مع ا لحبيب

الدعاء الكامل الجامع

دعاء محمود

  • 2079
أرشيفية

 


يهل شهر رمضان فتُفتَح أبواب السماء، وتكثُر الخيرات، وفيه استجابة للدعوات، ومن الدعوات الجامعة الشاملة التي تظهر فيها بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم، دعاء:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك خير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا"

أخرجه الحاكم في مستدركه (١/ ٥٢١)، وقال: حديث صحيح البخاري الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي؛ وعنون له الحاكم رحمه الله بقوله: (الدعاء الجامع الكامل). اهـ.

شرح الحديث:

(اللَّهمّ إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه و ما لم أعلم): يعني يا رب أدعوك أن تززقني الخير كله في الدنيا والآخرة سواء علمته أو لم أعلمه.

(وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه، وما لم أعلم) يعني: أستجيرك يا الله من الشر كله في الدنيا والآخرة ظاهره وباطنه.

(اللَّهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك): تأكيد لما قبله، وهذا الدعاء العظيم، يدل على حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على المؤمنين من أنفسهم، ويتضمن كل ما فات الإنسان من أدعية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- التي لم تبلغه أو لم يسمع بها، فهو يسأل كل ما سأله النبي -صلى الله عليه وسلم- بإيجاز.

(وأعوذ بك من شر ما استعاذ به عبدُك ونبيُّك): وهذا كالسابق، السابق في سؤال الخير، وهذا في الاستعاذة من كل شر ما استعاذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم.

(اللَّهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل): أي وفقني يا اللَّه إلى الأقوال والأفعال الموصلة إلى الجنة، وهذا الدعاء فيه تخصيص الخير الذي سأله من قبل؛ لأن هذا الخير هو أعظمه، وأكمله، وهو الجنة.

(وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل): هذا كسابقه أيضا فمعناه يا الله اعصمني من الأفعال والأقوال الموصلة إلى النار، وهذا فيه تخصيص الشر الذي استعاذ منه من قبل؛ لأنه ليس هناك أعظم شرًا من النار.

(وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا): أي أسألك يا اللَّه أن تكون عواقب كل قضاء تقضيه لي خيرًا، سواء كان في السراء أو الضراء، وافق النفس أو خالفها.

هذا الدعاء فيه الكمال وسعة في المعنى وشامل لكل خير يوصل إلى الجنة، وكل شر يوصل إلى النار، وشامل أيضا لكل ما استعاذ به النبي، ولكل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك وصف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء "بالكوامل الجوامع" شرح مشكل الآثار، 15 / 290