مراجعات الجماعة الإسلامية - كلاكيت ثاني مرة

  • 140

منذ فترة وأنا أفكر في كتابة مقال بعنوان "قراءة في أوراق مبادرة الجماعة الإسلامية السابقة" وكان الغرض الرئيسي من المقال هو التعجب من تكرار الجماعة لأخطائها وتبني الخطاب العنيف والارتماء في أحضان الإخوان وكأنهم لم يستفيدوا من الخسارة الفادحة التي لحقت بهم من جراء اجتهاداتهم الخاطئة في أواخر الثمانينات والتي كان من نتائجها تحطم دعوة وانهيار مشروع وتأخر في تقدم عجلة الحركة الإسلامية لعقود من الزمن.

وبينما أنا كذلك إذ وقغت عيني على مقالة للدكتور صفوت عبدالغني بتاريخ (السبت9/11/2013) بعنوان "لله ثم للتاريخ رؤية الجماعة الإسلامية للمشهد السياسي" سوف نقتطف منه ما يلي:-

أولا: تكلم عن مجلس شوري الجماعة والجمعية العمومية وأنها السلطة النهائية وصانعة القرار الحقيقي في القضايا والمسائل المصيرية وأن مجلس الشورى حريص على استطلاع رأى اعضاء الجمعية العمومية في كافة المحافظات وأن هذا الاستطلاع تم ثلاث مرات حتى الآن عند ( بداية الأزمة .. قبل فض اعتصام رابعة بأيام ... بعد فض الاعتصام) وأنه بعد شرح المشهد لأعضاء الجمعية العمومية وضع لهم مجلس الشورى جميع الخيارات المطروحة التي تنحصر في:-

1 - الانسحاب الكامل من المشهد سواء من الاعتصامات أو المسيرات وكافة الفعاليات بعد أن قمنا بواجبنا كاملا من نصح جميع الأطراف مع أخذ مسافة كافية من الجميع وعدم المشاركة في أية حوارات أو لقاءات مع المؤسسات الانقلابية.

2- قبول أية دعوات لحضور جلسات الحوار المعلنة من قبل مؤسسة الرئاسة الانقلابية والقبول بالمصالحة طالما ضمنت الجماعة عدم الإقصاء أو السماح الكامل بالمشاركة في الحياة السياسية.

3 - المشاركة في جميع الفعاليات السلمية الرافضة للانقلاب مع ضرورة التمسك والتأكيد على قبول أية مبادرات سياسية للخروج من الأزمة طالما التزمت بالحد الأدنى من الحفاظ على الشرعية.

وتم خلال طرح هذه الخيارات بيان سلبيات وإيجابيات كل منها بكل حيدة وتجرد وتم سماع كافة الآراء ووجهات النظر بكل حرية وتم التأكيد أكثر من مرة أن مجلس الشورى سوف يلتزم بالكامل بما تسفر عنه عملية التصويت مهما كان رأي أعضاء المجلس .. وفي النهاية كانت الأغلبية التي تشبه الإجماع على تبني الخيارالثالث رغم كلفته الأمنية،

نعم كانت ثمة أصوات تدعو لتبني الخيار الأول ( الانسحاب ) لكنها تعد على أصابع اليدين على أقصى تقدير وعليه فلم يكن أمام مجلس شورى الجماعة الإسلامية إلا الالتزام الكامل بهذا القرار مع ضرورة مراجعته كل فترة بناء على تطورات الأحداث.


التعليق:-
1 – كون أن مجلس شورى الجماعة يطرح أمام قواعده هذه الحلول المذكورة والتي منها الانسحاب الكامل ومنها المشاركة في الحوارات الموجودة من أجل التوصل إلى حل للأزمة فهذا يعني منطقية هذه الحلول ومشروعيتها لأنها مطروحة جميعا للاختيار وبالتالي لا يجوز بعد ذلك تسفيه أي رأي منها أو اتهام صاحبها بالخيانة كما رأينا وسمعنا.

2 – لم يذكر لنا الدكتور ما هي سلبيات وإيجابيات كل اختيار من التي ذكر أنها شُرحت لأعضاء الجمعية، فلعل الخلل كان من طريقة العرض بقصد أو بدون قصد.

3 – جميل أن تكون للدعوة هيئات للشورى ولاتخاذ الرأي ولكن ماذا إذا رأت قيادات الجماعة أن رأي القاعدة سوف يورد الدعوة وأهلها المهالك؟ فهل من النصح لله ولرسوله وللمؤمنين أن يتركوا الدعوة وأفرادها للخطر المحقق والهلاك المبين بزعم "أن القرار الذي صنعته الجمعية العمومية وإن كان يعرض البعض للملاحقة الأمنية فهو تمليه المبادئ الشرعية، وتفرضه القيم والقواعد الأخلاقية"؟.

4 – من المسؤول عن ترك أعضاء الجمعية فريسة سهلة للإعلام الموجه حتى تكونت لديهم هذه الرؤية المجافية تماما للواقع فبدا وكأن قادة الجماعة في واد والقواعد في واد آخر.

ثانيا: تكلم عن أحد أهم أسباب طرحه لهذا الكلام في هذا التوقيت فقال:-

أولها : أن القرار الذي صنعته الجمعية العمومية وإن كان يعرض البعض للملاحقة الأمنية فهو تمليه المبادئ الشرعية، وتفرضه القيم والقواعد الأخلاقية.
ثانيا : أن الباب مفتوح أمام أعضاء الجماعة وكوادرها ممن حالت الظروف الأمنية دون حضورهم لإبداء الرأي والمشورة في مراجعة الموقف لاسيما أن ثمة اتفاقا على ضرورة مراجعة القرار كلما استلزم الأمر ذلك.


التعليق:-
1 – الكلام ينطق بقوة عن رغبة القيادة في تغيير الموقف ولكنها متحرجة من التصريح بذلك ولكن لماذا لا تعترف القيادة بخطأ اجتهادها وتعلن ذلك صراحة ثم تدعو أتباعها إلى تدبر الموقف برمته مرة أخرى؟

2 – الاعتراف بالحق فضيلة بلا شك، ولكن إذا ثبت للقيادة أنها عاجزة عن قراءة الواقع جيدا وأنها في كل مرة يظهر لها خطأ وخطر ما اعتمدته في اجتهاداتها؛ أليس من اللائق بها أن تتنحى عن موقع الصدارة حتى لا تسأل أمام الله عن ذلك؟

3 – الدكتور صفوت يتكلم هذه المرة محملا المسئولية للهيئة التي اتخذت القرار وكأنه يريد إعفاء القادة من هذه المسئولية وهذا في رأيي ليس من الشجاعة لأن القادة هم من يتحملون الجانب الأعظم في ذلك لأن العقل الجمعي لمتخذي القرار في الجمعية ما هو إلا صدى تطبيقي لأفكار القادة فلا مفر إذن من تحمل المسئولية.

4 – هل من تغيبوا عن حضور جلسة التصويت كانوا كُثر بالدرجة التي تجعل أصواتهم مؤثرة في القرار النهائي بهذه الدرجة طالما "أن الأصوات التي تتبنى الانسحاب لا تعد على أصابع اليدين على أقصى تقدير"؟

ثالثا: أننا عندما أدركنا أن الانقلاب واقع لا محالة ( أثناء المهلة ) قمنا بنصح الرئيس الشرعي للبلاد بقبول الاستفتاء على بقائه رئيساً للبلاد مع بذل التيار الإسلامي والوطنيين الشرفاء الجهد الكافي لبيان ونشر كافة الحقائق على الشعب بشكل كامل وصريح.

التعليق:-
1 – معذره دكتور صفوت هذا الكلام لماذا لم يظهر وقتها نصحا للأمة وتبرئة للذمة؟ لماذا يظهر هذا الكلام الآن بعنوان " للتاريخ"؟؟ أليس من حق هذه الأجيال أن تعرف الحقيقة في موعدها أم أنهم كُتب عليهم ألا يعرفوها إلا بعد "خراب مالطة" كما يقولون؟ أليست معرفة هذا الكلام قبل المشاركة في التصويت كانت من الممكن أن تغير في مجري القرار المتخذ؟ أليس معرفة مثل هذه الحقائق كانت من الممكن أن تعصم كثيرا من الدماء التي سُفكت والأرواح التي أُزهقت؟

2 – ثم كيف لي أن أقتنع بهذا الكلام - مع أني لا أكذبك فيما تقول- وأنا أرى قادة الجماعة الإسلامية على منصة رابعة ومنهم كاتب هذا المقال؟ لذا فإن إظهار التأييد المطلق للإخوان هو الذي أدى إلى هذه النتيجة الكارثية.

رابعا: أن الجماعة الاسلامية لن تخرج أبدا على مبدأ وخيار السلمية مهما تطورت الأحداث وأن جميع التصريحات التي تصدر على خلاف ذلك لا تمثل الجماعة مهما كان مصدرها.

التعليق:-
1 – هذا الكلام بالنسبة لي هو قمة العجب لأن الجماعة الإسلامية كان لها نصيب الأسد من التصريحات العنترية والتهديدية المليئة بالعنف والمحرضة على الكراهية والتي استفزت قطاعا كبيرا من بسطاء الناس وعوامهم وما تصريحات عاصم عبدالماجد وطارق الزمر منكم ببعيد.

2 – إذا كانت الجماعة الإسلامية مشاركة فيما مضى من أحداث فأين السلمية التي تتحدث عنها؟ بل كان من عجيب الأمر أن جماعة الإخوان تبرأت مباشرة من أحداث العنف بعد فض رابعة واتهمت فيها الجماعة الإسلامية مباشره هكذا بلا مقدمات!!

3 – ما معنى أنها لا تمثل الجماعة مهما كانت مصدرها؟! إذن فأين هو كلام الجماعة المعتمد بهذه الطريقة؟ ألا ترى أن في ذلك محاكاة لطريقة الإخوان في التملص من المسئولية والتي أفقدتهم المصداقية بين الناس؟