دعها تفقد الأمل

  • 311
دعها تفقد الأمل

 

في مكانٍ عامرٍ بساكنيه؛ لا تهدأ حركتهم أبدًا، تبدأ قصتنا وتطول ولا تنتهي، المكان: هو خاطرِي وخاطرُك، ذلك الذي يموج بالأفكار العابرة؛ هذه التي تنبُت سريعًا، ثم تمضي لا مُكث لها ولا عُمُر، تمرُّ مرورَ السحابِ العقيم، لا يحمل غيثًا، فقط يحجب عنّا ضوء الشمس. 

نرى حولنا مشاهد ونعايش الأحداث؛ فتنطبع في خواطرنا تلك الأفكار فلا نحن خَطَمْناها حتى لا تسير بنا في كل وادٍ، ولا نحن منعناها من التجْوال في ساحات الخاطر فتوقعنا في المخاطر!! ورغم قِصَر الزمان وتسارع الليلِ والنَّهار فإننا نستسلم لهذا الضياع، والتنقل بين الخطرات نُفني فيه الدقائق ونُنفِق فيه الساعات ولا نسمع وخزًا للضمير ولاصوت النذير!! (ويحك العمر غالٍ والدقائق نفائس)

هي كنوز لا نقدِّر قيمتها، فنهدرها في بحرٍ مائج من الخواطر تُسلم بعضها لبعض، كأنهن حلقات السلاسِل.. تسرقنا سكين متابعة الأحداث والمجريات فنجد اليوم ولى، والعمر ذهب، فما عمَّرناه بذكرٍ يرفع عند الله قدرَنا، ولا بفكرةٍ تصبح لنا ينبوعًا يسري من الأجر، يتجدد في حياتنا وبعد الموت،أو عملٍ يصلح لنا دنيانا أو يمهد لنا مكانًا في فسيح الجنان.

حذاري من الاسترسال مع الخواطر؛ فإنها وادي الحمقى والمفلسين، فالأحمق يبذل أنفس ما لديه ليشري به بعرا بسعر بعير، وقد تفيض الحماقة فيشري بذهبه ذهاب روحه وراحته. 

ولكنى أراني وأراك من كاملي العقول فلا تسمح بفكرة تتسلل إليك وتعشعش في عقلك وخاطرك إلا تلك التي ستنبت عملًا يرقيك، وإلا فقل لها إن راودتك وتحايلت وتزينت وتعرضت واستعطفت إليك: "عني فتباعدي، فما للفراغ عندي سبيل، فالطريق طويل والعمرقصير"، فإن ألحَّت رغم الزجر بعض الخواطر وسدت عليك المهارب!! فطالبها قبل الجواز بخطة عمل وإلا فدعها تفقد الأمل.