• الرئيسية
  • الأخبار
  • "عيدنـا مظهـر وحدتنـا وديننـا منبـع عزتنـا".. بيان "الدعوة السلفية" بمناسبة عيد الفطر

"عيدنـا مظهـر وحدتنـا وديننـا منبـع عزتنـا".. بيان "الدعوة السلفية" بمناسبة عيد الفطر

  • 401
أرشيفية

نشرت الدعوة السلفية، على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بياناً بمناسبة عيد الفطر المبارك، بعنوان "عيدنـا مظهـر وحدتنـا وديننـا منبـع عزتنـا".

وقالت الدعوة في بيانها:


"عيدنا مظهر وحدتنا.. وديننا منبع عزتنا..
بيان الدعوة السلفية بمناسبة "عيد الفطر المبارك"

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
(اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).
دعاء استقبلنا به "رمضان"، وها نحن نستقبل به "شوال" كما هي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن نستقبل الأهلة بهذا الدعاء الجامع.

إن هذا الدعاء الذي سَنـَّه لنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عند مطلع كل شهر يبيِّن أن الأمن والسلامة مِن أهم الأهداف الاجتماعية السامية التي سعى الإسلام إلى غرسها في المجتمعات، بحيث تُذكر جنبًا إلى جنبٍ مع الإسلام والإيمان اللذين لا ينجو العبدُ عند الله -تعالى- إلا بهما. وهذا مما يجعلنا نسأل المستشرقين وأذنابهم ممن يرددون ليل نهار أن الإسلام لم يأتِ إلا بالقتل والتدمير: مِن أين استقوا هذه الأفكار البالية؟!

سيقولون: إن القرآن جادل الذين رفضوا نبوة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- ووصفهم بالكفر وبالشرك، وجعل الإسلام بابًا وحيدًا لدخول الجنة، قال -تعالى-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85).

والجواب:
أنهم بذلك يعيبون الإسلام بما هو مِن أعظم فضائله! وهو: اتخاذ البرهان وسيلة لتقرير ما يدعو إليه مِن عقائدَ وأحكامٍ وآدابٍ؛ فقد أرسل اللهُ محمدًا -صلى الله عليه وسلم- داعيًا ومبشِّرًا ونذيرًا، كما قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا . وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا) (الأحزاب:45-47).

وبيَّن له السبيل في بيان ذلك الحق، فقال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125)، وقال له: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف:199).
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- هو القدوة الحسنة في هذا الأمر -كما كان في غيره- حتى ضرب في التسامح نماذجَ، ما زال المنصف منهم يقف متعجبًا أمامها!

سوف يعرِّج هؤلاء على ذكر الجهاد، وعندما يعرِّجون على ذكره سيخفون جهلاً "أو تجاهلاً": أن للجهاد في الإسلام شروطـًا وضوابطَ وأخلاقًا، لم يكن يعرف العالَمُ عنها شيئًا حتى علَّمها النبي -صلى الله عليه وسلم- للبشرية كلها؛ قولاً وفعلاً، وليس قولاً فقط، كما تفعل الدول الكبرى الآن في كثيرٍ مِن الأحيان!

لن يذكروا ذلك كله... ولكن سيقفون عند "داعش" وجرائمها!
مع أن جمهور المسلمين يتبرؤون مِن أفعال "داعش"؛ فتبرأتْ منها مؤسسات عريقة: "كالأزهر"، وتيارات دعوية ترفع راية الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة: "كالدعوة السلفية"، وتبرأ منها كلُّ غيور على هذا الدين.

ومِن عجائب القوم: أنهم يحمِّلون الإسلام ذاته أخطاء كلِّ منتسبٍ إليه، وإن كان فعله يخالِف الكتاب والسُّنة، وتتبرأ منه عموم الأمة!
ولكن مع جرائمهم في حق المسلمين -وما أكثرها!- لا يعتبرونها جريمة إلا في حق مرتكبها فقط؛ هذا إن اعترفوا بها أصلاً!
فهذا شعب يُباد في "بورما"، وأرض تُحتل في فلسطين، وشعب يُمزق في "العراق"، وطاغية يُترك له المجال لقتل الناس بالأسلحة الكيماوية في "سوريا"، ولا توجد ردة فعل مِن المجتمع الدولي؛ إلا مِن باب ذر الرماد في الأعين!.

وعلى صعيد الجرائم الشخصية: نجد مَن يَدهس المسلمين بسيارته، ومَن يفتح النار عليهم وهم سجود، ومَن يَهدم لهم مساجدهم، وكل هذا في بلاد تدَّعي أنها مهد الحريات، وموطن التسامح! وفي النهاية: لا يكادون يعترفون بالجريمة، ولو اعترفوا بها؛ فعلى صاحبها فقط.

ولكن قبْل أن نلوم على الآخرين، دعنا نفتـِّش في أنفسنا:
- ألم يوجد منا "ومِن بيننا" مَن جعل مِن نفسه ببغاء يردد شبهات هؤلاء القوم، حتى ربما زاد عليهم في بعض الأحيان؛ فطعن في السُّنة، وفي كتب الفقه والتفسير، وفي أئمة الإسلام السابقين، وفي شيوخه المعاصرين؟!
- ألم يكن تقصيرنا في التمسُّك بأسباب القوة الإيمانية، والقوة العسكرية، سببًا في أن تُحتل بلاد المسلمين، ويقوم الأعداء بتقسيمها وفق أهوائهم؟!
- ثم بعد أن نالتْ بلاد المسلمين الممزقة استقلالها: هل سعتْ للتكامل بينها وبيْن بعضها البعض، وسعتْ إلى حل مشاكلها عن طريق الحوار الهادئ المباشِر؟!
- أم أن هذه شعارات يُطلقها الجميع، ولكن عندما تصطدم بأرض الواقع يتنكر لها كثيرون ممن يزعمون أنهم يدينون بها ويدعون إليها؟!
- هل أدركت الشعوب الإسلامية أن حب الإنسان الفطري لوطنه وأرضه، وحمايته لها، لا يتعارض مع حبه لأمته الكبرى، وحبه لأبنائها، وعدله مع سائر الأمم؛ وإلا تصبح عصبية جاهلية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ) (متفق عليه)؟!
- إن أمتنا الإسلامية لن تستطيع أن تتبوأ مكانتها بيْن الأمم حتى تطبـِّق أمرَ الله -عز وجل-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103).
والاعتصام بحبل الله يكون بالتحاكم إلى شريعته -سبحانه وتعالى-: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (الجاثية:18).
والاعتصام بحبل الله يكون بالرجوع إلى الأخلاق الإسلامية "رجالاً ونساءً"، كما قال الله -تعالى-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) (النور:30-31).
ويكون بأن ندرك جميع المسلمين معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).

إن مِن دروس العيدين اللذين جعلهما الله شعارًا لأمة الإسلام، ولم يأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه أن يحتفلوا بغيرهما: أن يظل هذان العيدان مظهرين لوحدة الأمة، ولعبوديتها لله وإخلاصها العبادة له، لا تُشْرِك معه غيرَه؛ ملكًا مقربًا، ولا نبيًّا مرسلاً.
ومظهرًا للصورة المنشودة للمجتمع المسلم، كمجتمع يسوده الأمن والإيمان، يَسلم كلُّ مَن فيه مِن أذى الآخرين في مظلة عامة "تضم المسلمين وكل فرد في المجتمع المسلم"، كما قال الله -تعالى-: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8).
وما أحوجنا اليوم، ونحن نتلمس طريق عودة أمتنا إلى مكانتها التي تستحقها بيْن الأمم أن نتذكر جميعًا، قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بهذا الدين، فمهما ابتغينا العز في غيره أذلنا الله".

فيا وليّ الإسلام وأهله، مسكنا به حتى نلقاك عليه.
وكل عام وأنتم بخير، وتقبَّل الله منا ومنكم.

الدعوة السلفية - مصر
عيد الفطر المبارك 1438هـ - 2017م"