أختاه كوني خديجة

  • 450
أرشيفية

أختاه كوني كخديجة (رضي الله عنها)

بقلم- وفاء الشحات

كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- أشرف نساء مكة، ذات حسب ونسب وغنى ومال، لكنها لم تغتر يومًا بكل هذه المراكز الاجتماعية ورفضت مَن تقدم للزواج منها من وجهاء مكة وأشرافها، وبحثت عن زوج اشتهر بأخلاقه الحميدة، حتى لو كان فقيرًا فكان لقبه قبل البعثة الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.

كوني –أختاه- في حكمة السيدة خديجة –رضي الله عنها- وتواضعها، ولا تنخدعي بمغريات الدنيا الزائفة، اجعلي الدنيا في يدك لا في قلبك، تزوجي صاحب الدين والخلق، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

ثم دام زواج السيدة خديجة -رضي الله عنها- من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- 25 عامًا، منهم 15 عامًا قبل البعثة، خلال هذه الفترة بدأ -صلى الله عليه وسلم- يتعبد في غار حراء، فكانت -رضي الله عنها- تحضر الطعام والشراب، وتصعد الجبل، رغم كبر سنها، وتوصله للحبيب صلى الله عليه وسلم.

كوني في بذل وتفاني خديجة -رضي الله عنها- لم يكن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد بُعث بعد، ولكنها لم تألُ جهداً في مساعدته ورعايته، ولم تتأفف من هذا رغم غرابة ما كان يفعل على هذا المجتمع، ولكن ثقتها وإيمانها به -صلى الله عليه وسلم- ويقينها بأن سيكون له شأن، فكانت له داعمة ومساعدة وراعية.

فلا تكوني -أختي الغالية- حجر عثرة في حياة زوجك الدعوية أو العلمية وما يعود بالنفع على المسلمين.

ثم بعد ذلك بدأ الوحي ورجع -صلى الله عليه وسلم- من غار حراء خائفًا؛ فدخل على السيدة خديجة -رضي الله عنها-، وقال: "زملوني.. زملوني"، ثم أخبرها بما حدث في الغار، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لقد خشيت على نفسي"، فقالت خديجة -رضي الله عنها-: "كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعيين على نوائب الحق".

فكوني في شهامة أُمُّنا خديجة -رضي الله عنها- في المدلهمات ووقت الأزمات، يجد عندك الملاذ الآمن والراحة في الحديث بما في صدره، ويكون موقفك هو تذكيره بخصاله الحميدة ومواقفه النبيلة، وتسلطي الضوء على إمكانيته وقدرته على تخطي أي صعاب.

وعندما أشتد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحصار في مكة، وحوصر هو والصحابة في شعب أبي طالب ثلاث سنوات كانت معه -رضي الله عنها- بمالها، وضحّت بكل شيء في سبيل حماية وخدمة الدعوة والنبي صلى الله عليه وسلم.

فكوني في صبر وتضحية السيدة خديجة، وابذلي للدعوة من وقتك وجهدك ومالك -إن تيسر- حتى في أحلك الأوقات، وفي زمن الاستضعاف لا تنزوي وتصابي بهزيمة نفسية.

لقد كانت خديجة -رضي الله عنها- تفعل ذلك بحب ورضا وتفانٍ، لم تنتظر ثناءً من أحد، فكان جزاؤها أن بُشّرت وهي ما زالت على وجه الأرض ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.