ومن الحب ماقتل

  • 268
ارشيفية

ومن الحب ما قتل

بقلم- رحاب حجازي

يتبادر إلى أذهاننا جميعًا أن الكراهية هي التي تدفع للقتل، ولكن هل حقًا "من الحب ما قتل؟".

عندما نسمع هذه العبارة نتذكر مشهد الدبة التي قتلت صاحبها بالخطأ من شدة حبها له وخوفها عليه، ونتأكد بالفعل أنه من الحب ما قتل.

ولكن هناك  أشكال أخرى مختلفة من القتل يسببها الحب غائبة عن إدراكنا، ممارسات قد نمارسها نحن أو تُمارس علينا كل يوم بدون أن ننتبه  تقع تحت هذا الوصف، وهي القتل المعنوي في صورة الإساءات والإيذاء النفسي، كيف يقتل الحبُّ؟ وهو من أسمى المشاعر التي نعجز عن الحياة بدونها!

نعم الحب هو السكينة والطمأنينة، ومشاعر المحبة تُحيي وتبني وتقوي، ولكن عندما يخرج الحب عن شكله الصحي، ويخترق الحدود فإنه يُؤذي ويُسيئ ويهدم.. ويقتل!

الأم والأب اللذان يحبان أبناءهم لدرجة تلغي شخصياتهم، وتمحو أحلامهم ورغباتهم هي صورة من صور الحب المؤذي.

الأم التي تقص مهارات ابنها ومواهبه تحت مبرر "أنت صغير، لن تستطيع"؛ هي في الحقيقة تقتله.

الأب الذي يُسّخر ابنه ليحقق ما فشل هو في تحقيقه، فيتعلم كما يحبه هو أن يتعلم، ويعمل فيما يحبه هو أن يعمل غافلاً أو متجاهلًا حق ابنه في الاختيار هو في الحقيقة يقتله.

الصديق  الذي يستنزف مشاعر صديقه ويخترق حدوده النفسية مطالبًا إياه بالعطاء والتحمل طوال الوقت ويلاحقه مشعرًا إياه دومًا بالتقصير والتخلي إن أبدى اعتراضًا، هو في الحقيقة يستخدمه لتسديد احتياجاته.. وهي صورة من صور الحب المؤذي.

شريك الحياة الذي يحب بامتلاك ويشعر بالزهو حينما يكون هو محور حياة شريكه، وكأن هذا الشريك خُلق له وحده، هو في الحقيقة يسيئ إليه.

كم من  العلاقات التي لا يقدر بها طرف إنسانية واحتياجات الطرف الآخر ولا يحترم أو يحفظ حقوقه وحدوده وخصوصيته، تأخذ شكل الحب وهي تحوي من الاعتداء والأذى ما يكفي للتشويه النفسي الذي يقتل الروح والنفس..!

ذلك القتل الذي لا يقل جُرمًا عما نعرفه من القتل، الحب بوعي يحفظ لكم أنفسكم ومن تحبون.