غرقان في الهموم

  • 622


دخلت مشفى يومًا بقريب لي، كانت له آلامٌ لا يحتملها وأنينه يقلقنا!! لا يدع لنا شهية لأي عمل رغم احتسابنا والصبر، لكن كيف تستقيم حياة مع وجعٍ لا تملك له تخفيف؟! فما إن دخلنا  به المشفـي؛ فإذا أنينه يتوقف وشيئًا فشيئًا -بحمد الله- هدأ، وجلس على سريره، وعاد لوجهه شيئًا فشيئًا لون الرضا، حين عاين  آلام الآخرين ووازن بين حاله وحالهم؛ فعدنا للبيت وقد أصاب الداءَ دواؤه؛ فهلت رياح العافية.

فيا من أثقلته الهموم وخيمت في سمائه الآلام والغموم هلا طالعت هم الناس وغم الآخرين؛ فخف عليك غمك وهمك، وإلا غرقت في شبر هم؛ تظنه بحر محيط.

 اقرأ.. طالع.. اعرف ما قد حدث للغير، واعرف هموم الناس، وأكبر منها هموم الأمة، ألم يكن لك سلف يصغر ألمه، ويكاد يختفي مع هم الدين والأمة والمسلمين؟! وإلا كيف استطاع الصحابة في غزوة حمراء الأسد أن يخرج منهم الجريح وكلهم قد مسهم القرح وما منهم إلا مصاب؟! لكنه يهون عليه مصابه ويصغر حين يزنه بمصاب الغير، والكل يصغر مع مصاب الأمة، وكيف فعلها ذلك المجاهد الذي قطعت ذراعه في معركة؛ فقاتل بها طوال يومه، ثم لما عطلته وكانت تلتصق بجلدةٍ تبقت بكتفه تمطى عنها فقطعها وواصل الجهاد؟! وبعضنا ينام في بيته من ظفر صغير احتبس بعض الدم تحته؛ فهلا خرجنا من دوائرنا الصغيرة لندرك أنها صغيرة حين نرى تلك الدائرة الكبيرة، وربما رأينا حينها آلامنا المزعجة  نقطة ليست ذات بال أبدًا