نهضة ماليزيا.. السر في التعليم .....رسلان: ربع ميزانية الدولة خصصت للتعليم

  • 799
التعليم فى ماليزيا

"إذا أردت الحج فاذهب إلى مكة.. وإذا أردت العلم فاذهب إلى اليابان".. هذا هو الشعار الذى أطلقه مهاتير محمد، الأب الروحى لماليزيا الحديثة وصانع نهضتها، حيث وضع خطة للنهوض بالشعب الماليزى وتحقيق نهضة اقتصادية، وفى الوقت نفسه الحفاظ على هوية الشعب المالاوي المسلم الذى كان يعانى التهميش والفقر برغم كون المسلمين يمثلون الأغلبية حيث تصل نسبتهم لـ60% من الشعب، كان أغلبهم من المزارعين الأميين الفقراء, بينما تبلغ نسبة الصينيين والهنود 40%  تتركز فى أيديهم معظم الثروات فى البلاد.

فى عام 1970 كتب مهاتير محمد كتابا بعنوان "معضلة المالايو"، انتقد فيه بشدة أبناء جنسه من المالايو المسلمين واتهمهم بالكسل والتراخى, حتى تقلد حقيبة رئاسة الوزراء عام 1981وظل محتفظا بها لمدة 22 عاما غير خلالها شكل البلاد الحضارى من خلال وضع خطة شاملة سميت بالخطة "2020" تشمل جميع المجالات الصناعية والزراعية والسياحية, وبدأ بإصلاح المنظومة التعليمية فى البلاد، حيث أعطى الأولوية لإصلاح الإنسان الذى يعتبر أساس النهضة فى أية دولة, فطبق سياسة مجانية التعليم التى استهدفت الملايو بالأساس حيث تحسنت أوضاعهم فى عهده بدون أن يمس شيئا من مكتسبات الفئات الأخرى.

ووضعت ماليزيا خطة شاملة للنهوض بالتعليم، وتم تحديد عام 2020 للانتهاء من هذه الخطة لتصبح ماليزيا من البلدان المتقدمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث يتميز نظام التعليم هناك بالإبداع في تدريس الرياضيات والعلوم، ومدى ملاءمة ما يدرسونه لسوق العمل ومدى رضا أصحاب العمل من مصانع وشركات عن أداء الخريجين ومستوى إعدادهم, ويتم قياس المستوى التعليمى للطلاب باستمرار حسب المعدلات العالمية لملاحظة أية قصور أو خلل يطرأ على سير الخط لمعالجته.

وإلى جانب العلوم العصرية، تأكيدا لانتماء ماليزيا الإسلامي، وضعت خطة لتعليم اللغة العربية ابتداءً من الصف الأول الابتدائي كما تقوم بتدريس اللغة المالاوية لجميع أبناء ماليزيا على اختلاف أعراقهم ولغاتهم لإيجاد لغة تفاهم مشتركة بين كافة المجموعات البشرية المختلفة فى البلاد. ويرى الدكتور خليل رسلان، مدير مركز الدراسات الماليزية بجامعة القاهرة، أن سبب نجاح التجربة التعليمية فى ماليزيا هو تخصيص ربع الميزانية العامة لدولة ماليزيا للإنفاق على التعليم وتطويره، مضيفا أن الاهتمام بالتعليم من أهم الأشياء التى يجب أن تهتم بها الدولة كى تتقدم.  

وأضاف أن ماليزيا تختار التلاميذ النجباء وتقوم بإرسالهم للخارج فى بعثات تعليمية وتعطيهم منحا, مؤكدا أن هذه سياسة تعليمية غير مرتبطة بشخص مهاتير محمد فقط.   وقال رسلان إنه توجد فى ماليزيا أنواع مختلفة من المدارس: "وطنية حكومية" و"مدارس دينية" و"مدارس صينية" و"مدارس يابانية"، كما توجد "مدارس أمريكية" يدرس فيها أبناء الأجانب وبعض الماليزيين, وبالنسبة للجامعات ففى ماليزيا خمسون جامعة ولكن الجامعات لا تضم إلا عددا قليلا من الطلبة لضمان جودة التعليم بها لذلك ترسل الدولة أبناءها للدراسة بالخارج لعدم كفاية فرص التعليم الجامعى بماليزيا فترسلهم إلى روسيا وبريطانيا واليابان وغيرها من الدول المختلفة.  

وبالنسبة للتعليم الدينى فى ماليزيا، أكد رسلان أن الطلبة يدرسون فى المدارس الدينية هناك ليكونوا علماء فى الشريعة، ويكملون دراستهم الجامعية فى الخارج فى مصر والأردن والكويت, كما توجد فى ماليزيا الجامعة العالمية الإسلامية، بالإضافة إلى وجود كلية الدراسات الإسلامية فى الجامعة الوطنية الماليزية, وهناك مدارس خاصة تابعة للحزب الإسلامى لتعليم الناشئة وتربيتهم تربية إسلامية. وأضاف أنه من المقرر أن تفتتح جامعة الأزهر فرعا لها فى ماليزيا العام القادم فيما اعتـبر سابقة هى الأولى من نوعها.

وتظل التجربة الماليزية نموذجا يحتذى به، فلا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو إلا بتكثيف الاستثمار في قطاعات البشر الذي أصبح أهم عناصر العملية الإنتاجية في عصر تُعد فيه المعلومات والتكنولوجيا هي المدخل لصناعة اقتصاد قوي.