لماذا أصبح البترول يباع بالقيمة السالبة؟ اعرف الأسباب من خبراء الاقتصاد

"تأخذ البترول وعليه فلوس"

  • 970

قال الدكتور السيد لطفي عميد كلية التجارة بجامعة القاهرة، أن بيع البترول بالقيمة السالبة هذا لم يحدث في تاريخ العقود الآجلة لسعر البترول، أن يتم بيع البترول بقيمة سالبة، يعني "تأخد البترول وعليه فلوس"، وهذا حدث لأن "خام تكساس" عقود تنفيذه الخاصة بشهر مايو آخر يوم لصلاحيتها الثلاثاء ٢١ إبريل، ولابد أن يتسلم صاحب العقد الخام ويخزنه بنفسه، ونتيجة لضعف الطلب على البترول، وعدم وجود صهاريج فارغة، فهي كلها ممتلئة، فأصبح يتم بيع هذا الخام مجانا، بل ويتم دفع المال لمن يحمل هذا البترول لتخزينه في أوكلاهوما في كوشينج.

وأما بخصوص عقود البترول الخاصة بتسليم شهر يونيو، والتي تنتهي يوم ١٩ مايو، أوضح "لطفي" في تصريح له أنها انخفضت قليلا، ولكن العقود التي ستنتهي صلاحيتها بعد خمسة أشهر فإن سعر البرميل ٣٠ دولار تقريبا مما يعني أن الأسعار ستعود لطبيعتها.

وأضاف عميد كلية التجارة بجامعة القاهرة، أن سبب تماسك سعر "خام البرنت" عند ٢٦ دولار الآن، رغم أن سعره في بداية العام كان فوق ٦٠ دولار يعني انخفض بأكثر من ٥٠ ٪؜، لكنه الآن متاسمك لأنه لا توجد مشكلة الصهاريج، فعقود "برنت" تسليم يونيو، ولكن لابد من ضبط حجم الإنتاج من خلال منظمة أوبك.

وأكد أن إنتاج خام البترول أكتر من اللازم، وعدم وجود طلب جعل الصهاريج ممتلئة، وعندما حان موعد التنفيذ للعقود لا يوجد مكان للتخزين، فتم بيع البترول بالسالب، يعني "شيله من عندنا و خد فلوس".
وهو ما يحدث مع الفلاح البسيط، أنه يعطيك محصول الطماطم مجانا و يدفع لك مالا لتأخذها من الأرض. وهذا إذا كثرت وزادت زراعة الطماطم أو نفس المنتج مع عدم وجود طلب بحجم العرض.

وختم أن العقود الآجلة التي استخدمت للمضاربة غير حقيقية، يعني يشتري المستثمر عقود بترول، وهو غير محتاج لها فعلا، فهي مفسدة فعلا.
وطالب الأمم المتحدة بوقف هذا النوع من العقود، ومنع التعامل بها، لأن هذه الصناعة قيمتها ٩٠٠ تريليون دولار في حين أن الناتج القومي لدول العالم مجتمعه ٩٠ تريليونا فقط، أي أننا لدينا صناعة ورقية عشرة أضعاف الناتج الحقيقي، وهذا ما يعرضنا لأزمات مالية كثيرة.


وذكر "لطفي" أن هناك حديثا نبويا من ١٤٠٠ عام تحدث عن هذه الأمور بصورة اقتصادية بحتة و أعطى الحلول للخروج من ذلك، مشيرا إلى حديث "ربا الفضل"، حيث تحدث عنه لطلابه في مادة التمويل و الاستثمار مؤكدا أن هذه السنة النبوية تمثل دستورا اقتصاديا، وهو ما يعرف في الغرب بالتمويل الأخلاقي، أو ما نطلق عليه نحن التمويل الإسلامي.



ومن جانبه قال يحيى الصافي، الباحث في العلوم الاقتصادية والسياسية، إن الله تعالى قد حرم الربا والغرر، وجعل علة "ربا النسيئة" التحريم لذاته، لأنه كسب مضمون بلا إنتاج حقيقي. وقد نهى الشرع عن ربح مالم يضمن.

وفي تصريحات خاصة للفتح، قال "الصافي" إن من مصائب الاقتصاد العالمي الآن أنه اقتصاد ربوي من جانب، وبورصوي ورقي من جانب، ويمثل الإنتاج الحقيقي %20 فقط من الإنتاج العالمى، والباقي أوراق ومضاربات، ليصبح الاقتصاد العالمي أوراقا تجرى وراء أوراق.

وأضاف أن شريعة الإسلام لما حرمت "ربا الفضل" إنما حرمته لأنه باب لربا النسيئة، فأصبح ربا الفضل ليس محرما لذاته بل محرما لغيره.
وهناك وعلة أخرى وهي أن الإسلام أراد أن يرفع مستوى البشرية الاقتصادي، ويتم توسيط النقد، وتنتقل البشرية من الاقتصاد السلعي التبادلي إلى الاقتصاد النقدي، لما فى ذلك من تحرير التجارة من ضيق المبادلة السلعية إلى رحابة النقد.

ودلل على هذا بما بينه النبي صلى الله، كما في الصحيحين، لما قال لبلال رضي الله عنه، لما ابتاع صاعين من التمر الردئ، بصاع من تمر برني ليطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:"أوه عين الربا عين الربا، لا تفعل. ولكن إذا أردت أن تشتري؛ فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتره".


وأوضح أن هذا يعنى أنه لابد من توسيط النقد، وأن تباع كل سلعة مثلية بقيمتها نقدا. وإن المتأمل يجد أن الاقتصاد البورصوي قائم على أوراق ومبادلات ورقية، بعيدا عن القيمة الحقيقة السوقية للسلع، وما يصاحب ذلك من مضاربات موهومة، تهتز عند أول أزمة إنتاج، ليظهر الاقتصاد الربوى الهش وخطره على حياة الناس كسادا وفقرا.