سفينة الحوار

(الحوار الرباني)

هويدا شعيب

  • 608



 

الحوار أو الجدل له دلالة واحدة، وهي مناقشة بين طرفين أو أطراف؛ لتصحيح المفاهيم والكلام، وإظهار الحجة، وإثبات الحق لغرس القيم الحميدة، ورد الفاسد من القول والرأي، ودفع الشبهة.

 

والقرآن الكريم مليء بالحوارات الهادفة ذات العبر، فهنا نجد حوارًا بين الله -عز وجل- وآدم، وهناك حوار بين الله -عز وجل- والملائكة، وهنالك حوار بين الأنبياء وأقوامهم، وحوار بين موسى والخضر عليهم السلام جميعًا، وغيره الكثير.

 

وحكى لنا القرآن أقدم حوار وهو حوار لله -عز وجل- مع الملائكة، فكان جله عن الإنسان قبل خلقه، قال تعالى للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، فتقول الملائكة {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}، فيقول العليم {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.

ويبين لنا هذا الحوار أنه أقدم حوار في القرآن؛ ليؤسس خُلق الحوار، وبيان لقيمة العلم، فللعلم نصيب، وللجهل إقصاء وتغريب، فالحوار مبدأه ومنتهاه العلم.

وبالعلم ميّز آدم -عليه السلام- على الملائكة، وكُرم، وينبغي للحوار أن يكون له هدف وغاية .

فالله -عز وجل- يحاور الملائكة وهو مَن أمره بين الكاف والنون؛ لبيان الحكمة من خلق الإنسان، وهذا خُلق الحوار .

فإذا صار الحوار تراشقًا بالألفاظ وتنابز بالألقاب وإنكارًا للحجج والثوابت فقد خرج عن غاية الحوار، وأصبح جدلًا مذمومًا، ونقف هنا لترسوا بنا السفينة عند مرسى آخر ألا وهو حوار الله -عز وجل- مع آدم عليه السلام.


  • كلمات دليلية
  • الحوار