كيف نمنع أولادنا من السرقة

  • 147

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد: مما لا شك فيه , أن السرقة كبيرة من الكبائر , وهى من الأعمال القبيحة التى نهى عنها الشارع الحكيم , وتوعدأصحابها بالعقاب الشديد فى الدنيا والآخرة , كما قال سبحانه : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ومن العادات القبيحة الموجودة بين الأطفال: السرقة , وللأسف فإن الكثير من أولياء الأمور لا يُعالجون المشكلة , بل يكتفون بالضرب المُبرح للطفل , ويظنون أنهم بذلك يُربون أبنائهم , وهذا خطأ , لأن مفهوم السرقة واضح لدينا نحن الكبار ونعرف أبعاده وأسبابه وأضراره , أما الطفل فإنه لا يدرك تمامًا مفهوم السرقة .

وإذا أردنا أن نُعالج الكذب عند الأطفال , فلابُد وأن نعرف الأسباب , ثم نذكر مع كل سبب العلاج . وأسباب السرقة عند الأطفال كثيرة نذكرها فى سبعة أسباب:

1- السرقة لإشباع شهوة البطن : وهذا السبب من أهم أسباب السرقة عند الأطفال , أنهم يسرقون من أجل إشباع شهوة البطن بأكل الحلوى , فحب الحلوى يدفعهم إلى السرقة , سواء كانت سرقة الحلوى ذاتها , أو سرقة النقود التى تمكنهم من شرائها . وعلاج ذلك: - أن يقوم الأب بتوفير ما يرغبون فيه من الحلوى والمأكولات الشهية , ليزهدوا فيما عند غيرهم , على أن يُراعى الأب الحكمة فى الإنفاق , وعدم الإسراف فى المأكل والمشرب . - إذا حدث وقام الطفل بهذا الفعل فينبغى على الوالد أن يعظَه وينبهه , ولا يشتد عليه , خاصة إذا كان عمره دون العاشرة , لأن بعض الأطفال قد لا يُدركون قُبح فعلتهم , وعلى الوالد أن يتحاور معه , ويعرف السبب الذى جعله يسرق , ويطلب منه عدم السرقة , ويقول له: إذا أردت شيئاً فقل لى عليه ولا تسرق .

وعلى الأب ان يعمل بالحِكمة , ويتخذ من منهج رسول الله وأسلوبه فى هذا المجال قدوة فقد روى الإمام احمد فى مسنده عَنْ عَمِّ أَبِي رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ ، قَالَ : كُنْتُ وَأَنَا غُلامٌ أَرْمِي نَخْلَ الأَنْصَارِ ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ هَاهُنَا غُلامًا يَرْمِي نَخْلَنَا ، قَالَ : يَرْمِي النَّخْلَ ، قَالَ : فَأُتِيَ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " يَا غُلامُ ، لا تَرْمِ النَّخْلَ " ، قَالَ : قُلْتُ : آكُلُ ، قَالَ: " لا تَرْمِ النَّخْلَ كُلْ مَا سَقَطَ " قَالَ : وَمَسَحَ رَأْسَهُ ، وَقَالَ : " اللَّهُمَّ أَشْبِعْ بَطْنَهُ " .

فجمع رسول الله بين العاطفة على الولد , والحنو عليه بمسح رأسه , وبين الامر بترك هذا الأسلوب القبيح , دون زجر شديد , أو تقبيح , أو تغريم على ما أتلفه . - أن يلزم الوالد ولده بإرجاع ما سرقه بنفسه , ويعتذر عن ذلك , لأنه سوف يستفيد ويتعلم من هذا الدرس الصعب فلا يعود لمثله مرة أخرى , مع مُرعاة أن يتفق الوالد مع مَن سُرق منه بأن يقبل إعتذار الولد , بل ويجعله يُحسن مقابلته , ويثنى عليه حُسن إعتذاره , وهذا الدرس العملى جيد للطفل , ويجعله ينتهى عن السرقة , ولا يعود إليها بعد ذلك .

2- السرقة لإلزامه بالكسب والتجارة : فمن أسباب السرقة: أن الوالد يُكلف ولده بدخل معين رغم صغر سنه وقلة عقله وخبرته , وقد يريد الولد أن يظهر أمام والده أنه عمل واجتهد, وجاء بمال كثير, فيسرق حتى يوهمه بذلك .

وعلاج ذلك: - عدم تكليف الطفل بدخل مُعين , فقد جاء فى موطأ مالك عن عثمان بن عفان أنه قال : (لا تُكلفوا الصغير الكسبَ , فإنه إذا لم يجد سَرَق) - أن يلتزم الوالد ويربى ولده بحُسن التوكل على الله , وأنه هو الرزاق ذو القوة المتين .

3- السرقة لقلة ذات اليد: فقد يسرق الطفل لفقره , وعدم وجود متطلبات طفولته , لكى يشبع رغبة نفسه .

وعلاج ذلك: - أن يغرس فى الأولاد مفاهيم القضاء والقدر, وأن ما خصهم الله به من الفقر وقلة ذات اليد هو خيرٌلهم , ورافعٌ لمنزلتهم فى الآخرة مستعيناً بما جاء فى القرآن الكريم والسنة المطهرة . - أن يكون للطفل مصروف يومى , فهذا يُغنيه عن الإنحراف والسرقة . - أن يُذكر ولده بما عنده من ممتلكات من ألعاب وغير ذلك مما قد يخفى على الولد نفسه , ويُشعره بأنه لا داعى للسرقة . - أن يقوم الأب حسب إستطاعته بتوفير بعض الإحتياجات الخاصة بالأولاد , وخاصة من الألعاب البسيطة وقليلة التكلفة مع الجودة فى الصناعة والمتانة , بحيث يمكن أن يحتفظ بها الولد أطول فترة ممكنة , وبذلك يكون قد أشبع رغبة أبنائه فى بعض ما يحتاجون إليه , بدون إضرار بميزانية الأسرة

4- السرقة لفقد العطف والحنان من أهله : فقد يسرق الطفل بسبب إهماله من الوالدين , وعدم العطف والحنان عليه , وإستشعاره بوجوده , والإهتمام به , فيبدأ فى تعويض هذا النقص بالسرقة, ليكون عنده أكبر قدر من الممتلكات, ويُنسب ما سرقه لنفسه , لكى يظهر أمام أقرانه بأنه عنده ممتلكات .

وعلاج ذلك: - على الأباء إظهارعواطفهم تجاه أولادهم , وأن يُظهروا للأولاد الحب والحنان , ويكون ذلك من خلال ملاطفتهم , وعناقهم , وتقديم الهدايا لهم , والجلوس معهم , والتحدث إليهم فى أوقات مختلفة , وعدم تعنفيهم وزجرهم وضربهم إلا عند الضرورة .

5- السرقة للتقليد: قد يرى الإبن أحد الوالدين يُمارس السرقة , فيقلدهما في ذلك , ويصل الأمر في مثل هذه الأحوال إلى أن يمارس الطفل السرقة لغير حاجة , بل تقليداً للوالدين.

وعلاج ذلك : - أن يتوقف أولياء الأمورعن ذلك , لأن الولد يقتدى بهما , وهما عنده المثل الأعلى .

6- السرقة بسبب صديق السوء: فقد يسرق الطفل بسبب رفقته السيئة ويفعل كفعلهم .

وعلاج ذلك : - أن يقوم الأهل بتحذيره من صديق السوء , وإبعاده عنه , ويكون هذا الإبعاد عن إقناع للطفل , لأنه قد يعود إليه ويمشى معه , بدون علم أهله .

7- السرقة المزمنة: بحيث تكون السرقة للطفل كالإدمان قد تعود علي ذلك مع أنه ليس فى حاجة إلى ما يسرقه .

وعلاج ذلك: - أن يعلم عقوبة السرقة , وأن الناس يكرهون مَن يتصف بهذه الصفة وأن يتم تذكيره بنظر الله إليه وأنه سبحانه وتعالى رقيب عليه وسيجزيه على فعله. هذا والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل والحمد لله رب العالمين .