"ضم الأغوار".. سياسة صهيونية مستمرة لتحقيق أهداف التهويد والاستيطان

  • 181
أرشيفية

جولة جديدة يحاول الاحتلال الصهيوني أن يكسبها عبر ضم غور الأردن؛ رغم التحذيرات الداخلية المحذرة من تداعيات القرار على الكيان المغتصب في المحافل القضائية الدولية.
شراهة الاحتلال لأجل تحقيق مشروعاته الاستيطانية وابتلاع أكبر مساحات ممكنة من الأراضي الفلسطينية والعربية لا تتوقف، لهذا تسعى حكومة الاحتلال إلى ضم الأغوار لما تمتاز به من موقع ديموغرافي وخيرات طبيعية وموارد مائية ضخمة.
والأغوار هي المنطقة الواقعة بين بيسان حتى شمال البحر الميت وصولًا إلى منطقة عين جدي جنوبًا، إذ كانت تحت السيادة الأردنية حتى عام 1967، ثم خضعت كل المنطقة إلى الاحتلال.
وتقع على مساحة 860 ألف دونم، وطولها 70 كم، أما عرضها يتراوح ما بين 15 إلى 25 كم، وتنخفض عن سطح البحر من 270 حتى 400 متر عند منطقة البحر الميت.
بدأ الاستيطان في الأغوار عام 1968، وذلك لمنع تسلل الفدائيين القادمين من الأردن، ثم توسّعت الحركة الاستيطانية عام 1970 ووصلت إلى جبال الأغوار، ثم تلتها المرحلة الثالثة التي بدأت عام 1975 والمستمرة حتى الوقت الحالي، إذ تمثلت بإنشاء مستوطنات على طول طريق الأغوار.
ويكتسب غور الأردن أهمية كبيرة بسبب الحدود الطبيعية والتي تشكل عمقًا استراتيجيًا ومهمًا لنشر القوات وإزالة التهديد من الشريط الساحلي، حيث يتركز معظم سكان وصناعة الكيان المغتصب.
ويحد غور الأردن سلسلة من التلال بها خمسة معابر، يمكن أن يناور الجيش المعادي عبرها، ولذلك من السهل حماية أي معبر من أي عدو خارجي هناك.
وبما أن الأغوار تضم الأراضي الخصبة والمناخ الجيد أصبحت مطمعًا للمستوطنين الصهاينة حيث سخروا مواردها في إنتاج أفضل المنتجات الزراعية التي يتم تصديرها إلى الأسواق العالمية يحصل منها الاحتلال على أرباح وعوائد مالية ضخمة، حيث تقدر الأرباح التي يجنيها قطاع الزراعة بنحو 500 مليون شيكل.
ومن أبرز هذه الزراعات التمور التي يصدّر منها 80%، والعنب الذي يصدّر 70%، والفلفل الذي يصدّر 40%.
ويرى مراقبون أن مخاوف الاحتلال من قرار ضم الأغوار تتمثل في الخشية من فتح تحقيقات جنائية ضد رؤساء مجالس استيطانية وضباط في جيش الاحتلال، والتأثير على مجرى التحقيقات التي تجريها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، حول النشاطات الصهيونية في الضفة المحتلة.
من جهته أكد منصور أبو كريم، باحث في الشئون السياسية والعلاقات الدولية، أن هناك مساعي قوية من قبل حكومة اليمين المتطرف في الكيان المغتصب لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وخاصة منطقة غور الأردن.
وقال "أبو كريم" في تصريحات خاصة لـ "الفتح" إن هذه المساعي تأتي للاستفادة القصوى من التحول في الموقف الأمريكي تجاه عملية السلام في ظل إدارة ترامب بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب القدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة الأمريكية لها، وحاول تصفية قضية اللاجئين من خلال وقف تمويل الأونروا، وأعلن وزير خارجيته أن المستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تشكل مخالفة للقانون الدولي.
وأوضح أنه في ظل هذه المواقف الأمريكية المتطرفة هناك محاولات صهيونية لضم أجزاء من الضفة الغربية كما أعلن نتنياهو كجزء من الدعاية الانتخابية لحزب الليكود وكنوع من استثمار وجود ترامب في البيت الأبيض ومحاولة تحقيق أكبر قدر من هذه الاستفادة نظرًا لصعوبة التجديد لترامب لولاية ثانية في ظل مساعي الكونجرس لعزله بسبب سوء استخدام السلطة.
وأضاف: "يمكن القول إن هذه التصريحات التي تصدر سواء من نتنياهو أو من قادة الاحتلال تشكل توجهًا حقيقيًا من قبل اليمين المتطرف للقضاء على أي فرص للتسوية السياسية عبر سياسة الضم والتوسع التي تتبعها الحكومات الصهيونية التي تهدف لضرب فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967".
وحول تبني مجلس النواب الأمريكي قرار يدعم حل الدولتين، قال أبو كريم: إن هذا القرار يمثل رفضًا من المجلس لسياسة إدارة ترامب تجاه الصراع الفلسطيني الصهيوني، ويساهم في محاصرة قرارات ترامب الأخيرة تجاه القدس والمستوطنات واللاجئين.
ولفت الباحث في الشئون السياسية والعلاقات الدولية إلى أن القرار جاء في سياق اشتداد الأزمة الداخلية في الولايات المتحدة واحتدام الجدل الداخلي حول قرارات إدارة ترامب الخارجية، وكيفية تعاطي الحزب الديمقراطي مع أسس عملية السلام.
وأكد أنه يجب العمل على استغلال موقف الحزب الديمقراطي على المستوى الأمريكي والدولي لمحاصرة قرارات ترامب ومواقفه بما يعزز العودة إلى أسس التسوية وقرارات الشرعية الدولية في مقابل مقاربة ترامب الجديدة.
وحول أهداف إنشاء المستشفى الميداني الأمريكي في غزة وخطورته، أشار إلى أن خطورة هذه المنشأة ليست في كونها أمريكية أو أنها مستشفى ميداني بل كونها جاءت في سياق مخطط دولي لتمرير صفقة القرن عبر البعد الإنساني.
ولفت الباحث في الشئون السياسية والعلاقات الدولية إلى أن الرفض الشعبي والفصائلي لهذه المستشفى يعبر عن حالة الإجماع الوطني في رفض التعاطي مع الموقف الأمريكي حتى لو جاء في سياق تقديم خدمة إنسانية.
وشدد على ضرورة التمييز بين المساعدات الإنسانية التي تقدم دون ثمن سياسي وما بين مثل المشاريع التي تحمل طابعًا إنسانيًا وهي في حقيقتها غير ذلك.
واختتم بالقول: "باختصار المستشفى الميداني الأمريكي جاء في سياق مشروع تعزيز فصل غزة عن الضفة الغربية بهدف تأهيل البنية التحتية في غزة لكي تكون بديلًا عن الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967".