حُسن الشكاية لله

صفية محمود

  • 434

معظم جلساتنا في شرقها والغرب: خليل يشكو لخله من فعلِ جار أو قريب، وربما هجرِ الحبيب وظلمِه أو كَيْد الزميل وحزبه، وخذلان عمرو وزيد، ومُطْل مَدينٍ واستعجال دائنٍ، وأسره وضغطه، وربما بلغ السَّيلُ الزُّبى وفاض الكيل فكانت شكوى الزمان والقدر ويقع بعضنا في التسخط جاهلًا أو غافلًا، وربما دخل الشاكي إلى المنطقة الحرجة والحدود الشائكة، "لماذا يا رب؟" وأخواتها من الاعتراض والشك في حكمة الله.

ورغم تلك الشكايا فكلنا نغمض العين عن خطايانا نحن فلا يشكو أحدنا نفسه أبدًا، فهو في كل الحكايا مظلوم مجني عليه حامل خطايا البشر مسكين تمالأ عليه الناس والشجر والحجر لا يرتكب الآثام، طاهر الذيل نقي الجنان، ولكنه من فرط براءته كل الناس تصوب له السهام، فلان لم يقدره والآخر لم يستقبله، وثالث لم يعذره وكل البشر خذلوه، وحدث ولا حرج عمن كادوا له ومكروا به.

كأنه ما ظلمَ أحدًا، ولا قسا على أحد، وكأنه أحسن للبشر كلِّهم وجحدوا، ورغم هذا الضجيج والشغب والشكاية، وتنميق القصص والحكاية، ستبقى أنت أكثر من ظَلَمَكَ وجنى عليك، وربما تكون وحدك عدو نفسِك ولكنك لا تشكو منك أبدًا، ولا في جلستك مع نفسك!؟ ولا حتى شكوت نفسك إلى ربك؟ فإلى الله منك المشتكى، تاب الله علينا وعليك