"برهامي": هل نتصور إعلاءً للدين على أيدي المنحرفين من الجماعات التكفيرية وغيرها ؟!

  • 286
د. ياسر برهامي - نائب رئيس الدعوة السلفية

قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بمصر، مع تَفَرُّق الأُمة كأوطان، وتَفَرُّق فصائل العمل الإسلامي، والصراع الشديد على السُلطة والتصدر الذي تستباح فيه الحرماتُ -مِن الدماء والأعراض والأموال-؛ هل نتوقع نصرًا خارقًا لموازين القُوى، ونزعُم أننا نتوكل على الله؟!.


وتساءل برهامي في مقال له بجريدة الفتح الأسبوعية، هل مع تصدر الاتجاهات المنحرفة التي تتبنى فِكر التكفير لكثير مِن الفصائل، والتي نكتوي بنارها في مجتمعات المسلمين؛ مما يصد عن سبيل الله مِن جراء التكفير والقتل واستباحة الدماء "باسم مقاتَلة المُرتدّين!"، والغدر ونقض العهد "باسم مقاتلة الكفار والصليبيين!"، وتزيين الانتحار للشباب "باسم الاستشهاد!"، وقتل مَن لا يجوز قَتلُه -خاصة النساء والأطفال- "باسم النِّكاية في الأعداء"؟! هذا كلُّه يؤخِّر الدعوةَ الإسلامية خطواتٍ كبيرة إلى الوراء؛ فهل نتصور إعلاءً للدين على أيدي هؤلاء المُنحرفين الذين أذاقوا المسلمين الآلام أضعاف غير المسلمين؟!.


وأضاف نائب رئيس الدعوة السلفية، ثُم السنن الكونيّة التي لا بد أن نراعيها -فكم ضَيَّعَت الفصائلُ في "الشام" المنكوب فُرَصًا!- دون سَيرٍ وراء العواطف التي لا تعرف موازنة القوة والضعف، والقدرة والعجز، والمصلحة والمفسدة، وقراءة الواقع العالمي الذي لا ولن يَرقُبَ في مؤمنٍ إِلاً ولا ذِمّة، ولكننا مأمورون بمُراعاةِ هذا الواقع شرعًا؛ قال الله -عز وجل-: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال:66)؛ فمراعاة موازين القوى أمرٌ شرعيٌ -بيْن الوجوب في أوضاعٍ، والاستحباب في أوضاعٍ أخرى-، لكن لا يمكن أن تتفاوت القوى إلى الحد الذي نراه ثم يؤمر المسلمون بإهلاك أنفسهم!.


وأردف، ليس التوكل على الله بمُبيحٍ لنا إهدار هذه الأوامر الشرعية، والأخذ بالأسباب الممكنة، وعدم رفع سقف المطالَب فوق المحتمل المُمكِن، ثم نصطدم بِشِدّة بأرض الواقع، ونظل نُعاني سنواتٍ وربما عقود مِن كسور الارتطام! ألم نأخُذ الدرس مِن أفغانستان، ومِن العراق؟ أم لا بد أن نُكَرِّر المأساة كلَّ مَرَّة؟!.


وتابع، العالَم لن يُعطِيكم أسلحة نوعية تَقلِب موازينَ المعركة على الأرض، ولسنا بقادرين على تصنيع سلاحنا، وخصوصًا أنه يتصدر المشهد جماعات مثل "داعش" و"النصرة" وغيرها؛ إنما يتركها العالَم الغربيّ لتُمهِّد الطريق نحو الإبادة للجميع، وبتبريرٍ يَرضَى عنه العالَم كلُّه، ويُصَفِّق لصانعي هذه الإبادة المُجرمة التي تحرِق كلَّ شيء، وكل أحد!، ليس مِن حَقّ أحدٍ أن يُعَرِّض ملايين المسلمين لآلام لا يحتملونها -ولا يستطيع الدفع عنهم- ثم يَصبُّ جامَ غَضَبِه على العلماءِ والدُّعاةِ والمُصلِحين، وبالطبع بعد الحكومات والدول، والتي يجزم الكُلُّ أنها تعجز عن صنع شيء لو أرادت؛ فكيف وهي لا تريد؟! فكيف وكثير منها يريد تكريس هذه الآلام؟!.