بعد فوز "الغزواني" رئيسًا لموريتانيا.. لماذا هددت المعارضة بالطعن على نتيجة الانتخابات؟

  • 168
ولد الغزواني


وفاز الحزب الحاكم

ولد الغزواني رئيسًا لموريتانيا.. والمعارضة تهدد بالطعن على نتيجة الانتخابات

الشرطة تداهم مقري "ولد اعبيدي وكان".. وانتشار قوات الأمن في العديد من المدن الكبرى


أعلنت حكومة موريتانيا يوم الأحد الماضي، فوز محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، وزير الدفاع السابق، في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم السبت الماضي، بنسبة مشاركة شعبية بلغت 62,66%؛ وذلك بتقدمه على منافسيه سيدي محمد ولد بوبكر، وبيرام ولد عبيدي، اللذان حصل كلّ منهما على نحو 18% من الأصوات، في حين حصل ولد الغزواني على نسبة 52.02%.

وبذلك يكون خليفة محمد ولد عبد العزيز المنتهية ولايته عسكريًا أيضًا، وعند مصادقة المحكمة الدستورية على هذه النتيجة فإن هذا سيُعد الانتقال السلمي الأول للسلطة منذ حوالي 6 عقود، أي منذ استقلال موريتانيا عن الاحتلال الفرنسي خلال عام 1960م.

من هو محمد ولد الغزواني؟

محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، ولد في بومديد بولاية العصابة عام 1959، ويدعمه حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها، وبذلك فهو الرئيس التاسع لجمهورية موريتانيا منذ استقلالها، وثاني رئيس يأتي بعد رئيس منتخب، وأسرة الغزواني ذات ميول صوفية، وتحظى باحترام الطبقة السياسية. 

واشتهر بأنه هادئ الطباع، ويتمتع بالثقافة، وهو عسكري محترف، ويحظى بقبول واحترام قيادات البلاد، وخلال عام 1978 انضم للجيش الموريتاني، وبعد ذلك حصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات القانونية، ثم نال درجة الماجستير في العلوم الإدارية والعسكرية، وحصل على دراسات وتدريبات عسكرية عليا في الأردن.

وكان ولد الغزواني في فترة الثمانينيات مرافقًا عسكريًا للرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، وفي شهر أغسطس من عام 2005، كان قائدًا لسلاح المدرعات، واشترك مع صديقه محمد ولد عبد العزيز في الانقلاب على الرئيس معاوية ولد الطايع، ثم عُين مديرًا لإدارة الأمن الوطني برتبة لواء.

ورقي في عام 2008 إلى رتبة فريق، ثم فريق أول، وعين في منصب قيادة الأركان الوطنية بعد مشاركته في الانقلاب الثاني مع صديقه محمد ولد عبد العزيز على الرئيس السابع للبلاد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.

وعُين الغزواني وزيرًا للدفاع بعد تقاعده في شهر نوفمبر من عام 2018م، ورشح نفسه خلال مارس الماضي بصفته مستقل في الانتخابات الرئاسية، وحظي بالطبع بدعم صديقه ولد عبد العزيز الرئيس الحالي المنتهية ولايته.


وبعدما تصدق المحكمة الدستورية على فوزه؛ سيحكم ولد الغزواني موريتانيا لمدة 5 سنوات مقبلة، لكن تنتظره ملفات كثيرة أهمها: "ملف حقوق الإنسان" الذي تفتقر موريتانيا إليه لا سيما ما يخص أوضاع الحراطين (العبيد المحررين) والإثنيات الأخرى.

ويواجه ولد الغزواني أيضًا تحديات كبيرة تتعلق بمجالات الفقر والتعليم والصحة،  وقد وعد بمعالجتها، بالإضافة إلى ملف الثروات المعدنية وأهمها الذهب. وقد تعهد الغزواني كذلك بحفر قناة نهر السنغال حتى يصل لوسط البلاد في مدينة ألاك، وإيجاد فرص عمل أكثر، وخلق اقتصاد قوي، والنهوض بالتعليم.


المتنافسون في ماراثون الرئاسة

تنافس على منصب رئاسة الجمهورية محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني وزير الدفاع السابق، وسيدي محمد ولد بوبكر رئيس الوزراء في عهد الرئيس معاوية ولد الطائع، ويدعمه حزب تواصل الإسلامي الذي يقود أكبر كتلة برلمانية معارضة في موريتانيا. وبيرام الداه ولد عبيدي الناشط الحقوقي الذي يمثل أكثر الأصوات المعارضة إحراجًا للنظام تحت قبة البرلمان، ورئيس حركة "إيرا" الحقوقية، وتدعمه جماعات زنجية تستوطن ضفة نهر السنغال، وبعض تجمعات الحراطين "العبيد السابقين" في سهول شمامه.

ومحمد ولد مولود رئيس اتحاد قوى التقدم، وهو حزب جمهوري يتبع تيار يسار الوسط، والسياسي، وكان حاميدو بابا البرلماني السابق، ومحمد الأمين ولد المرتجى الإداري المالي. وقد اقتصر التنافس في النهاية على ولد الغزواني وولد بوبكر وولد عبيدي.

حظوظ المرشحين

وقد أجمع معظم مراقبي الانتخابات الرئاسية الموريتانية الحالية على أنها كانت تنافسية بالدرجة الأولى، وأنها أول مرة منذ وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز، التي تُجرى فيها انتخابات تشارك فيها كل القوى السياسية دون استثناء أو إقصاء أو عزوف عن التنافس.

وارتفعت نسبة المسجلين بالانتخابات لأكثر من مليون ونصف مليون ناخب، يوجد معظمهم في المدن الكبيرة؛ وبناء على ذلك كانت حظوظ المرشحين الثلاثة الكبار شبه متقاربة، لكن مع زيادة حظوظ المرشح المدعوم من قبل الرئيس ومجمل أعضاء الحكومة، وهو محمد ولد الغزواني.

واعتمد المرشح ولد الغزواني على كتلة ناخبة قوية تضم قوى عدة، مثل أحزاب الأغلبية الداعمة للرئيس، محمد ولد عبد العزيز، المكونة من 21 حزبًا، بينها حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم في موريتانيا، وهو الحزب الذي يمتلك 102 من نواب الجمعية الوطنية البالغ عددهم 157 نائبًا خلال الدورة البرلمانية الحالية.

هذا بجانب  دعم كبار جنرالات الجيش والشرطة، بالإضافة إلى الدعم القوي من بعض رموز المعارضة السابقين، بجانب كتلة منشقة من حزب تكتل القوى الديمقراطية، وهي أبرز القوى السياسية المعارضة.

وبخصوص المرشح سيدي محمد ولد بوبكر، فقد بدأ يأخذ مكانته داخل الساحة السياسية، ويُنظر إليه كمرشح منافس جدي لمرشح السلطة بحكم علاقاته الواسعة والاستقبالات الشعبية الكبيرة له، والكتل السياسية النشطة التي ساندته خلال المرحلة الأخيرة.

ويحظى بدعم حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" المعارض، الذي لديه كتلة تبلغ 16 نائبًا في البرلمان و7 مجالس رئيسية، بينها دائرة مقاطعة عرفات وهي أبرز دوائر الصراع في العاصمة، نواكشوط، خلال الفترة الأخيرة.

ويحظى هذا الحزب بقوة تعبئة كبيرة، وحضور إعلامي قوي، وهو الأهم داخل الساحة السياسية الموريتانية. وحظي ولد بوبكر أيضًا بمساندة حزب حاتم بقيادة البرلماني السابق صالح ولد حننا، وهو شخصية محورية في تاريخ الصراع السياسي الموريتاني؛ وذلك بسبب دوره في الإطاحة بنظام الرئيس معاوية، من خلال قيادته لثلاث محاولات انقلابية خلال الفترة ما بين عامي 2003- 2005.

أما المرشح الثالث في ترتيب المرشحين، بيرام ولد الداه ولد اعبيدي، فقد شكَّل مفاجأة كبيرة خلال السنوات الأخيرة بعدما تمكن من حصد 10% من أصوات الناخبين سنة 2014، وتمكن من دخول البرلمان وهو سجين، ودخل معه اثنان من حزب الصواب القومي الذي احتضنه خلال الفترة الأخيرة.

وحظى بيرام ولد اعبيدي بشعبية كبيرة في أوساط الأرقاء السابقين "الحراطين"، وبعض الكتل الزنجية الباحثة عن تغيير داخل البلد، سيما سكان الضفة وبعض سكان نواكشوط.


ردود فعل المعارضة ومداهمات الشرطة

أكد مرشحو المعارضة أنهم سيطعنون في نتيجة الانتخابات الرئاسية، وشككوا في مدى صحتها، ولفتوا إلى أن هذه النتيجة بمثابة انقلاب، وقد حدثت بعض الاحتجاجات في المناطق الساحلية، ودعت قوى المعارضة للتظاهرات احتجاجًا على هذه النتيجة، وطالبت بنشر نتائج الاقتراع "مكتبًا بمكتب".

 

ومن جانبها، داهمت الشرطة الموريتانية يوم الاثنين الماضي مقري مرشحين معارضين هما "ولد اعبيدي وكان" وأغلقت أحدهما؛ بسبب اعتراضهما على نتيجة الانتخابات الرئاسية. وقد حدثت مواجهات في نفس اليوم بين شرطيين وأنصار المعارضة على مقربة من مقري حزبي ولد اعبيدي وكان. وانتشرت قوات الأمن في العديد من المدن الكبرى.