• الرئيسية
  • الأخبار
  • خاص.. وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على القيم والأخلاق وتُحدث الاغتراب الأسري.. تقرير

خاص.. وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على القيم والأخلاق وتُحدث الاغتراب الأسري.. تقرير

  • 49

وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على القيم والأخلاق وتُحدث الاغتراب الأسري

أكاديميون: 76% من رواد الشبكات العنكبوتية يفرطون في استخدامها

قزامل: الإسلام لا يعرف الإسفاف وعلى النشء أن يحذر  الهاوية 

الأطرش: على الدولة دعم جهاز المراقبة لأن إشاعة الفاحشة تهدم المجتمعات


السوشيال ميديا .. العلاقات الأسرية في خطر 

خبراء اجتماع: الشبكة العنكبوتية تقود المجتمع.. وتربويون: السبب الرئيس هو غياب دور المسئول

علماء النفس  يعددون أضرارًا خطيرة لا يمكن تفاديها.. وبرلماني: هناك مقترحات بحوكمة سياسة الاستخدام الآمن 

عميد "أصول الدين": نعيش أزمة أخلاقية وفجوة زمنية.. ورئيس لجنة الفتوى الأسبق: غياب القدوات والبعد عن الدين أدى إلى انتشار الرذائل

تحقيق- مصعب فرج

تلعب الشبكة العنكبوتية دورًا مهمًا وخطيرًا في الحياة العامة وخصوصًا الأسرة التي أصبحت تعاني من خطر الاغتراب بسبب انزواء أفرادها في مواقع البحث؛ مما أدى إلى تحولها إلى وسيلة ذات حدين إيجابي وسلبي، إلا أن الجانب السلبي طغى على الكثير من الأسر المصرية التي عانت المرار من هذه المواقع بعد أن استدرجت بعض أفرادها، خصوصا الأطفال والشباب والأزواج والزوجات، ولعل من أبرز هذه التطبيقات وأشهرها (Facebook) و(Twitter) و(YouTube) و(tik tok)؛ وذلك لسهولة استخدامها ومرونة القيود المفروضة على الاشتراك فيها.

ولا شك في أن هذه الوسائل أصبحت تلعب دورًا مهمًا في التأثير على القيم والأعراف والثقافات المجتمعية التي توارثناها من أجدادنا، ليس هذا فحسب بل أصبحت تؤثر في معتقداتنا الدينية؛ ولذلك حذر الكثير من علماء الاجتماع من التأثيرات السلبية لها لما تسببه من تفكك وانحراف وقيم سلبية أخرى.

فقدان الأهداف والتوعية الحقيقية

قال الدكتور أحمد زايد، عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة سابقًا وأستاذ علم الاجتماع، إن مواقع التواصل الاجتماعي خرجت عن السياق والمسار المرسوم لها، وتحولت بعد أن كانت وسيلة للتقارب والتواصل المجتمعي إلى وسيلة للفرقة والتباعد والتشاحن؛ بسبب فقدان الأهداف والتوعية الحقيقية، بالإضافة إلى انشغال رب الأسرة وغياب دوره الحقيقي والرقابي، حتى أن الأمهات تحول دورهن إلى المشاركة في هذا الانفلات الأخلاقي والمجتمعي، حتى ظهر لنا إفلاس قيمي وعرفي.

وأضاف زايد في تصريحات خاصة لـ "الفتح" أن أهم الأسباب التي أحدثت هذه الفجوة المجتمعية، غياب الدور الحقيقي من المسئولين سواء أكانوا داخل الأسرة أو خارجها، وكذلك البعد الحقيقي من الآباء والأمهات عن الدين والقيم والأعراف، وظهور قدوات مشبوهة أخلاقيًا وإنسانيًا، وكثرة الأعمال الدرامية على شاشات التلفاز التي من شأنها خراب البيوت والمجتمعات، كما أن تيسيرات الدخول على هذه الوسائل جعلها أمرًا طبيعيًا ومتناولًا لدى كل شخص سواء أكانت فطرته سليمة أو غير ذلك.

وأردف: أن التوابع جراء هذه الكوارث الأخلاقية مزعجة؛ فكثير من المنازل تحولت إلى بيوت أشباح بسبب هذه الوسائل، فهناك من خربت بيتها بيدها، وهناك من قتل زوجته، وهناك من قتل أبيه، وكذلك من رمى أمه في الشارع، هذه الأفعال لم تكن معهودة في مجتمعنا، إلا أنها تحولت إلى أمر طبيعي والفضل يعود لوسائل "التباعد" الاجتماعي لا "التواصل"، وكذلك بسبب تحريض الجالسين عليها على أعمال العنف.


الأصل والفرع في التعامل معها

من جهته، قال الدكتور طه أبو الحسن، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ركيزه أساسية من ركائز المجتمع، وتحولت إلى ضرورة من الضروريات اليومية، ومثلها مثل التلفاز به الكثير من القنوات، والمشاهد هو من بيده جهاز التحكم؛ وبناء عليه لا نلقي اللوم على هذه الوسائل، ولكن الصحيح أن نواجه صاحب المشكلة الأساسية الذي ضرب بكل الأعراف والقيم والمبادئ عرض الحائط.

وأوضح أبو الحسن في تصريح خاص لـ "الفتح" أنه لا بد من توعية أسرية وفتح مقرات في القرى والمحافظات لبث روح المبادئ الإسلامية والقيم الإنسانية، وإحياء روح العادات والتقاليد والأعراف في المجتمع من جديد؛ لأن المجتمع لدية فراغ ثقافي وأخلاقي؛ حتى لا نترك الأصل ونتمسك بالفرع، فالأصل لدينا هو الشخص الذي يتحكم في هذه الوسائل.

واستدل أستاذ علم الاجتماع أن هناك الكثير من الإيجابيات المنشورة على هذه المواقع مثل الأبحاث والدراسات وغيرها؛ لذلك فالحكم على فشل هذه الوسائل في غير محله، ومن ينشر الفواحش ويبث السلبيات والقبح هو الوحيد الذي باستطاعته نشر القيم السليمة والأعراف الصحيحة؛ ومن هنا نطالب بلجنة قومية تعمل على إعادة القيم والأعراف الأخلاقية التي تتوافق مع مجتمعاتنا.

أضرار الشبكة العنكبوتية

وذكر الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن أضرار الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل خصوصا كثيرة، لكن من أصعبها التأثير على العقل البشري، الذي أوضحت الدراسات الطبية الموجودة بجامعة نييويورك أن هناك ما يزيد على 76% من رواد الشبكات العنكبوتية الذين يفرطون في استخدامها لديهم عدم توازن بين النظامين المعرفي والسلوكي، كما أن الإفراط في هذه الوسائل يسبب خللًا بوظائف الإدراك والاستيعاب.

أضاف هندي في تصريح خاص لـ "الفتح" أن من أضرار الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي الزهايمر، فإن الإنسان يستطيع استيعاب بعض الفترات لوقت محدد، ولكنه لا يستطيع الرجوع بالذاكرة إلى كامل الأحداث، وهذا ناتج عن أن الواقع الافتراضي أحدث فجوة عصبية في المخ مما يسبب نسيان بعض الأحداث اليومية، كما يعمل الإنسان المرتبط بهذه الوسائل على تسجيل أحداثه اليومية في ذاكرة الواقع الافتراضي ويتناسى تفاصيلها الجميلة التي ترسمها العين الحقيقية.

واختتم استشاري الصحة النفسية حديثه بهذه الأضرار التي تصيب الشخص المدمن للشبكة العنكبوتية، وأولها الشعور بالوحدة والانطواء النفسي؛ مما يخلق لنا شخصاً منعزلًا عن المجتمع ليتطور به الأمر إلى التشكيك والتخوين والعداء لمن حوله، كما أن من الأضرار الكبيرة التأثير على الحالة المزاجية والشعور بالتوتر والقلق المتلازم، وكذلك ضعف الانتباه والإدراك، وفقدان التواصل الحقيقي مع الناس.

الأخلاق الإسلامية

وأوضح الدكتور سيف رجب قزامل، عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، أن الوطن العربي والإسلامي يعاني من أزمة أخلاقية وفجوة زمنية عادت به إلى ما قبل الإسلام، وهذه الظاهرة الموجودة حاليًا جاء الإسلام ليحاربها في الأساس؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نص عليها لما روي عنه أنه قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والأخلاق المحمدية النبوية تخبر عنها نفسها فلقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قرآنًا يمشي على الأرض، واليوم شباب الأمة يعودون بنا إلى مزابل الأخلاق.

وأضاف قزامل في تصريح خاص لـ "الفتح" أن الشريعة الإسلامية لا تعرف الإسفاف الموجود حاليًا، وعلى الجيل الصاعد أن يحذر الهاوية لأن بداية هدم الأمم هو انعدام الأخلاق، وعلى رب الأسرة أن يراعي الله في رعيته لأنه مسئول أمام الله عن هذا العطاء الرباني له، وكذلك الأم التي طالما عرفت بالقيم والأعراف والحياء والمحافظة على البيت المسلم، فلا بد من الرجوع إلى الأصول التي ترعرع عليها الجيل المسلم الرباني بقواعدها المحمدية.

وأشار إلى أن أمور الدنيا وحياتنا اليومية لها إطار رباني على الجميع الالتزام به وعدم الخروج عنه؛ فالإنسان يدور مع الحياة بدستور رباني وإسلامي ارتضاه الله لنا وبه تصلح الحياة، فلا مناص منه ولا رجوع عنه لأن في مخالفته الهلاك، والبعد عنه بعد عن المسار الصحيح والفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.

غياب القدوة

وقال الدكتور عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، إن الدين الإسلامي منبع الأخلاق والرافد الأساسي للفطرة السليمة، كما أن الإسلام هو منبع الحريات، وليس هناك مانع بين أن يضمن الدين حريات الأشخاص وبين تقييدهم بالأخلاق؛ لأن الحرية الشخصية تقف عند حرية الآخرين، ليس هذا وحسب بل إن الحرية الشخصية مقيدة بالعقيدة الإسلامية ولا يمكن الخروج عنها، وما ينشره البعض على وسائل التواصل الاجتماعي مكتوب ومدون أمام الله سيحاسب عليه يوم القيامة.

وأضاف الأطرش في تصريح خاص لـ "الفتح" أنه يجب على الدولة دعم جهاز المراقبة على هذه الوسائل لأن إشاعة الفاحشة والشائعات تهدم المجتمعات، وما نحن فيه اليوم نذير شؤم على البلاد والعباد، ولا بد من علاج حقيقي يتوافق مع معتقداتنا وتقاليدنا، خاصة بعد ظهور سب الأعراض والتشكيك في المعتقدات، وهدم المبادئ وتفكيك الأسر، ولا بد من العمل على توعية الشباب وإظهار قدوات حقيقية، وكفانا قدوات وهمية موجودة على شاشات التلفاز.

وختم رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر تصريحاته بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما سأل أصحابه: "أَتَدْرُونَ مَا الْـمُفْلِسُ؟". قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال: "إِنَّ الْـمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" رواه مسلم.

تحرك برلماني

بدوره، قال أحمد فتحي، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، إن البرلمان يعمل على تحقيق كل الضمانات الأخلاقية للمجتمع، ولا يمكن أن يتراجع عن دوره الحقيقي التفاعلي بين أوساط المواطنين؛ لذلك كانت هناك اقتراحات تنص على ضبط الاستخدامات عبر الشبكة العنكبوتية حتى لا تتنافى مع قيمنا وعاداتنا وأعرافنا.

وأفصح "فتحي" في تصريح خاص لـ "الفتح" عن أنه سيتقدم بطلب إحاطة حول الرقابة على هذه الوسائل غير المنضبطة أخلاقيًا ولا عرفيًا؛ كي يقلل نسبة الفساد الموجود في الإنترنت، ولكن الدور الحقيقي يقع على التوعية من الأسر على الشباب والبنات، فلا بد من الجلوس على طاولة واحدة كما كان في السابق.

وأضاف أن الواقع الافتراضي وسيلة يصعب التغلب عليها بالطرق التقليدية بسبب سرعة انتشاره؛ فقد أصبح من أكثر الوسائل التي تزعزع أمن واستقرار المجتمعات، فهو الوسيلة الأولى لنشر الشائعات وبث الفتن، والسيطره عليه ليست سهلة، لكننا نطمح أن تكون هناك لجان لتوعية الأسر بمدى خطورة وأضرار هذه الوسائل المستحدثة.