وتبعدنا الذنوب

فهل نستفيق؟

حليمة فاروق

  • 861

 


 

يُوحِشُنا البُعدُ أحيانًا فنصبحُ غرباء حتى بين أهلينا وفي أوطاننا، يُردينا البُعدُ حتى تتبدلَ ملامحنا وربما أرواحنا معها.

إنَّ البُعدَ عن الخالقِ يا رفيقتي أشرُّ أنواعِ البعد، بل وإنه أخطرها، فربما ابتعدنا عن أناسٍ ومِن ثمَّ اكتشفنا أنَّ في البعدِ خيرًا، لكن البعد عن الخالق هو الدربُ ذو المتاهات المتلونة التي لا نهاية لها..

متاهات في الطريق واعوجاج في الوصول وانعدام الإنصافِ في العودة، تنزوي بنا أرواحنا بعيدًا حتى أنَّ الأمرَ قد يُكلفنا أثمانًا باهظةً قد ندفعها الآن أو آجلًا، يُنادينا خالقنا بالعودةِ له وبالإنابةِ إليه، ونحنُ غارقون في سُباتٍ عميقٍ لا إفاقةَ منه حتى تفيقَ دواخلنا وتتطهر من ذنوبها وآثامها.

يُنادينا ونُعرض، يُعطينا ونتأفف، يُرضينا ونمتعض، ثم نقولُ ما لنا ندعو وندعو وندعو ولا يُستجابُ لنا!، حاشاه اللّٰه أن يردَّ دعوةَ عبده الصالحة الصادقة، حاشاه سبحانه أن يطلبه عبده ولا يُجيبه، حاشاه خالقنا أن يرجوه عبده ولا يُدنيه..

لكن يا رفيقتي هي الذنوب التي تتراكم رانًا على قلوبنا فتُودي بنا للهلاكِ إن لم نفقْ ونرجع، أتعلمينَ يا رفيقتي أنَّ حياتنا ما بين مجيئٍ وذهاب!! ما بين ولادةٍ ووفاة!! ما بين أكونُ أو لا أكون!!

أتعلمينَ أنَّه إنْ لزِمَ الأمرُ للتزاحمِ حول الطاعةِ والسيرِ نحو خالقنا، كان لابد علينا أن نتزاحمَ مع الرَكبِ تزاحمًا فيه إعلانٌ بعودتنا من جديد!!

قد تأخذنا الدنيا في تلاهٍ ونغرقُ في بحرِ الهمومِ والانشغالات ولا نفيق، قد ننجرفُ نحو سيلٍ من شلالاتِ المشاكلِ والضغوط ونرى أنه لا نجاةَ لنا من ذلك، لكن تأتينا عنايةُ الخالق لترسمَ لنا صراطًا مستقيمًا من جديد، تأتينا لتُرينا نورَ الشاطئِ من بعيد حتى نستفيق من غفلتنا.