قانون "العزل" يهيل التراب على مبدأ "المتهم برئ حتى تثبت إدانته"

  • 115
صورة أرشيفية

وأحمد عيد

عبدالعليم: قرار متسرع وغير مدروس جيداً .. خبير سياسي: مخالف للقانون والدستور

خبير قانوني: القانون تصفية حسابات للرموز السابقة

أحالت الرئاسة إلى قسم التشريع بمجلس الدولة مشروع بتعديل مادة واحدة من قانون مباشرة الحقوق السياسية بعد موافقة الحكومة عليه، ويقضي التعديل بمنع المحالين إلى المحاكمة بتهم جنائية من مباشرة حقوقهم السياسية حتى صدور حكم قضائى فى الاتهامات ضدهم، وهو ما انتقده من حيث المبدأ السياسيون والقانونيون لرؤيتهم أنه يخالف مواد الدستور التي تجعل المتهم برئ حتى ثبوت إدانته، موجهين التهم لهذا التعديل بأنه "مسيس" وقائم على "الشخصنة".

ومن جهته، رفض مجلس الدولة برئاسة المستشار علي العجاتي التعديل المقترح، إلا أن الجدل مازال دائرا حول مادة التعديل، فيما لم تحسم الرئاسة مصير القانون.التعرض للطعنفي البداية، أوضح الدكتور رمضان بطيخ، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة عين شمس، أن قرار مجلس الدولة برفض التعديل الذي أدخلته الرئاسة على قانون مباشرة التعديلات السياسية جانبه الصواب، لأنه يتعارض مع المبدأ القانوني الثابت بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وأنه يعاقب المتهم بناء على التحريات والتهمة وليس الإدانة وتنفيذ الحكم، وهو أمر مخالف لكل الأعراف القانونية والدستورية.

وأكد أن رأي مجلس الدولة غير ملزم لمؤسسة الرئاسة لأنه ليس جهة تشريع، ويمكن لمؤسسة الرئاسة أن تشرع القانون دون النظر إلى ملاحظات مجلس الدولة، وهذا ما يعرض المادة للطعن من قبل المترشح أمام القضاء.

شخصنة القوانين

فيما قال الدكتور شعبان عبدالعليم، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب "النور"، إن مثل هذا القانون لا يصدر من حكومة درست الموضوع جيداً، وإنما مثله مثل قوانين كثيرة خرجت بدون دراسة موضوعية حقيقية وشفافة قبل عرضها على الرأى العام مثل قانون تحصين قرارات اللجنة العليا والذى أثار الكثير من الجدل والتساؤلات عن سبب هذا الإعلان أو القانون.

ووصف عبدالعليم، القرار بالمتسرع والغير مدروس مطلقاً فى ظل حكومة نظن بها الخير والعمل من أجل الصالح العام، مشيراً إلى أن القانون يحتاج لدراسة ومراجعة قبل تمريره، لتجنب أية احتقانات وتساؤلات مثيرة للجدل.

وأوضح البرلماني السابق، أن الشعب هو المنوط باختيار من يمثله من خلال صندوق الانتخابات، مضيفاً أن هذا ما حدث من الشعب خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية مع الحزب "الوطني" المنحل في عهد جماعة "الإخوان المسلمين"، مؤكداً أن الشعب هو من عزلهم.

وتابع، إن حرمان أى شخص بصفة عامة لابد وأن يستند إلى قانون أو حكم قضائي بحرمانه من الترشح أو المشاركة في العمل السياسي، من أجل الحفاظ على تطبيق القانون وعدم إصدار قرارات جزافاً على الآخرين.

وألمح شعبان عبدالعليم، إلى أن أول من اعترض على تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات هم مؤيدو النظام، لإدراكهم أنه يتنافي مع القانون والدستور.وأكد أن المرحلة الحالية فى منتهى الصعوبة والحساسية، ولابد من دراسة أية قرارات قبل إعلانها على الشعب، مشيراً إلى أن الدولة ليست في حاجة إلى مثل هذه القرارات، وإنما فى حاجة ملحة إلى التوافق وعدم الإقصاء لأحد بدون حكم قضائي حتي لا يفتح المجال للأقاويل والاعتراضات.

قانون عبثي

ويرى الدكتور حمدي عبدالرحمن، عميد الحقوق بجامعة المنوفية سابقاً، أن توقيع العقوبة لكل من يكون متهما أمام الجنايات بمنعه من الترشح أو المشاركة في أية انتخابات "عبث" لا يليق بدولة قامت بها ثورتين متتاليتين.

وأضاف عبدالرحمن، أن تعديل القانون 17 لسنة 2012 مخالف لصحيح الدستور، وأن التعديل الجديد من أجل إقصاء مبارك ومرسي ورموز نظاميهما يتنافي تماماً مع القانون والدستور، واصفاً إياه بأنها تصفية حسابات لكل الرموز السابقة سواء رموز المخلوع أو المعزول.

ووصف حمدي عبدالرحمن ذلك التشريع بـ"التهريج القانوني" والانتقام السياسي، موضحا أن تمرير هذا القانون بتعديله الجديد، سوف يثير كثير من الجدل واللغط لدي الكثيرين، كما أنه يفتح الباب للطعون عليه، نظراً لمخالفته القانون والدستور.

وتابع، إن حجز المتهم على ذمة قضايا الهدف منها خدمة جهات التحقيق فقط وليس المتهم نفسه، ولا يعني ذلك إدانته أثناء التحقيق معه، مشيراً إلى أن ذلك يخالف المبادئ الدستورية المنصوص عليها، موضحاً أن البراءة "قرينة دستورية" مؤكدة، على حد تعبيره.

أخطاء متكررة

أما الدكتور سعيد اللاوندي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، فيؤكد أنه يتوجب على النظام الحالي ألا يقع في نفس أخطاء جماعة "الإخوان المسلمين"، عندما تم سن قانون العزل السياسي عام 2012 على القاصي والداني، مضيفاً أن هذا لو نص عليه الدستور والقانون فلا بأس، لكن ما يحدث هو قرار تنفيذي بعيداً عن صحيح القانون.

وأضاف اللاوندي، أن قانون العزل السياسي لا يجوز حتى مع تنظيم "الإخوان" ذاته طالما لم يصدر حكم جنائي على الشخص المتقدم للترشح أو للمشاركة في الحياة السياسية.

وأوضح أن الفترة الحالية تحتاج للم الشمل وليس الفرقة، بشرط أن يتم ذلك مع من لم يرتكب قضايا فساد أو جرائم مع الشعب أو أشياء مخلة بالشرف، سواء من رموز نظامي مرسى أو مبارك، مشيراً إلى أن أي شخص له الحق في الترشح والمشاركة طالما انطبقت عليه الشروط المطلوبة.

احترام المواطن

وتابع: على الدولة أن تحترم ذاتها في المقام الأول ثم تحترم مواطنيها، من خلال ترسيخ دولة القانون على الجميع دون محاباة لأحد، أو على حساب الدولة ومصالحها.

وألمح أستاذ العلوم السياسية، إلى أن قانون العقوبات يمنع أي شخص لديه قضية جنائية أو شبهة للترشح أو مزاولة العمل السياسي، مشيراً إلى أن هذا يحدث في كل دول العالم، منتقداً أن يتم تعميم ذلك على كل من لهم صلة بنظامي مرسى أو مبارك، لكنهم في الحقيقة لم يرتكبوا جرائم أو فساد.

ووصف اللاوندي القانون بأنه يندرج تحت بند "الخصوصية والشخصنة" أكثر ما يكون موضوعي ومنصف لدي العامة وليس الخاصة، مطالباً بأن تكون الأمور الشخصية بعيدة عن الصالح العام لترسيخ دولة القانون مع الجميع.

يولد الكراهية

ومن جانبه، وصف الدكتور ناجح إبراهيم، الكاتب والمفكر السياسي، أن قانون العزل السياسي لكل الرموز السابقين، بأنه "باطل وفاشل"، مشيراً إلى أنه يقضي تماماً على فكرة المصالحة والموائمة التى نبحث عنها لإخراج البلاد من كبوتها ومأزقها الحاليين.

وأوضح إبراهيم، أن إقصاء الجميع لا يولد سوى الكراهية والعنف والضغينة لأبناء الشعب الواحد، موضحاً أن الإقصاء لابد وأن يكون بقانون وبأسباب لا من أجل أشخاص بعينهم.

غطرسة سياسية

ووصف المفكر السياسى القرار بالغطرسة السياسية وأنه مناهض للقواعد الدستورية التى يجب أن نلتزم بها، مشيراً إلى أن الشريعة هنا تتوافق مع الدستور، من خلال أن الأصل هو براءة الذمة لأى متهم.

وأكد أن هذا القرار يؤكد وقوع النظام فى نفس أخطاء الإخوان عندما اتخذوا نفس التصرف مع كافة رموز مبارك، مشيراً إلى أنه يقضى على كلمة ديمقراطية.