• الرئيسية
  • الأخبار
  • عيدنا أهل الإسلام -نشرة تصدرها الدعوة السلفية في الأعياد- عيد الأضحى المبارك 1441هـ

عيدنا أهل الإسلام -نشرة تصدرها الدعوة السلفية في الأعياد- عيد الأضحى المبارك 1441هـ

  • 509
الدعوة السلفية

أصدرت الدعوة السلفية نشرة تحمل عنوان عيدنا أهل الإسلام، تصدرها  في الأعياد بمناسبة عيد الأضحى المبارك 1441هـ
جاء نصها 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

معشر المسلمين...

هذا يوم عيدنا، يوم الحج الأكبر، يوم يربط حاضرنا بماضينا؛ لنستلهم منه الطريق الذي ينبغي أن نسير عليه،

ومِن بين الدروس الكثيرة التي تفوح مِن هذه المناسبة العظيمة، نقتطف هذه الدروس؛ لعل الله أن ينفعنا بها.

- الحج ومقام النبي -صلى الله عليه وسلم-:

قضية السُّنة ومكانتها في التشريع الإسلامي هي أحد أهم القضايا الحاضرة بقوةٍ في كل زمان؛ فمنذ زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- يشغِّب حولها المبطلون، وهم قوم وصفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا في سنته، فقال: (لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ أَمْرٌ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

ولقد اعتاد هؤلاء أن يتحدثوا بباطلهم، واعتاد أهل العلم أن يواجهوهم بما يدحض باطلهم وشبهاتهم بحججٍ واضحاتٍ بيناتٍ، منها: العبادات التي يعلم القاصي والداني -بما في ذلك غير المسلمين- بأن هذه هي صلاة المسلمين، وأن تلك هي مشاعر حجهم، وفيهما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) (رواه البخاري)، وقال: (خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ) (رواه مسلم).

وهذا امتثال من النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمر ربه: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل:44)، وبدورهم امتثلت الأمة لأمر ربها -عز وجل-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر:7).

فنقل لنا الصحابة -رضي الله عنهم- صلاته -صلى الله عليه وسلم-، ووصفوا لنا حجه، وبيَّنوا أخلاقه وصفاته، وحمل هذا العلم علماء جهابذة جيلًا بعد جيلٍ، كما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلين) (رواه البيهقي، وصححه الألباني).

طعن هؤلاء المبطلون في الدِّين ككلٍّ عن طريق طعنهم في السُّنة؛ سواء أدركوا هذا أو لم يدركوا، ودافع هؤلاء عن الدِّين عن طريق دفاعهم عن السُّنة مدركين أن الطعن في السُّنة يطيح بأكثر مِن نصف الشريعة، وفي ذات الوقت يبقي النصف الآخر "وهو ما ورد في القرآن" عرضة للتحريف والتأويل بحسب الأهواء؛ غير أن أهل البدع قديمًا وإن تجارت بهم الأهواء في كل وادٍ سحيقٍ، لم يبلغ تنكرهم لمقام النبوة إلى الحدِّ الذي بلغه أحدهم حينما زعم أن أفعال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليست حجة!

وزاد الطين بلة والعمى ظلمة حين أضاف: أن حتى تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- للقرآن هو تفسيره لنفسه، وبوسع كلٍّ منا أن يكون له تفسيره الخاص للقرآن!

لقد عشنا فترات طويلة نعاني من البدعة المقابلة، وهو الغلو في النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ أنه أصل الكائنات، أو سبب خلقها، أو غير ذلك، مما كانت -ولا زالت- تردده الصوفية؛ فإذا نهيتهم عن هذا عملًا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ) (رواه البخاري)؛ إذ بهم يتهمونك بأنك انتقصت مقام النبوة! مع أن هذا هو أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وتجدهم يصرون على التوسل بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بجاهه، مع أن عمر -رضي الله عنه- قد قال في حضور أهل المدينة: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا"؛ فدلَّ هذا على أنهم كانوا يتوسلون به -صلى الله عليه وسلم- توسلًا لا يصح إلا في حياته، ومِن ثَمَّ لما قُبض -صلى الله عليه وسلم- توسلوا بعم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا يدل على أنهم كانوا يتوسلون بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، ثم بعد مماته توسلوا بدعاء الصالحين الأحياء؛ لا سيما آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-.

واليوم تتعايش البدعتان المتقابلتان: الغلو في الصالحين عامة؛ لا سيما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. والجفاء الذي يبلغ حد الجحود في مقتضيات الإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.

وفي الواقع فالغرب يريد منا ثلاثية عجيبة:

الأولى: أن نغلو في النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي آل بيته، وفي الصالحين، فنتشبه بهم، وهذا ما حذرنا منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وهو على فراش الموت، فعن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: (لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) (متفق عليه).

الثانية: أن نسقط مِن معاني إيماننا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- معنى وجوب تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر؛ لنتماهى مع العولمة العالمانية، التي لا يجدون غضاضة في أن يقرأوا في الكتب التي بين أيديهم تحريم الربا ثم يجعلونه عماد اقتصادهم، وتحريم الزنا ثم يجعلونه حرية شخصية، وهكذا... !

الثالثة: أن يُنفَى التلازم بين حب المؤمنين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين بغضهم لشانئيه مع أن الرب -جلَّ في علاه- قال لما قال أبو لهب للنبي -صلى الله عليه وسلم-: تبًّا لك يا محمد: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (المسد:1)، وقال في حق شانئيه: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (الكوثر:3).

وقال في حق مكذبيه: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام:33)، وقال في حق المستهزئين به: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (الحجر:95).

فائدة:

بغض مبغضي المحبوب قاعدة شرعية، قال -تعالى-: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22).

وهي أيضًا قاعدة عقلية أيضًا، قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:

شــرط الـمـحـبـة أن توافـق مَـن                    تحب على محبته بـلا عـصـيان

فإذا ادعيت له المحبة مع خلافك                    مــا يـحــــب فـأنـت ذو بـهـتـان

أتـحـب أعداء الحبـيـب وتـدعـي                     حـبـًّـا لـه مـا ذاك فــي إمـــكـان

وكــذا تـعـادي جـاهـدًا أحـبـابـه                      أين المحبة يا أخا الـشـيـطـان؟!

فائدة:

الحق وسط بين الإفراط والتفريط:

فقوم يزعمون محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويزعمون محبة مَن يتهمونه -صلى الله عليه وسلم- بالكذب على الله -عز وجل-، وآخرون يبغضونهم، ولكن يجاوزون البغض القلبي إلى الظلم والجور مخالفين بذلك قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8).

والوسط هو الجمع بين البغض القلبي والبر والإقساط، قال -تعالى-: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8).

وَأَرسَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- عَبدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ -رضي اللهُ عنه- لِيَخرِصَ نَخلَ يَهُودِ خَيبَرَ، فَلَمَّا جَاءَهُم شَكَوا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- شِدَّةَ خَرْصِهِ وَأَرَادُوا أَن يَرشُوهُ فَقَالَ: "يَا أَعدَاءَ اللهِ أَتُطعِمُونِي السُّحتَ؟ وَاللهِ لَقَد جِئتُكُم مِن عِندِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَأَنتُم أَبغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ مِن عِدَّتِكُم مِنَ القِرَدَةِ وَالخَنَازِيرِ، وَلَا يَحمِلُنِي بُغضِي إِيَّاكُم، وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَن لَا أَعدِلَ عَلَيكُم"، فَقَالُوا: "بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ".

تلبيس مَن يزعم عدم لزوم طاعته -صلى الله عليه وسلم- بدعوى أنه بشر:

لا شك أن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله هي أقوال وأفعال بشرية بحكم أنها واقعة من بشر؛ إلا أنه -صلى الله عليه وسلم- معصوم بإجماع المسلمين في كل ما يتعلق بإبلاغ الدين، بل الصحيح أن الأنبياء معصومون حتى مِن الخطأ في التطبيق، والمسلمون مجمعون على هذا في شأن الكبائر، والجمهور -وهو الصحيح- يقولون بعصمة الأنبياء من الصغائر أيضًا؛ ولأن الله -تعالى- جعلهم قدوة للناس، وأمر الناس باتباعهم كما قال الله -تعالى-: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) (الأنعام:90)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ يُطِعِ اللهَ إِنْ عَصَيْتُهُ) (رواه مسلم).

وأما عصمته -صلى الله عليه وسلم- في التشريع: فيكفي أن الله جعل كل ما ينطق به النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن الوحي؛ لأنه إما أن يكون وحيًّا، وإما أن الوحي قد أقره، قال -تعالى-: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (النجم:3-4)، وقال -تعالى-: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

ومِن ثَمَّ صارت طاعته -صلى الله عليه وسلم- من طاعة الله، قال -تعالى-: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (النساء:80)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء:59).

ومن معاني الحج: وحدة الأمة الإسلامية: قال -تعالى-: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:92)، ولعلك لا تدرك المعنى التام لهذه الآية الكريمة إدراكًا تامًّا إلا عندما يمن الله عليك بالحج أو العمرة، أو عندما تطالع مشاهد الحجيج في وسائل الإعلام.

أناس جاءوا مِن بقاعٍ شتى؛ ألوانهم مختلفة، وعاداتهم مختلفة، ولكن وحَّدتهم ملابس الإحرام البسيطة التي تذكِّر بني آدم بأصل المساواة بينهم.

وفي هذا العام، ورغم قصر الحج على المتواجدين داخل المملكة العربية السعودية؛ إلا أن المشهد ما زال معبِّرًا عن تنوع الألوان والأعراق واللغات؛ كل قوم كان منهم مَن يمثِّلهم في هذا المحفل الذي آلم كل مسلم أن يكون مَن فيه بالمئات بعد أن كانوا بالملايين!

نسأل الله أن يرفع عن الأمة الإسلامية وباء كورونا، وسائر الأوبئة، وأن يردهم إلى مساجدهم وإلى حرمهم ومناسكهم.

كلمة لمَن يظن أن المشاركة في "سايكس - بيكو" الجديدة، تصويبًا لـ"سايكس - بيكو" القديمة:

كنا وما زلنا أمة واحدة.

معبودنا واحد.

رسولنا واحد.

كتابنا واحد.

شريعتنا واحدة.

وكنا كذلك على الأرض حين خاطب حاكم بلاد المسلمين يومًا سحابة، فقال "أمطري حيث شئت، فسوف يأتيني خراجك!".

ثم تداعت علينا الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها كما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت "سايكس - بيكو"، وأعمل الخصم سكِّينته المسمومة يقسِّم ويجزِّئ، ويضع حددوًا وفواصل، وكعلاوة أخذوا فلسطين فمنحوها لليهود؛ لتكون المثال الصارخ على إعطاء مَن لا يملك لمَن لا يستحق!

ومخطئ مَن يظن أن الشريعة لا تتضمن إلا بيان الحالات المثالية، بل فيها كأحكام تفصيلية أو كقواعد كلية حلٌّ لكل مشكلة، ومنهاج للتعامل مع كل واقع.

إن هذا الواقع الذي تعيشه الأمة الآن يحتِّم على أهل كل بلد إسلامية أن يعنوا بتأمين جبهتهم الداخلية، وتقوية جيوشهم والحفاظ عليها، تزامنًا مع إقامة علاقات سوية بين الدول الإسلامية، وتقوية التعاون العسكري والاقتصادي والمضي به للأمام كلما تيسرت أسباب ذلك.

وفي المقابل: فالغرب لم تشبعه "سايكس - بيكو"، أو أذهله قدرة هذه الأمة على الصمود وسرعة استفاقتها بعد كل كارثة، فشرع في "سايكس - بيكو" جديدة، يُعاد فيها تقسيم المقسَّم وتجزئة المجزَّأ، وللأسف يستعمل الغرب في هذه المخططات أقوامًا بنوا بنيانهم الفكري على رفض "سايكس - بيكو"، وعلى حلم عودة الوحدة الإسلامية، لكن مع ضعفهم في تنزيل النصوص الشرعية على الواقع، وعجزهم عن الاستفادة من تجارب الماضي؛ حينما استعمل الاعداء أتاتورك لضرب الوحدة الإسلامية بمبررات قومية وعالمانية تزامنًا مع استعمال "الشريف حسين" لضربها بمبرراتٍ تبدو دينية!

وحينما استدرجوا "صدام حسين" بأن مِن حقه ضم الكويت.

وحينما... وحينما...

واليوم تداعب عواطف الجماهير صورة بطل اسلامى، يقود جيشًا عالمانيًّا يسعى إلى خلافة إسلامية وسط ترحيب دولي،

ورغم أن التنافر بين كلمات هذا السطر السابق يكاد يستعصي على مجرد كتابته؛ إلا أن هؤلاء مَن يعلِّقون آمالهم به!

وليس هذا هو أخطر ما في الأمر، ولكن الأخطر هو: أن هذا المشروع لا يتم مِن وجهة نظر أصحابه؛ إلا إذا

قبلتَ العالمانية الصريحة في تركيا، ودعمت الحوثيين في اليمن مع جمعهم بين العصبية الجاهلية والانحراف المنهجي، وهللت للدواعش الذين يقتلون الأبرياء في سيناء، وتمنيت لهم أن يسيطروا على ليبيا، ومكنتهم من حدود مفتوحة مع مصر، وتمنيت انهيار السعودية؛

 فأي وهم هذا الذي يفعل بصاحبه هذا؟!

كيف يمكن لمكتوي مِن نار "سايكس - بيكو" أن يجعل دواءه منها مزيدًا مِن التقسيم والاضطراب؛ لا سيما في بلاد السُّنة الكبرى "وعلى رأسها: مصر" التي يريدون إغراقها في الفوضى والسعودية التي ليست ببعيدة عن مشاريع التقسيم؟!

فيا قومنا...

احفظوا أمن بلادكم، وحافظوا على قوة جيشها، ودعِّموا اقتصادها، وإن تعرضتم لظلمٍ أو هضمٍ أو إقصاءٍ؛ فرسالتكم لا بد وأن تسمو على نفوسكم بما في ذلك حقوقها المشروعة، والتي نطالب بها؛ فإن جاءت في الدنيا فبها ونعمت، وإلا فعند الله الملتقى.

ولكن احرصوا دائمًا أن تلقوا ربكم وشعاركم: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (هود:88).

وتقبل الله منا ومنكم.

الدعوة السلفية بمصر

الخميس 9 ذي الحجة 1441هـ

30 يوليو 2020م