جُد تجد خيرًا

لنرحم حاجة الفقير

صفية محمود

  • 970

 

حين تأوي لفراشك الناعم الوثير، وتنعم بالدفء والغوص فيه، وتُحْكِم غلق النوافذ، وربما احتجت مدفأتك فأشعلتها أو ضبطت مكيفك لتُزيد درجة أو درجتين ثم لا يُؤرقك بعدها بَرٰدِ ولا جوع، نمت هانئًا وصغارك مثلك، وتفقدت والدك الكبير وأمك التي قاربت الهِرم، الكل تدثروا واستمتعوا بشراب ساخن، وعبر تلك النوافذ المحكمة يتلألأ لون البرق فتراه جميلًا.

هناك بعيد على الجانب الجَدْب يرتعد طفل صغير، امرأة نحيلة ومسنٍ مربض لم تصمد نوافذ بيتهم أمام بعض ريح الخريف، فما بالك لو أوغلنا بالشتاء، هناك يتضجر صغير مما يعاني من برد وعوز فلم يفِ جيبُ أبيه بثمن معطف كثيف،  وحتى ما أسمته أمه حصّالة، حين أفرغت ما حوت لم تغنِ في الغلاء شيئًا، فلبس ثوبًا كاد يهترئ، وربما نسي أبوه وأمه أن يضماه لصدرهما ليعوضاه بعض الدفء،  فهما من فقرهما في شُغل فبعض الفقر يُنسي.

أيها الناعم في الوثير جُد ببعض ما لديك لفقير أضعفه الاحتياج عن بذل المزيد، ودخل مرغمًا دائرة الفقر والمرض، فدار فيها كدوران الرحا، ثقيلة طاحنة ربما بطيئة لكنها ماضية.

جُدْ بثوب وغطاء، وشراب مُدفِئ، وحِساء، ولا تنسَ أن تلك الصدقة لله فاجعلها تليقَ   فالله يربي الصدقات، سيعود حتمًا دفء فقيرٍ أطعمته وعار كسوته ودثرته، سعادة لك، ودفئًا لك في الدنيا، وبركة، ويوم القيامة ستجد صدقتك تدفع عنك الحر والقر.