بالحبس والغرامة.. البرلمان يوافق على تغليظ عقوبة التحرش.. (تقرير)

  • 58

بالحبس والغرامة.. البرلمان يوافق على تغليظ عقوبة التحرش

كتب – أحمد سعيد

عندما يغيب الضمير ويذهب الورع يرتكب الناس أفعالًا تحركها الشهوة وتغلفها الخطيئة، كجريمة التحرش وخدش الحياء، تلك الجريمة التي تتساوى فيها أفعال الرجال والحيوانات على حد سواء، إذ إن فعلًا حيوانيًا كهذا يخلف وراءه جبلًا ثقيلًا من الأسى والألم، بل قد يودي بمستقبل أو حياة عائلة بأكملها.

ونظرًا لخطورة الأمر؛ وافق مجلس النواب على تعديل قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937م، إذ تقضي التعديلات بزيادة عقوبة التحرش الجنسي والتعرض للغير، بحيث تصبح العقوبة هي الحبس من 3 – 5 سنوات، وبغرامة مالية لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه.

بدوره، قال الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، إن الإسلام حافظ على العرض وعلى الشرف، ومنع التطاول أو التعرض لهما، بل إن القرآن الكريم أقر عقوبات رادعة تحصن العرض وتحميه، حيث حدد الشرع عقوبة الرجم للمحصن وعقوبة الجلد لغير المحصن؛ ومن ثم فإن تغليظ عقوبة التحرش في هذه التعديلات الجديدة أمر محمود لكنها غير كافية، وإنما العزاء فيها قول سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حين قال: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

وأوضح الأطرش أن الردع أمر جيد لكن تجب كذلك معرفة الأسباب التي تؤدي إلى التحرش، مشيرًا إلى أنه يؤيد تغليظ عقوبة المتحرش من الرجال ويطالب بعقوبة مشابهة للمتحرشات من النساء، مستشهدًا بقول مصطفى صادق الرافعي، حيث يقول الأخير: "إنه لو كان قاضيًا ورفع إليه أن شابًا تحرش بفتاة؛ لنظر في حال الفتاة أولًا، فإذا رآها متبرجة عاقبها عقوبتين، إحداهما بسبب أن المرأة خدشت حياء هذا الشاب بتبرجها، والثانية أنها كشفت اللحم للهر، وأنها كشفت لحمها جهرًا".

وشدد رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر على أهمية الحفاظ على العرض والشرف، مستشهدًا بحكمة مفادها أن العلم والمال والشرف اجتمعوا ذات مرة، فقال العلم إن فقدتني فستجدني في الكتب والمراجع، أما المال فقال وإن فقدتني أنا فستجدني في البنوك وبيوت المال، أما الشرف فقال وإن فقدتني أنا فأنا لا أعود.

وحذر الأطرش الشباب من التحرش ومن التعرض بالأذى لأعراض الناس، قائلا: "إن الزنا دَين فإن أقرضته كان الوفاء بأهل بيتك فاعلم"، مطالبًا كل من تسول له نفسه التفكير في التحرش أن يراجع الأمر ويتدبره، ويقيس ذلك بأهله، فقد تكون أمه أو زوجته أو إحدى قريباته هي الفريسة؛ ومن ثم فإن الحفاظ على عرض الغير لا يقل أهمية عن حفظ عرضك.

وبالعودة إلى تغليظ عقوبة التحرش، أعرب الأطرش عن تأييده لتغليظ العقوبة لما هو أكثر من الحبس والغرامة، موضحًا أن التحرش جريمة شنعاء لها تبعات خطيرة، ولعل أخطرها أن الشرف لا يعود، مؤكدًا أن ذلك يتطلب تغليظ العقوبة لأقصى درجة ممكنة؛ حتى يرتدع كل من يسعى لارتكاب هذا الجرم.

وهو ما أيده، أحمد عبد الحميد، عضو مجلس النواب، حيث يرى أن تغليظ العقوبة يساعد على الحد من ظاهرة التحرش، خاصة أن الظاهرة تكررت كثيرا خلال الآونة الأخيرة وباتت تؤرق وتشغل بال المجتمع، لا سيما أن التحرش جريمة تخالف تقاليدنا وعاداتنا، وهي ظاهرة سلبية لا نقبل بها بيننا.

وأشار عبد الحميد إلى أن تغليظ العقوبة لا تكفي، مطالبًا الجهات المعنية بتبني حملة توعوية للحد من تفشي هذه الظاهرة، داعيًا وسائل الإعلام بالتكاتف مع الدولة التي تسعى للقضاء على التحرش، كما ناشد المؤسسات الدينية بالقيام بدورها في التوعية من خطورة التحرش وعواقبه، موضحًا أن تغليظ عقوبة التحرش هي محاولة من الدولة لردع المتحرشين، لكن التوعية المجتمعية لا غنى عنها.

كما طالب البرلماني بنشر التعديلات الجديدة في وسائل الإعلام، موضحًا أن نشر العقوبات المغلظة بشأن التحرش قد يكون تحذيرًا لمرتكبي هذه الأفعال أو من تسول له نفسه الإقبال عليها؛ ومن ثم فإن نشر العقوبات وتعريف الناس بها أمر جيد وقد يكون رادعًا حقيقيًا لهم.