• الرئيسية
  • تقارير وتحقيقات
  • خاص.. أزمة الخبز معاناة جديدة أمام الشعب السوري.. و ميليشيات بشار تبيع الدقيق المُدعم بالسوق السوداء بـ10 أضعاف ثمنه

خاص.. أزمة الخبز معاناة جديدة أمام الشعب السوري.. و ميليشيات بشار تبيع الدقيق المُدعم بالسوق السوداء بـ10 أضعاف ثمنه

  • 357

أزمة الخبز تُضيف لقصص معاناة وقهر الشعب السوري

طوابير العيش داخل أقفاص حديدية من أجل ربطة خبز لا تحوي إلا 7 أرغفة

ميليشيات بشار تبيع الدقيق المُدعم بالسوق السوداء بـ10 أضعاف ثمنه

تقرير-  عمرو حسن 

بعدما كانت الأراضي السورية مليئة بالقمح، ومصدرًا لسد حاجة الشعب السوري من الغذاء، تغير الحال، وأضحت بلاد الشام تنتظر المعونات من القمح والذرة والطحين لتخبز الخبز والطعام للمواطنين الذين لا يجدون مالًا ليدفعوا ثمنه، أما ميليشيات الأسد وأتباعه، فهم في مأمن ولايرون ثمَّة معاناة في إيجاد الخبز أو دفع ثمنه، إن لم يكونوا يحصولوا عليه مجانًا، وشهدت الأيام الماضية إشتداد "أزمة الخبز" التي باتت تعصف بالشعب السوري منذ أسابيع، دون أي حلول تذكر من قبل حكومة النظام التي لا تؤمن الغذاء إلا لنفسها ولحلفائها فقط.

ارتفع سعر الخبز، في سوريا، كثيرا بحسب قرارات لحكومة النظام، التي رفعت أيضا، سعر الطحين، وميَّزت بين الخبز المباع للسوري، بكيس بلاستيكي، وآخر يباع بدونه، حتى أضحى مثارا لسخرية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قررت وزارة التجارة الداخلية التابعة لحكومة النظام السوري، بناء على توصية من اللجنة الاقتصادية، رفع سعر كيلو الخبز، ليصبح 75 ليرة، إذا ما كان مباعاً بدون كيس نايلون، أما في حال بيعه بكيس، فإن وزن 1100 غرام من الخبز، سيكون بـ 100 ليرة، بحسب 3 قرارات دخلت حيز التنفيذ، رفع فيها سعر الطن من الدقيق المدعوم من الحكومة إلى 40 ألف ليرة، وبررت حكومة النظام، رفع سعر الخبز ، لما وصفته بالتحديات الاقتصادية والعقوبات المفروضة على الأسد، في الوقت الذي كان شعار حكومته، ينادي بالخبز خطا أحمر، وفقًا لزعمهم

وترجع أزمة الرغيف في سوريا، بحسب أنصار النظام أيضا، ناتجة بشكل أساسي عن "الفساد" المستشري في مؤسساته، عبر "السوق السوداء" التي من خلالها يتم بيع الدقيق المدعم، بأسعار السوق، وبفوارق خالية، وفي حالات كثيرة، هرِّب فيها الدقيق المدعم، بأسعار مخفضة، ليوزع ويباع بأسعار ضخمة في السوق السوداء.

واصطف السوريون طوابير، على منافذ بيع الخبز والأفران، في الفترة الأخيرة، حتى وصل الأمر ببعض الأفران التابعة لحكومة النظام، كأفران ابن العميد في العاصمة السورية، بنصب أقفاص حديدية أشبه بالسجون، لضبط انتظار المواطنين، حشر فيها، المتشوقون لشراء أرغفة الخبز، في صور "مهينة" و"مذلة" بحسب آلاف التعليقات التي ضربت وسائل التواصل، مما دفع بالنظام لإلغاء تلك الأقفاص، ليحصلوا على ربطة الخبز وهي كيس يحوي 8 أرغفة من الخبز بلغ سعرها مستويات مذهلة للسوريين، حيث تباع الآن بـ«700 ليرة

وكان مدير مخابز دمشق، نائل اسمندر، قد صرح لوسائل إعلام محلية، بأن هذه الطريقة استخدمت "لتنظيم الأدوار فقط، وللفصل بين الرجال والنساء وجنود الجيش". كما أضاف أن "ثقافة الدور (الطوابير) غير موجودة في سوريا"، وعقب ردود الفعل الغاضبة والانتقادات الواسعة عبر مواقع التواصل، أزالت محافظة دمشق الأقفاص واستبدلتها بعلامات على الأرض للفصل بين المواطنين.

وأثارت الصورة التي تداولها سوريون بشكل واسع، موجة واسعة من الغضب والاستنكار، إذ اعتبرها البعض "طريقة جديدة لإذلال الشعب السوري". كما أعادت الجدل حول الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد، وصعوبة الحصول على المستلزمات اليومية ولقمة العيش التي باتت عصية وبعيدة عن متناول يد غالبية السوريين.

ووفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية يحق لأسرة مكونة من شخصين الحصول على ربطة خبز واحدة فقط يوميا؛ بينما تحصل العائلة المكونة من ٤ أفراد على ربطتين، والمكونة من 6 أفراد على 3 ربطات، بينما العائلات المكونة من ٧ أشخاص أو أكثر تقتصر على ٤ ربطات من الخبز، بغض النظر عن عددهم في المنزل، وتتكون الربطة الواحدة من 7 أرغفة.

وأكدت الصحيفة أن أغلب الأسر تلجأ إلى السوق السوداء للحصول على الخبز والذي يصل فيه سعر الربطة إلى 500 ليرة مقابل 100 في المخابز الحكومية، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يعيش 90٪ من السوريين في مختلف الأجزاء التي يسيطر عليها النظام يعيشون تحت خط الفقر، وبلغت البطالة 80٪ ، كما أكد برنامج الغذاء العالمي أن 9.3 مليون سوري يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي، بزيادة قدرها 1.4 مليون في الأشهر الستة الماضية وحدها، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق.  



وقال عبد الرحمن ربوع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري، إنَّ حكومة النظام السوري لم تستطع في دمشق إعادة التوازن للاقتصاد الذي تديره، وعجزت عن تأمين الاحتياجات الأساسية للمعيشة من غذاء ومحروقات وكهرباء رغم مرور أكثر من سنتين على سيطرتها الكاملة على مجمل المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة وانسحبت منها بموجب اتفاقات مع روسيا. 

وأشار عبد الرحمن ربوع في تصريح خاص، أنه يمكن تلخيص أسباب المشكلات التي يعاني منها المواطنون السوريون في منطقة سيطرة قوات النظام وحكومته وخصوصاً في حلب ودمشق بكون هذه المنطقة بالأساس فقيرة زراعياً ولا يستخرج منها أي نفط فيما تسيطر الفصائل الكردية المدعومة من التحالف الدولي على منطقة الجزيرة التي تعتبر سلة غذاء البلد ومنجم ثرواتها الباطنية، بالإضافة إلى تهالك البنية التحتية في مناطق سيطرة النظام والتي لم تتحدث منذ أكثر من خمسين سنة، مضيفًأ أن السبب الثاني لتلك المعاناة نزوح ولجوء مئات الآلاف بل الملايين من المواطنين من مناطق سيطرة النظام إلى خارج سوريا أو إلى إدلب وبالتالي لا تجد الأراضي الزراعية من يزرعها ويحصدها. 

وأردف الخبير في الشأن السوري، أنَّ السبب الثالث عجز إيران وإحجام روسيا عن إمداد حكومة النظام بما تحتاجه سواء من مواد غذائية أو مشتقات بترولية ولذلك أسبابه المتعلقة بالضغوط الدولية والعقوبات الأمريكية المفروضة على نظام الأسد والنظام الإيراني وعلى روسيا نفسها. 

ولفت المحلل السياسي السوري إلى سبب رابع وهام وهو هروب رؤوس الأموال من منطقة سيطرة النظام إلى خارج البلاد وخصوصاً إلى لبنان وعجز حكومة النظام عن إيجاد حلول لمشكلة توقف عجلة الإنتاج الصناعي في حلب ودمشق وحتى بعض المصانع التي افتتحت نهاية العام الماضي، وحظيت بدعاية كبيرة وتغطية إعلامية واسعة كمصنعي الورق والألبان تبين لاحقاً أنها منشآت لانتاج المخدرات والممنوعات حيث ضبطت عدة شحنات من صادراتها في إيطاليا ومصر والأردن. 

وأكد عادل الحلواني المعارض والمحلل السياسي السوري، أنَّ أزمة الخبز بسوريا هي واحدة من مجموعة أزمات كالوقود والكهرباء، وأن السبب الرئيسي هو تدمير الاراضي الزراعية المحيطة بالمدن وخروج الشمال ومنطقة الجزيرة الغنية بالقمح عن سيطرة النظام والتي سيطر عليها الأكراد، وعدم وجود سيولة نقدية لصرفها على مستلزمات الحرب على الشعب السوري لإستيراد مادة القمح وخروج افران الريف عن العمل بسبب التدمير الممنهج لها أثناء الحصار.

وشدد الحلواني في تصريح خاص على أن طول الأزمة أدى إلى نفاذ الاحتياطي من القمح، وإلى تكالب مجموع هذه الازمات الغذائية وغيرها على الشعب السوري الجريح، مما أدي أيضًا لفقدان الاحتياطي النقدي وإغراق البلد بالديون وتعدد الأزمات.