أنتِ مختلفة

  • 406
أرشيفية

 أنتِ مختلفة

بقلم- نجلاء جبروني

أنتِ حقًا مختلفة، لستِ كالأخريات، كم نسمعُ من شكاوى الأمَّهات، آلامٌ وآهات، دموعٌ وحَسَرات، تُدَوِّي صرخاتُ قلوبِهن، تشتكي سوء معاملةِ البناتِ لهُن.

هذهِ ابنتُها لا تُطيعها، وهذهِ تَعْبَسُ في وجهِها، وهذهِ تقسُو ابنتُها عليها، وهذهِ ترفعُ عليها صوتَها، وهذه ابنتُها تُجادُلها كثيرًا وتُنازِعُها في الحديثِ.

وهذهِ تُنادي على ابنتِها فلا تُجِيب، لكنِّي أراكِ مختلفة.

عندما أعودُ من عملي متعبة، أفتحُ الباب، فتُقبِلينَ نحوي مُسرِعة، تُقابِلينني بالبشاشةِ والترحاب، ابتسامتُكِ تُنسِيني أحزانِي، لمسة يدِكِ تمسحُ تعبِي وعنائي. وكلماتُكِ الرقيقة، "وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا"، إنها سعادَتِي.

أراكِ مختلفة عندما أتحَدَّثُ إليكِ فتُصْغِينَ إليَّ، آذانُكِ تَسْمَعُني، عيونُك تَرقبُني، لا تنشغلين عَنِّي برسائلِ منصات التواصل الاجتماعي المختلفة كباقي البنات، أو محادثةِ الصديقات ومتابعة آخرِ الموضات.

بل أنتِ معي، تشْعُرِينَ بِمَا في داخِلي، تقدِّرِينَ تعَبي، تحاولينَ التخفيف عنِّي.

أراكِ مختلفة عندما تُسرعينَ في تلبيةِ ندائي، تحملينَ حقائِبي وهمومَ قلبي، أراكِ مختلفة حينما تكونينَ معي في أعمالِ البيت، حريصة على مساعدتي، مجتهدة في خدمتي وإعانتي، لا تطيبُ نفسُكِ إلا برَاحَتِي.

أنتِ حقًا ابنَتِي.. لا تتضَجَّرينَ من طلبَاتِي، بل تُطيعينَ أوامري، لم أسمعْ منكِ يومًا كلمة زجر، أو لفظ أٌفّ، {فَلا تَقُل لَّهُمَا أفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا}.

لم تعبسِي يومًا في وجهي، بل تتودَّدِينَ إليَّ، بنظراتِكِ الحنونة وكلماتِكِ الطيبة.

أراكِ مختلفة عندما تتحملينَ أحيانًا غضبي وعَصَبِيَّتِي وارتفاع صوتي، فلا تُعاتِبِينني بل تخفضي لي الجناحَ وترحمينني، {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}.

أراكِ مختلفة عندما ألاحظ عينيكِ اللامعتين تنظرانِ إليَّ بِعَطْفٍ وحنان وأنا بينَ الناس، حينما أسمعُ كلماتِ الثناءِ منكِ عليَّ، وأنتِ تُخبريِنَهُم قائلة: هذهِ أمِّي؛ أعظم أمّ، كم هي سعادتي حينما تغمُرينني بشعورِ التوقيرِ والاحترامِ أمامهم، فيطير قلبي قائلًا لهم: هذهِ ابنَتِي المؤدبة البارَّة بأَمها، كم أحبُّها.

أراكِ مختلفة حينما تَضُمِّينَ يدي إلى صدرك، فأحسّ نبضاتِ قلبك تخفق قائلة: "أحبُّكِ يا أمِّي، وجودُكِ معي يُطمئِنُنِي".

أراكِ مختلفة حين عودتُك، تدورِينَ في البيت كالفراشة تبحثينَ عنيِّ، تُسَّلِمينَ عليَّ ثم تقصَين حكاياتِك وأخبارَك، تشاورينني في أموركِ وتسمعين نصيحتي، فأنتِ ابنتِي وصديقتي.

أنتِ حبيبة قلبي، أنتِ نَجمَة لامعة في سماءِ حياتي، أنتِ بسمة مشرقة تُنيرُ دَرْبِي، أنتِ ربيع عمري وثمرة فؤادي، لا تنسي بِرَّي بعدَ موتي، بالاستغفارِ والدعاءِ لي والصدقة عنَّي وقضاءِ ديني.

حبيبتي: أدعو الله أن يَبرَّكِ أولادُك كما كنتِ بارَّة بي، وأن يرزقكِ الفردوس الأعلى من الجنان.. {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ}.