هل الحب وحده يكفي؟

لتسكنوا إليها

جهاد ممدوح

  • 630

نرى كل يوم بيوتًا تُبنى، وأسرًا تُقام، استكانوا للحب؛ فكان الدافع لهم ليُكملوا السير، ولكن هل الحب وحده كافٍ لبناء بيت وتشييد أمن وإقامة أمان؟

هل الحب شاطئ أمن ومستقر لترسى عليه سفينة الحياة؟ لا نقلل من شأن الحب ولكن الحب وحده لا يكفي، فهناك مودة ورحمة، هناك عطف ورأفة، هناك تفاهم ومشاركة، هل سألت نفسك أين أنت من شريك حياتك؟ أين أنت من حياته واهتماماته وهواياته؟ وأين هو كذلك من اهتماماتك وهواياتك؟ أين هو من مشاكلك وهمومك؟

ما الأصل في الزواج {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (لتسكنوا وتستقروا) أساس الزواج السكن، ولن يحدث ذلك إلا إذا اهتممت أن تجد في يومك مساحة لتشارك بها رفيق دربك وشريك روحك تبث فيها له يومك وما حدث، تشاركه همك وتقص عليه غمك، تصف له فرحك وتناقشه في حلمك، تستمع لرأيه قد تقبل به أو ترفضه، ولكنك في الأخير قد فزت!

فزت حين كسبت ودّه أن مددت له يدك ليكون أكثر فهمًا لك وتقديرًا لظروفك ليكون خير عون وسند، فزت حين استشعرت أنك لست وحدك بل هناك من يشعر بخلجات نفسك ويكون داعمك فتطمئن وتأمن وتسكن وتستقر، فزت حين استشعرت أن يوجد هنا من هو أقرب إليك من غيره {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} من تنتظر لقياه لتقص عليه يومك وتشاركه فكرك، من تنتظر ردة فعله على خبر يسرك وآخر أزعجك، أن يكون الأقرب والألين والأحب.

أن تخصص مساحة خاصة جدًا لا تجمع سواكما، فيكون مخزن أسرارك ورفيق روحك وشريكك في فكرك وخططك، إياك والعيش في بوتقتك وحدك أن تهمل وجوده فلا يعلم عنك إلا ما يعلمه غيره من الآخرين بل قد يكون أقل.

إياك أن تصبح غامضًا بالنسبة له، وأن تتركه للمفاجأة فيُفاجأ بما حدث، حينها لا تلم إلا نفسك سيتحول ذلك الحب إلى جفاء، سيصبح السكن شوكًا لا تتحمل أنت ولا هو سُكناه، ستفقد الحياة قدسيتها بينكما، وتصيرا شركاء سكن لا شركاء روح وحياة، إن لم تجد نقطة لتتقابل فيها أرواحكما وتركت روح حبيبك للإهمال، كأنه ليس موجودًا سيصبح كل منكما في واديه، وللأسف وادياكما في خطوط متوازية لن تتقابل ولن تشعر بدفء الحياة.

اقترب يا فتى وخذ من زوجك صديقًا قبل أن تأخذه حبيبًا، فلن تجد مَن يخشى عليك بقدر خشيته أن يصيبك أذى.