نيوزلاندا وأخواتها

  • 212
ارشيفية

نيوزيلندا وأخواتها

بقلم- صفية محمود

الإسلام ودعوته اسم له أثر في المسامع، يتقبله البعض بقبول حسن، ممن منَّ الله عليه بشرح الصدر، فيسأل ويتقصى ويعلم ما يدعو له، فيوافق ما عنده، فقد قضى عمرًا في البحث عن حق يوافق فطرته. 

وها هو لاقى مَرَاحَه ومُسْتَراحِه، كأبي بكر -رضي الله عنه- عُرِض عليه الإسلام فما تلعثم، وما تردد، وما كانت له كبوة في القبول، وإنما أجاب  كأنما يقال له: هلم إلى ماعزمت عليه، سلاسة في الإيمان، واعتناق ودعوة إليه على الفور، حتى ما لبث أن أتى بخيرة رجال الإسلام، من أشباهه؛ ليكونوا من أبرز المبشرين بالجنة، تعجب من وجازة الزمن وجلالة البذل والعمل.

والبعض فحص، ودرس، وخَبَر، ووصل؛ كورقة بن نوفل، فما إن عُرض عليه الإسلام، ولم يزل بدءًا لخيط النور، ذهب إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وخديجة؛ كمستشار لهما فيما حل به صلى الله عليه وسلم. 

ميَّز وحرر  الأمر ووفى في النصح، بل شد عضد النبي -صلى الله عليه وسلم- وآزره بالتثبيت، وشرح له الطريق فنصح وأفصح.

 ومن القوم من قاوم الجديد؛ لإلف القديم، وخوف الشذوذ عن السرب والقوم، وخشية التعيير والنكير، ولم يؤمن بالإسلام لا لقدحٍ فيه، رغم علمه  وثقته بأنه "خير دين" كقول أبي طالب: "لقد علمت بأن دين محمد، من خير أديان البرية دينًا، لولا الملامة، أو حذار مسبة، لوجدتني سمحًا بذاك مبينًا".

 والبعض كرهَ الخير،َ وحسدَ حاملَه كأبي جهل، رغم يقين منه أن الحق مع محمد صلى الله عليه وسلم. 

والبعض ممن كفر وعادى الدين كان ممن غيَّب وضللت عليه الأخبار، ونقلوا له صورة زائفة، بآلة الإعلام، كالطفيل الدوسي، لما آتى مكة معتمرًا؛ فخوفوه من سحر محمد صلى الله عليه وسلم، فحشا أذنيه كُرسُفًا (قطن)؛ لكيلا يتأثر به، ويؤذى بسحره، ولكنه أعمل عقله الواعي، وعين فيه تبصر، فلم ير من محمد إلا كل خير، فرمى قطنه، وأجاب الدين، وعاد لقومه بوجه جديد، يشع نورًا، ويحمل طوق نجاة؛ ليخرجهم من الظلمات للجنان، وكان حصيلة دعوته: أبو هريرة، قامة شماء، ثم تلاه قبيلة الطائف بعد زمان.

وممن أعرض مسحورًا بكيد الدعاية والإعلام، التي تكال للإسلام، كثيرون، تمادوا في كفرهم، وعادوا خيرهم، نبيًا، بلسانهم، ومن أنسبهم وأجمعوا عليه مدحًا وصدقًا وأمانة، لكنها غواية الشيطان في الإبعاد؛ ليوفي قسمًا لله انجزه من قديم الزمان.

وممن أعرض عن الإسلام من تعصب من غير أن يعلم عن الإسلام شيئًا، ولكن تحزب لأبيه وأخيه، يعادي شيئًا لا يعرفه، وإنما ورث من أبيه بغضَ الدين الجديد، ولم يفتش، ولا فحص ودرس، وإنما وقف في صف الأعداء لأن فيه أباه؛ كعكرمة بن أبي جهل، ويشبهه خالد وعمر بن العاص رضي الله عنهما، صاروا بعد صحابة، ولم يسلم عكرمة إلا بعد الفتح، لما غلب الدين، وأجارته زوجته، ونجاه الله من الكفر، فظل نادمًا عمره على كونه كان يومًا يعادي خير دين.

وأغلب الناس بالغرب هكذا ورثوا عداوة الاسلام من آباء كفروا، وتسلسل الكفر فيهم لدين لم يعلموا عنه سوى ما قيل لهم من آبائهم وأمهاتهم. 

تشغيب وتنفير؛ كمثل من يخوف الطفل من "فزاعة" و "غول" و "بعبع"، لا أنفي عنهم الخطأ والخطل، وإنما نحتاج فتحًا، فالإسلام تنفتح به عيون الغرب التي أغمضتها لهم الآباء، وكحلوها ببغض الإسلام، تلقينا هكذا وتنشأة، فيعادونا بغير علم، ويقتلونا بغير جريرة تقنعهم، إلا ما قيل عنّا من إفك وافتراء.

نحتاج فتحًا ونصرًا وثباتًا وأخلاقًا تبهرهم، ويروا فيه نور الإسلام، كما رآه يومًا "عكرمة"، بعد أن كاد يهلك بموروث بغيض من تلقين أبيه.