غزة بين مطرقة الحصار والقصف.. وسندان انهيار البنية التحتية والبطالة

  • 125

غزة بين مطرقة الحصار والقصف.. وسندان انهيار البنية التحتية والبطالة

سكان القطاع يعانون أهوال عدوان لا ينتهي.. وخلاف الفصائل يؤخر الإعمار ويؤجج آلام الفلسطينيين

مطالبات ببدء الإعمار دون انتظار المصالحة.. وتفاؤل فلسطيني بدخول المعدات المصرية

كتب- عمرو حسن

وطنٌ استباح الصهاينة أرضه؛ واستعمروها واستوطنوها شيئًا فشيئًا، وهجّروا صاحب البيت والمُعمِر الأول، وقتلوا الصغير والكبير، واغتالوا أحلامًا ينعت في عيون الأطفال، فقضوا على الأخضر واليابس، واستبدلوا اسم الوطن ومحوا بالرصاص خريطته، وهدَّموا ما بقيَّ منه، وجعلوا من حطامه موطئًا لحرب لا تفنى، الكل يشاهد في صمت، فلا صرخات المستضعفين نفعت، ولا دماء الشهداء شفعت.

معاناة قطاع غزة

رغم معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة من دمار حرب الـ7 أيام عام 2014، وانهيار البنية التحتية، جاءت حرب مايو الماضي لتزيد المعاناة بتدمير ممنهج طال ألفي وحدة سكنية بشكل كلي، و22 ألف وحدة مدمرة جزئيًا، إضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية، فضلًا عن الضرر الذي لحق بالقطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية والزراعية، وتسريح آلاف العمال، وتأثيرات الحصار الممتد على مدى 15 عامًا، وتضررت في قطاع غزة أيضًا 54 مؤسسة تعليمية و6 مستشفيات و11 مصحة، فضلًا عن منشآت المياه والصرف الصحي والكهرباء، وقدرت وزارة الزراعة في غزة أضرارًا بنحو 27 مليون دولار شملت الصوبات الزراعية والأراضي الزراعية ومزارع الدواجن، وقالت الأمم المتحدة وجماعات إغاثة إن إمكانية حصول الفلسطينيين على مياه الشرب محدودة أو متعذرة، وفقًا للأمم المتحدة.

الإعمار أولًا

بنهاية الحرب يعود الحديث مجددًا ليتجه نحو إعمار ما خلفته الحرب من دمار، وتدخل مصر لوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وإرسالها لمعدات الهدم والبناء للقطاع دون الالتفات لآراء الاحتلال جعل الجميع يأمل في مساهمات جدية لإعمار القطاع وإنهاء معاناة الفلسطينيين، إلا أن أكبر عوائق الإعمار هو الخلاف بين حركتي فتح وحماس، حيث تعد الأخيرة هي التي تدير أمور القطاع منذ الحرب الداخلية فيما بينهما منذ عام 2007، والشعب الفلسطيني يرجو انتهاءها عبر مصالحة دائمة، ولكن تعلو أصوات داخل الفصائل الفلسطينية تؤكد أن الإعمار سيسبق المصالحة، وأن اختلاف الرؤى بين الفصائل يجب ألا يعطّل الإعمار، وتتفق الفصائل الفلسطينية مع المانحين الدوليين على أن تُنفذ مشاريع الإعمار عبر السلطة الفلسطينية في رام الله.

خطة القاهرة للإعمار

أعلنت الحكومة المصرية عن خطة لإعمار قطاع غزة عبر مبادرة رئاسية، وهي إعادة بناء الأبراج المدمرة، إلى جانب إقامة 10 آلاف وحدة سكنية على شكل مدن سكنية، وبعدها إعمار البنية التحتية بما في ذلك إقامة الجسور والكباري في مفترقات مزدحمة بالقطاع، ويأتي بعد ذلك إعمار المقرات الحكومية المدمرة أو المتضررة كقطاع التعليم، وأخيرًا إعمار المصانع والمنشآت الاقتصادية. 

في هذا السياق، قال الدبلوماسي والسفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، إن إعمار قطاع غزة أمر ضروري وعاجل، وأن البنية التحية مدمرة بشكل كامل في القطاع، وأن أكثر من 75 ألف فلسطيني بلا مأوى بعد عدوان الاحتلال على القطاع في عامي 2014، و2021، مضيفًا أن القطاع يعاني من نقص الكهرباء، والماء، والغذاء، والمستشفيات خاوية، والمدارس تضررت من القصف، كما سقطت مئات المنازل وتضررت آلاف الأبراج السكنية.

ولفت الدبلوماسي الفلسطيني في تصريح خاص، أن المصالحة أهم من الإعمار، إلا أن كلا الأمرين من الممكن أن يسيرا في خطين متوازين، مشددًا على ضرورة تدخل المجتمع الدولي وأن يتخذ خطوات عملية للحل السياسي، وضمان إعمار غزة دون أي قصف من الاحتلال الصهيوني، وإلا فكيف يتم الإعمار ما لم يأمن الفلسطينيون عدوان صهيوني جديد على القطاع؟، موجهًا سؤالًا مهمًا للمجتمع الدولي وواشنطن: متى يتوقف العدوان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، ومتى يسود الأمان فلسطين؟

وأثنى الفرا على الجهود المصرية لوقف العدوان وتقديم يد العون للفلسطينيين، موضحًا ارتفاع مؤشرات نجاح الإعمار إذا ضمنت مصر عدم تعرض الاحتلال لجهود الإعمار بالإضافة للمانحين الدولين والأمم المتحدة، مؤكدًا أن جميع الفصائل تثق في مصر، وأن حماس تعلم أن الرئة التي يتنفس منها قطاع غزة هي مصر، لأن الاحتلال أغلق كل المعابر عدا المعابر المصرية.

واستبعد السفير السابق، وجود أي اتفاق حالي بين حركتي فتح وحماس بشأن حكومة عاجلة من أجل الإعمار، معلًلا ذلك بالخلاف القائم بين الفصيلين وعدم إتمام المصالحة، مؤكدًا أن استمرار الانقسام عار على جبين كل من يعطل غسل هذا العار، وجريمة بحق الشعب الفلسطيني.


وأكد الدكتور أيمن الرقب، القيادي بحركة فتح الفلسطينية، وأستاذ العلوم السياسية، أن العدوان الصهيوني على الفلسطينيين عام 2104 دمر أكثر من 60% من البنية التحتية و2000 مصنع مما أضر بالاقتصاد، ووقتها منع الاحتلال مواد البناء، وخطوط المياه والصرف الصحي من دخول قطاع غزة، مضيفًا أن العدوان الأخير في مايو قضى على البنية التحتية تمامًا، وزاد الحاجة نحو الإعمار، لافتًا إلى أن الاحتلال قصف قطاع غزة بأكثر من 45 ألف طن متفجرات خلال العدوان، ومع تدمير البنية التحتية والصرف الصحي والاقتصاد صارت العمالة أزمة كبيرة في القطاع، ما يقرب من 30 ألف عامل عاطل، ما يعني زيادة الحاجة والعوز في قطاع غزة، كما أن الكهرباء لا تصل إلا ساعات معدودة يوميًا مما يزيد الحاجة نحو إعادة تأهيل الكهرباء.

وأشار أستاذ العلوم السياسية في تصريح خاص، أن الإعمار سيكون تحت رعاية السلطة الفلسطينية بمشاركة حماس، كما أن لجنة أوروبية وأعضاء من الرباعية والأمم المتحدة وعلى رأسهم مصر سيشرفون على الإعمار، كما أن فترة الإعمار المدني لن يستطيع الاحتلال فيها قصف القطاع، بسبب وجود أطراف دولية وشركات مصرية وشركات أجنبية مما يعد عائقًا أمام الاحتلال لاستهداف الإعمار.

وتوقع الرقب أن الإعمار سيكلف قرابة الـ16 مليار دولار لإعادة إعمار البنية التحتية والمصانع والصرف وخطوط المياه، لافتًا إلى تفاؤل فلسطيني ببدء الإعمار قريبًا بسبب إرسال مصر لمعدات ومواد بناء لأول مرة لرفع الهدم، كما أن مصر ستدخل هذه المرة حاجات القطاع لإعادة البناء ولن تنتظر موافقة الاحتلال كـ 2015.