مفاوضات فيينا مستمرة.. متى تعود واشنطن إلى الاتفاق النووي؟

  • 38

نقلا عن العدد الورقي

مفاوضات فيينا مستمرة.. متى تعود واشنطن إلى الاتفاق النووي؟

تقرير- محمد عبادي

دخلت إيران لعبة التفاوض من جديد مع الولايات المتحدة الأمريكية  في حلبة فيينا، حتى الآن تنتهي الجولات دون نتائج رسميّة، غير أن تصريحات إيرانية تشير إلى الإيجابية في سير هذه المفاوضات؛ ما يستدعي التساؤل: هل ستصل إيران إلى اتفاق جديد مع الولايات المتحدة؟، أم أنّ الوقت لا يزال مبكرًا على الوصول إلى تلك اللحظة؟

ومع بداية الجولة الرابعة من المحادثات اليوم الجمعة، فإن شكوكًا واسعة تلف مصير تلك المحادثات ومدى إمكانية أن تسفر عن التوصل لاتفاق قريب بشأن العودة للاتفاق المبرم عام 2015، لا سيما في ظل وجود عدد من الملفات الخلافية العالقة، واختلاف منظور كل طرف، فضلًا عن الاشتراطات الإيرانية بضرورة رفع العقوبات "كاملة" أولًا.

وفي حين تحاول الحكومة الإيرانية الحالية الإسراع في الخروج بأي نتائج إيجابية تحفظ لتيار الاعتدال أو الإصلاح ماء وجهه، تتريث الإدارة الأمريكية في المفاوضات حتى تُعقد الانتخابات الإيرانية الرئاسية وتنتظر ما سُتسفر عنه خاصة أن غالبية من أعلنوا ترشحهم حتى الآن محسوبون على المتشددين الذين يعلنون رفضهم المفاوضات مع واشنطن.

من جهته، قال صلاح المختار، المفكر والخبير الاستراتيجي العراقي، إنّ ما يجري بين واشنطن وطهران يمثل فصلًا جديدًا من أوجه التخادم والتعاون بين الطرفين رغم العداء المعلن والظاهر بينهما، لافتًا إلى أنه بالرغم من تغير الإدارات الأمريكية بين جمهورية وديمقراطية منذ قيام نظام الملالي في طهران، إلّا أن النظام الإيراني يمضي في طريقه المرسوم من التوسع في المنطقة ونشر الكراهية والإرهاب تحت عين الأمريكيين.

وشدد المختار على أنّ سياسات بايدن الرئيس الحالي هي ذاتها سياسات أوباما الرئيس الأسبق، وأن هذه المقدمات ستصل بنا إلى ذات النتائج، إلى اتقاق جديد أو قديم لا فارق، لكن في النهاية سيمنح هذا الاتفاق إيران المليارات لإنفاقها على ميليشياتها في المنطقة، ومسارات التوسع في بلداننا العربية، كما سيمنحها الشرعية وتفك عن عزلتها الدوليّة.

وأشار الخبير العراقي إلى أنّه في حال مقارنة الحصار الأمريكي على العراق في تسعينيات القرن الماضي، والعقوبات الأمريكية على إيران، ستكتشف الفرق جيدًا، وستدرك أنّ واشنطن لم تكن جادة في حصار إيران، لافتًا إلى أن أمريكا منعت عن العراق في فترة حصاره حتى الأقلام والأوراق المكتبيّة في حين تترك إيران تتاجر بحريّة مع العراق وتركيا غيرها من الدول.

وطالب المختار الدول العربية بموقف موحد ضد التعاون الإيراني الأمريكي الذي سيضرب دول المنطقة على غرار ما حدث في عام 2011، وهذه كله لصالح إيران ولإضعاف دول المنطقة وتفتيتها وإكمال المخططات الأمريكية لتقسيم البلدان العربية؛ عبر إثارة النزاعات الداخلية أو بتقوية الغريم الإيراني ومساعدته بطريقة أو بأخرى على التوسع في عدد من دول الجوار.

بدوره، يرى هاني سليمان، مدير المركز العربي للدراسات والخبير في الشأن الإيراني، أنّ تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان خلال منتدى أمني مطلع الأسبوع، التي أكد فيها أن المفاوضات تسير في طريق غير واضحة، فضلا عن البيان الثلاثي الصادر عن فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الذي تطرق إلى أنه لا توجد ضمانة لنجاح تلك المفاوضات؛ وبالتالي الأمر صعب لكنه ليس مستحيلًا، لافتًا إلى أن "كل طرف لديه منظور مختلف عن الآخر"، موضحًا أن إيران متمسكة برفع العقوبات.

واعتبر سليمان أن الخلاف أنتج معادلة صفرية سوف تصعب الأمور بصورة كبيرة، لا سيما أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلّف تركة صعبة فيما يتعلق بالملف النووي، عبر أكثر من 1500 عقوبة مرتبطة بأشخاص وأفراد ومؤسسات وشركات وقطاعات أساسية، خصوصا الطاقة والتعدين.

وبموازاة ذلك، يلفت مدير المركز العربي للدراسات إلى أن جانبًا مهمًا من العوامل التي أدت إلى تعثر المفاوضات أن الولايات المتحدة لا تملك أدوات بديلة سوى ورقة العقوبات التي كانت تضغط بها، بينما إيران لديها مسارات أخرى ومن بينها سلوك طهران في المنطقة، موضحًا أن "واشنطن قدمت بعض العروض لطهران، بينما إيران لا تزال متمسكة بالتصعيد".

وفي السياق ذاته،  يرى حسن راضي، مدير مركز الأحواز للدراسات، أنّ تصريحات الجانب الإيراني واحتفاءهم بالنتائج الإيجابية لسير مفاوضات فيينا أمر مبالغ فيه، لا تزال المفاوضات في طور التكوين، ولا زالت هناك ملفات كبرى عالقة لا يمكن تجاوزها بحال، متسائلًا: ماذا ستفعل إيران في برنامجها الصاروخي، وهل ستتخلى عن دعم الميليشيات في المنطقة، وسياسات التوسع التي تنتهجها منذ وصول الخميني إلى سدة الحكم عقب الإطاحة بالشاه؟

ولفت راضي إلى أن الإصلاحيين في إيران يريدون الخروج من الجولة الرئاسية بوجه مشرف، عقب سنوات الإخفاق الثمانية، فالسرديّة الإصلاحية قد انهارت، وتحسين العلاقات مع واشنطن لم يخرج البلاد من كبوتها، ولا يزال الاقتصاد الإيراني متأزمًا، وهو الوعد الرئيسي الذي خاطب به روحاني جماهير الشعب قبل سنوات.

وشدد راضي على أنّ الموقف الموحد لدول المنطقة، وهم حلفاء واشنطن في الإقليم سيكون عاملًا حاسمًا في هذا السياق، من غير الممكن أن يعقد بايدن اتفاقًا مع طهران من دون أن يأخذ في الحسبان تخوفات دول الخليج التي تعاني من التهديدات الدائمة من جانب الإيرانيين.