغيرها من المشروعات الكبرى، متخوفًا من تجارب مصر السابقة في الاستفادة من القروض في علاج عجز الموازنة والاحتياطي النقدي.

وطالب سيد المحرزي المحامي بالنقض، الحكومة أن تنفذ حالة التقشف على الوجه الأكمل، مضيفًا أن الفكر المتجمد أصبح السمة الغالبة في إدارة الحكومة أمام الأزمات التي تواجهها، مطالبًا بضرورة البحث عن حلول واقعية تلائم المجتمع المصري بعيدًا عن البيروقراطية.