العطش يتسلل لقرى مصر..وخبراء: توربينات السد العالي في خطر ولابد من تدويل القضية

  • 187
رحلة البحث عن المياه - صورة أرشيفية

الصراعات السياسية تشتعل .. والعطش يضرب قرى الدلتا
أديس أبابا لديها طموحات بإنشاء مجموعة من السدود لحجز 180مليار متر مكعب من المياه
خبراء المياه: توربينات السد العالي ستتوقف تمامًا حال تنفيذ هذا المخطط
مغاوري شحاتة خبير المياه العالمي: على مصر سرعة التحرك وتكوين لجنة للطوارئ وإدارة الأزمات
الخارجية الإثيوبية: لن نتراجع قيد أنملة عن استكمال سد النهضة
.. وسيكون الرد عنيفا حال توجيه ضربة عسكرية


في الوقت الذي تعج فيه البلاد بالمشاكل والأحداث السياسية، بحثا عن مغنم سياسي، تمضي إثيوبيا في تنفيذ مخططاتها لبناء مجموعة من السدود، على المجرى المائي الذي يعد شريان الحياة الرئيسي لمصرنا الحبيبة.

يأتي هذا في الوقت الذي تحتدم فيه حرب المياه والسدود بين الجارات الثلاث "إثيوبيا، ومصر، والسودان" من جديد.
لكن الخبراء في علم المياه والسدود يحذرون من خطورة انهيار" سد الألفية"؛ كونه يشيد على منحدر شديد الوعورة وأساسات تأمينية لا تزيد على درجة ونصف فقط إذا ما قورنت بالإجراءات المطبقة في السد العالي الذي يبلغ ثماني درجات.
السودان الذي يمتلك ثلاثة سدود داخل أراضيه، يخشى أن تغرق العاصمة تحت المياه حال انهيارسد النهضة الإثيوبي.
ويحذر الخبراء من انهيارالسدود السودانية الثلاثة، "الروصيرص، وسنار، ومراوي"، ودمار جميع المدن التي تقع شمالها وصولا إلى مستوى أسوان حيث يقع السد العالي.

التبعات خطيرة من انهيار سد إثيوبيا المنتظر وستصل مياه السد إلى مصر بعد 18يوما ليحدث كارثة بيئية وإنسانية ستظهر جلية بعد استنفاذ المخزون الاستراتيجي لبحيرة السد العالي.

فمع كل نقص قدره أربعة مليارات متر مكعب من مياه النيل يبور مليون فدان زراعي، وتشرد معه مليونا عائلة، ويخسر القطاع الزراعي 12% من إنتاجه؛ وبالتالي تتسع الفجوة الغذائية بمقدار خمسة مليارات جنيه.
الحكومات المصرية أضاعت كل الفرص وتنتظر الموقف الدولي تجاه إثيوبيا بالنسبة لإقامة السد الذي سيضر بالأمن القومي للبلاد.أما إثيوبيا فما زالت تقدم تطمينات للجانب المصري، وتمضي في بناء واستكمال سد الألفية الجديد من ناحية أخرى.

بدوره، قال الدكتور مغاوري شحاتة، رئيس المنظمة العربية للمياه، والرئيس الأسبق لجامعة المنوفية، إن الموقف الحالي غاية في الخطورة، فبالرغم من تعالي الأصوات التي تحذر من خطورة سد النهضة على مصر والسودان، تمضي إثيوبيا في بنائها للسد حتى اقتربت من بناء 35% من الحجم الفعلي للسد.
وأكد "شحاتة" أن المجلس القومي للمياه اجتمع الثلاثاء الماضي لمناقشة التداعيات الخطيرة على مصر، والكرة الآن في ملعب الجهات السيادية.
وتابع أن الغريب في الأمر أن يصرح الدكتور فاروق الباز عالم وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" بطلب التفاوض مع إثيوبيا على طريقة "الملء والتشغيل"؛ حتى تستفيد مصر من توليد الكهرباء من سد النهضة.

وتناسى عالم الفضاء "دكتور الباز" أن مخاطر سد النهضة بتكوينه الحالي وتصميمه سيؤدي إلى غرق ودمار مصر والسودان.
فهل يعقل أن يطلب "الباز" الكهرباء من إثيوبيا، وينسى قضية المياه وغرق الجارتين مصر والسودان حال تصدع أو انهيار السد؟!
وأشار خبير المياه العالمي الدكتور مغاوري شحاتة، أن الدكتور فاروق الباز له كل الاحترام والتقدير في مجاله وتخصصه في علوم الفضاء، وليس خبيرا في السدود والمياه، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيضع مصر في حرج كبير أمام أديس أبابا.

ولفت شحاتة إلى أن أضرار السد ستؤدي بمصر إلى كارثة لا محالة حال اكتمال أكبر مشروع في القرن الأفريقي، مؤكدا في الوقت ذاته أن مصر ستتحمل في بادئ الأمر صعوبات المرحلة، لكن سرعان ما سستأثر البلاد بالكوارث تباعا، متخوفا من حدوث تصدعات أو شروخ في جسم السد مثلما حدث من قبل في سد جيزان الذي انهار بعد 11يوما من تشغيله عام 2010، وقالت شركة ستاليني الإيطالية وهي نفس الشركة التي تشرف على سد النهضة حاليا، إنها غير مسئولة عن المشروع بعد تسليمه.
وأوضح خبير المياه العالمي، أن سد النهضة هو نواة لـ30 مشروعا مائيا وتنمويا على حوض النيل الأزرق كاردوبي، وباكو أيو، وسد تكيزي، وسد زيبي، وهو منظومة من أربعة سدود على النيل الأزرق.


العطش يضرب المحافظات

وشدد رئيس جامعة المنوفية الأسبق على أن مصر تمر بمرحلة نقص موارد المياه التي بدأت ملامحها في الظهور بظاهرة العطش التي تضرب بعض المناطق والمحافظات، مثل قرى الدلتا والصعيد والبحيرة وكفر الشيخ والفيوم والمنوفية والإسماعيلية، التي خرج بعض الأهالي يقطعون الطريق في قرية الشروق تعبيرا عن عدم وصول المياه إليهم.

وحذر "شحاتة" من تزايد نسبة العجز المائي في مصر بعد أن تخطت حاجز الـ 350 مترا مكعبا هذا العام.
وقال خبير المياه العالمي، إن مصر تدور في حلقة مفرغة لا أحد يعلم مداها إلا الله، مطالبا بضروة وضع خطة للطوارئ والأزمات للخروج من الأزمة الراهنة.


تحرك سريع

من جانبه، طالب الدكتور صفوت عبد الدايم خبير المياه، بضرورة الإسراع في تدويل القضية لتكوين تحالف دولي متعاطف مع مصر؛ ليقف أمام التعنت الإثيوبي ويحقق المصلحة العامة لكلا الطرفين مصر وإثيوبيا، متسائلا إذا كانت مصر قد دخلت حد الفقر المائي قبل أن يكتمل السد الإثيوبي، فما بالنا إذا ما انتهى السد من بنائه؟!

وطالب "عبد الدايم" بالتحرك السريع على المستوى الأفريقي والدولي لتكوين تحالف مناصر ومؤيد لمصر قبل فوات الأوان.
توربينات السد العالي مهددة بالتوقف

وقال الدكتور السيد فليفل أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، والخبير بالعلاقات الأفريقية، الذي يحدث ما هو إلا تنفيذ للمخطط الأمريكى لإنشاء 33 سدا.
وأضح أن المخطط الأمريكى كان أكثر حرفية ووفق القوانين الدولية؛ حيث كانت تريد إنشاء السد على بعد 100 كيلو متر من الحدود مع السودان، إلا أن الشركة الإيطالية أنشأت السد قرب المنبع مباشرة، وهو ما سيؤدى إلى كارثة، خاصة بعد أن تم رفع السعة التخزينية للسد من 9.5 مليار متر مكعب من المياه إلى 74 مليار متر مكعب.


وأشار إلى أن التربة وطبيعتها لن تتحمل هذا الكم من المياه، مشيرا إلى أن هذا يتطلب أيضا قيام أثيوبيا ببناء عدد من السدود ستؤدى إلى حجز 180 مليار متر مكعب من المياه؛ وبالتالى لن نجد قطرة مياه واحدة وتتوقف معها توربينات السد العالى، بل ستنضب المياة من النيل الأزرق فى السودان.

ووصف هذا السد بأنه "سد ضرار" جاء ليقضى على مصالح مصر، وألمح إلى أن إثيوبيا فى العصور الوسطى هددت مصر أيضا بقطع مياه النيل عن مصر؛ وبالتالى فالتهديدات منذ قرون.
آثار الجفاف ونقص المياه بدأت ملامحها في الظهور
بحيرة جديدة بأسوان

ومن جانبه، أكد الدكتور عبد الفتاح مطاوع، الأستاذ بالمركز القومى لبحوث المياه، أن مشكلة سد النهضة أصبحت سياسية بالدرجة الأولى وليست دبلوماسية؛ وهو ما يستوجب توفير غطاء سياسى للمسئولين عن هذا الملف.

وأضاف أنه من ضمن الحلول المقترحة لحل أزمة المياه هو إنشاء سد جديد فى منطقة المضيق بأسوان، بما يقضى بعمل بحيرة أخرى توفر مليارى متر مكعب مياه، وكهرباء إضافية، مؤكدا أن مصر من حقها رفض دخول أية سفن من وإلى إثيوبيا من خلال قناة السويس، وفقا لاتفاقية القسطنطينية التى وقعت عليها مصر عام 1882؛ بهدف الضغط الاقتصادى عليها حتى يكون لنا موقف تفاوضى قوى.

يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه الخارجية الإثيوبية أن أديس أبابا لن تتراجع قيد أنملة واحدة عن إنشاء السد، ولن تتوقف ولو لثانية واحدة عن البناء.

حيث كتبت جريدة "تاديسا" الإثيوبية واسعة الانتشار في تقريرها الموسع حول السيناريوهات المتوقعة، أن كل السيناريوهات المحتملة ستكون إما أن يتقبل المصريون تقرير اللجنة الثلاثية وتنتهي المشكلة، أو أن يتم التفاوض حول السد تحت مائدة حوار دولية تشترك فيها كل دول حوض النيل.
وتابعت الصحيفة، أما الخيار الثالث فسيكون رد إثيوبيا مماثلا من خلال إرسال طائراتنا الحربية وقصف السد العالي وغيره من الأماكن الحيوية.


إحدى الترع تشكو حالها !

رحلة البحث عن المياه

ترى ماذا نحن فاعلون