• الرئيسية
  • الأخبار
  • "يا ليت السنة كلها رمضان".. الدعوة السلفية تنظم ندوة مهمة للاستعداد للشهر الكريم

"يا ليت السنة كلها رمضان".. الدعوة السلفية تنظم ندوة مهمة للاستعداد للشهر الكريم

  • 629


"يا ليت السنة كلها رمضان".. الدعوة السلفية تنظم ندوة مهمة للاستعداد للشهر الكريم

برهامي: العبادة الذاتية مهمة.. وقراءة القرآن تعالج أمراض القلوب

فريد: فتح المساجد نعمة.. وقد لا نستشعر نِعم الله إلا بعد زوالها

تقرير– أحمد عبد القوي

أيام قليلة تفصلنا عن أول أيام الشهر الكريم، الذي ينتظره المسلمون في كل عام، لا سيما وهو شهر القرآن الكريم، الذي اختصه الله -سبحانه وتعالى- بالخير والبركة والعبادة والقرآن، فقال سبحانه وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

ويستعد المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، للشهر الكريم، كما نظمت الدعوة السلفية ندوة مهمة -افتراضيًا- عبر موقع "فيس بوك"، بعنوان: "يا ليت السنة كلها رمضان"، حيث شارك فيها الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، والدكتور أحمد فريد، أحد علماء الدعوة، والمهندس عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية، والشيخ شريف الهواري عضو مجلس إدارة الدعوة، وبحضور نخبة من شيوخ الدعوة وأبنائها.

استهل الدكتور ياسر برهامي، كلمته بقول الله سبحانه وتعالى، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}، مشيرًا إلى أن هناك شيئًا خص الله به كثيرًا من الصالحين، وهو العبادة في الخلوة.

وأضاف برهامي في كلمته بندوة "يا ليت السنة كلها رمضان"، أن العبادة الذاتية مهمة، فالإنسان يعبد الله حتى يتفكر، حتى لا يجعل الناس في حسابه، وذلك لأن العبادات الجماعية مأمور بها، كصلاة الجماعة والتراويح، لكن هذا لا يعني الاستغناء عن تفكر الإنسان مع نفسه، وقراءته للقرآن وتدبره، وأن يعالج بالقرآن أمراض قلبه، وأن يغذي به روحه، مما لا يتيسر حصوله مع الزحام، ومع كثرة مخالطة الناس.

وتابع: لا شك أن العبادة في رمضان تحتاج منّا إلى قدر من ذلك، وليس أن نكتفي فقط بالعبادة الجماعية، التي هي مأمور بها، ولكن هناك عبادة مأمور بها أيضا وهي أن تخلو بنفسك، مضيفًا: لقد قال الله {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وقال سبحانه وتعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ}، وقالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: "إن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما بدأ الوحي حبب إليه الخلاء، فكان يتعبد في غار حراء".

وأوضح برهامي: غار حراء في الليل شديد الظلمة، وشديد الخلوة، وكان ذلك تمهيدًا من الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- لتنمو الفكرة، ويتأهل -صلى الله عليه وسلم- بنزول الوحي إليه، وإدراك المعاني التي يدركها من سبق من الأنبياء بنزول الوحي إليهم.

وأشار نائب رئيس الدعوة السلفية إلى أن أول ما سمعه ورقة بن نوفل، مما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- من الآيات التي نزلت عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}، قال: هذا الناموس الذي كان يأتي موسى عليه السلام.

وتابع: مَن نظر في الكتب المتقدمة وجد قدرًا مما يذكره الله لنا في القرآن، عن التفكر في آيات الله المشاهدة، نفس المعاني تقريبًا، لكن القرآن أفاض فيها واتّسع، وأتى من الحجج وأدوات التفكير ما لم يرد في كتاب سبق، في بيان بداية الإنسان، وبداية العالم، ونهاية الإنسان، ونهاية العالم، وفيما بيّن ذلك من الملك والتدبير، وملكوت السموات والأرض، كما وصف الله سبحانه وتعالى: {وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِين}.

وأكد برهامي أن ذلك لا يتحقق إلا بعبادة ذاتية يحصل فيها الإنسان التفكر، مضيفًا: فليجعل كل واحد منا نصيبًا لنفسه من هذه العبادة، يحصل فيها التفكر والتدبر في شأن حاله وقلبه، ومراجعة النفس، حتى نفوز بشهر رمضان، ففي كل ليلة هناك كنز ثمين، وقد قال عمر -رضي الله عنه-: "نعمة البدعة هذه، ولا التي ينامون عنها أفضل من التي يقومون".

واختتم نائب رئيس الدعوة السلفية بدعائه: نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى في رمضان وجميع الأيام والليالي وأن يبلغنا رمضان، وأن يمن علينا بزوال الغمم والمحن والبلايا عن المسلمين، وأن تعود المساجد كما كانت عامرة، وأن يعود المسجد الحرام ومسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- كما كانا ممتلئين بالمصلين، وجميع المساجد.

وفي نفس الصدد، قال الدكتور أحمد فريد أحد علماء الدعوة السلفية، إن شهر رمضان شهر كريم، وهو ضيف ينزل علينا مرة في السنة، يملأ بيوتنا خيرًا، ومساجدنا صلاة ودعاء وبكاء، وقلوبنا فرحًا، وانشراحًا، متسائلًا: كيف لا يفرح المسلمون بهذا الشهر المبارك، الذي قال عنه -النبي صلى الله عليه وسلم-: "قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها، فقد حُرِم".

وأضاف فريد في كلمته، أن شهر رمضان في الواقع خاصة هذا العام له واقع بخلاف الأعوام السابقة، فمع كثرة نعم الله -عز وجل- علينا قد لا نستشعر النعمة إلا إذا حُرمنا منها، فقد كنا لا نستشعر فتح المساجد نعمة، فحرمنا سنة تقريبًا من المساجد، وحرمنا من صلاة الجمعة فترة طويلة فكان يوم الجمعة مثل السبت ومثل الأحد، بالرغم من أن الجمعة عيد من أعياد المسلمين، وها هو رمضان يدخل علينا هذا العام، وقد حُرمنا من المساجد في العام الماضي.


واستشهد فريد بأبيات إيمانية، قال فيها: سألت الدّار تخبرني عن الأحباب ما فعلوا  **  فقالت لي أناخ القوم أيامًا وقـد رحلوا، فقلت فأين أطلبهم؟ وأيّ منـــــازلٍ نزلــوا  ** قالت بالقبور وقد لقوا والله ما فعلـوا، أناسٌ غرّهم أمـلٌ ** فبادرهم به الأجـل فنوا وبقي على الأيّام ما قالوا ومــا عملـــوا،  وأثبت في صحائفهم قبيح الفعل والزّلل  ** فلا يسـتعتبون ولا لهم ملجأ ولا حيل  ** ندامى في قبورهـم وما يغني وقد حصلوا.

من جانبه أكد الشيخ شريف الهواري عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، على أهمية القرآن الكريم، في شهر رمضان، مستشهدًا بحديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة".

وأضاف الهواري في كلمته، أن الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: "أتيت النبي فقلت يا رسول الله أوصني، فقال أوصيك بتقوى الله فإنها رأس الأمر كله، قال فقلت زدني، قال عليك بقراءة القرآن فإنها نور لك في الأرض وزخر لك في السماء".

وتابع، الترغيب والتشويق في الالتصاق بالقرآن، والتسليم التام والخضوع والانقياد للقرآن هو أكثر من أن يحصى، مضيفًا: أنت مطالب أن تصدق به، يقول الله سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، فأنت مطالب أن تنتقل به إلى حيز التفعيل والتطبيق، قال الله: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}، وكما أثنى -سبحانه وتعالى- على يعقوب -عليه السلام-، فقال: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، أي أنه ذو عمل لما علمناه.

وأوضح الهواري أن الله -سبحانه وتعالى- بيّن في كتابه {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}، وأنه يسره أيما تيسير، فقال سبحانه: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}، وقال: {وفصلناه تفصيلا}، وأرشدنا إلى هداية التوفيق فقال: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، ثم بيَّن لنا {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}، وقال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}.

وحذر عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية من هجر العمل بالقرآن، مشيرًا إلى أن الله -سبحانه وتعالى- عندما وصف هؤلاء القوم الذين حملوا التوراة ثم لم يعملوا بها، وصفهم بقوله: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}، مضيفًا: هذا وصف مخيف، ونحن لسنا كذلك، ولأجل ذلك رغّبنا -صلى الله عليه وسلم- في القراءة والقيام.

وحول معالم النصر في شهر رمضان، قال المهندس عبد المنعم الشحات، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، إن أي محاضرة عن رمضان، هي من جملة القضايا الإيمانية التي نتحدث عنها في كل وقت وحين، فضلًا عن أن شهر رمضان موسم مكثف لكثير من هذه المعاني.

وأضاف الشحات في كلمته أن "شهر رمضان كسائر العام من حيث المبدأ، فهو موسم اختبار وابتلاء، فرأس مال العبد في الحياة في رمضان وفي غير رمضان هي أنفاسه، يُبتلى المرء فيها بمعاني الإيمان هل يحققها أم لا، إلا أن رمضان يمتاز عن بقية العام بأنه تزداد فيه عبادات، أبرزها الصيام، وهو الشهر الذي ينتقل فيه قيام الليل من النفل المطلق إلى سنة مؤكدة قد تقارب الفريضة، حيث تصلى في المسجد مع الجماعة، فضلا عن القرآن الكريم والزكاة وغير ذلك".

وتابع: نحن نتحدث عن معالم النصر بصفة عامة التي ينبغي أن نبحث عنها في أنفسنا كأفراد وجماعات وسنجد أن الوسائل التي يمكننا أن نحقق بها هذا النصر متاحة في رمضان أكثر بكثير من غيره، فهي فرصة سانحة ليزداد إيمانك، وأن تزداد قربًا من الله سبحانه وتعالى، فالإيمان يزيد وينقص.

وأردف الشحات: مما ينبغي أن ندركه أن الله تعالى جعل النصر والفوز والسرور والثبات، خالصًا للمؤمنين، قال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، ونحن ينبغي علينا أن نوقن طالما أن الله وعد بهذا فهو وعد متحقق، وكل ما يمكن أن نمر به من أحداث، وما مر به الأنبياء وما ختمت به حياة بعضهم، فقد عرضت الأمم على رسول الله فرأى النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد، كل هذا، في النهاية هم قد نصرهم الله سبحانه وتعالى، لأنهم حققوا المراد والغاية التي من أجلها خلقوا، سواء كأفراد بشر عاديين، أو كرسل بلغوا رسالات ربهم سبحانه وتعالى.

وأكد أن المؤمنين إذا حققوا الإيمان فقد حققوا النصر، والفوز، وهذا يجب أن يُدرك بداهة حتى لا تضطرب القلوب عندما يغيب النصر المادي، وبصفة عامة دين الله قائم على أن تنظر لحساباتك على الدنيا والآخرة، أو الآخرة فقط، مشيرًا إلى أن العاقل إذا قارن الدنيا بالآخرة، فالآخرة حياة سرمدية، أما الدنيا وإن طالت لألف سنة فكيف تقارن بالآخرة، والله يقول: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}.