هل ظلمت الشريعة الإسلامية المرأة المطلّقة؟

  • 11

هل ظلمت الشريعة الإسلامية المرأة المطلّقة؟

ظلمات يروج لها الغربيون.. وديننا حفظ لها أدق التفاصيل

الإسلام أعطاها حقوقها غير منقوصة.. وسورة "الطلاق" خير دليل

شريف طه : الفكر النسوي خطر  يهدد المجتمعات.. والعلاقة بين الجنسين علاقة تكامل 

عالم أزهري : النصوص الشرعية تؤكد الجانب الأخلاقي عند الفِراق

استشاري أسري: من رحمة الله بالمسلمين تشريع الانفصال بإحسان

تقرير – محمد علاء الدين

ظلمات يروج لها الغرب ويثيرها أتباعه ضد الإسلام، معتمدة على الترويج للشبهات، ملخصها أن الشريعة الإسلامية ظلمت المرأة المُطلّقة، متجاهلين التاريخ الذي أرخ لعدالة الشريعة السمحاء مع المرأة على وجه الخصوص.

فعندما جاء الإسلام أبطل عادات الجاهلية؛ فقد كانت المرأة لا ترث فأعطاها الإسلام حقها في الميراث وهو نصف الرجل، ليس ظلمًا لها وإنما تكريم؛ فالرجل هو المنوط به الإنفاق على المرأة، فهو المأمور بدفع الصداق وتجهيز عش الزوجية وغير ذلك.

وإذا نظر المروجون بعين الباحث عن الحق والحقيقة يجد أن الإسلام ضمن حقوق المرأة في أدق التفاصيل، فتحدث عن الكسوة والنفقة للزوجة، وعدّها من الحقوق الثابتة، يقول الله تعالى: {وَعلَى المولود لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت".

"الفتح" التقت عددًا من المتخصصين في مجالات عدة، وجمعت الآراء تحت عدة تساؤلات: هل ظلمت الشريعة الإسلامية المرأة المطلقة؟ يثير البعض أن الإسلام حرم المرأة المطلقة من حقوقها في النفقة والمسكن، فما الرد على هؤلاء؟ الحضانة من الأمور التي تثير ضجة عندما يحدث الطلاق، كيف وضع التشريع حلًا لهذه القضية الكبيرة؟ الكسوة والعلاج والتعليم.. ملفات يتنازع الطرفان فيها بعد الطلاق، كيف كفل الإسلام حقوق الأطفال حتى لا يضيعوا عند التنازع؟

وحول خطورة الفكري النسوي على المجتمعات يقول شريف طه، الداعية الإسلامي، إن هذا الفكر يبدأ بإثارة الصراع بين الذكر والأنثى، أما الإسلام لا ينظر إلى هذه العلاقة على أنها علاقة صراع أو تنافس، وإنما هي علاقة تكامل ولذلك الثقافة الإسلامية لا تعرف الفكر النسوي ولا الذكوري وإنما تعطي كل ذي حق حقه.

وتابع طه أن الفكر النسوي هادم للأسر ومن ثم المجتمعات لأن الأسرة لبنة بناء المجتمع، فالفكر النسوي ينظر إلى الأسرة باعتبارها منظمة أو مؤسسة ذكورية يتسلط فيها الذكور على الإناث، بالتالي يهدف إلى تفكيك الأسرة،  ومن ثم يرتبط هذا الفكر بالدعوة إلى الشذوذ والدعوة إلى صور وأنماط الزواج التي مآلها إلى تفكيك الأسرة.

 كما يهدف هذا الفكر إلى رفع رقابة أو سلطة الأبوين التربوية فضلاً عن مسألة القوامة؛ وحفاظًا على الأمن القومي لابد من مقاومة هذا الفكر لأنه ما انتشر في مجتمع إلا وعانى من التفكك. 


من جانبه، قال الدكتور عطية الهادي، من علماء الأزهر الشريف، إن الشريعة الإسلامية وضعت وثيقة مفصلة لأدق التفاصيل التي تخص المرأة بعد الطلاق، وسُمّي الطلاق بـ "السراح الجميل" لا سباب فيه ولا شجار، وبلغة العصر "لا محاكم فيه"، ساحة المحكمة مباراة ومبارزة بين الطرفين وكلاهما يكيل للآخر.

ويؤكد "الهادي" في تصريحات خاصة لـ "الفتح" أن الإشكالية الحقيقية في قضية الطلاق ليست في التشريع وإنما في طرفي النزاع وشيوع الجهل، مشددًا على أن الإسلام ضَمن للمرأة المطلقة حق النفقة إذا كانت أنجبت من زوجها، وجعل الحضانة في يدها لأنها الأكثر حرصًا عليهم وعلى خدمتهم؛ وعلى ذلك وجب على الزوج أن يوفر لها المسكن الذي يليق بها وبأطفالها، وكذلك نفقة التعليم، وقد نص عليه قانون الأحوال الشخصية وهو في ضوء الشريعة.

وأضاف: "القرآن بدأ سورة الطلاق بنداء عظيم مقدس في شخص النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ) لم يقل: إذا طلقت، فالقرآن يخاطب الأمة من خلال نبيها؛ وهذا دليل على عظمة وخطورة قضية الطلاق".

ويشير "الهادي" إلى أن الإسلام والقرآن الكريم والنصوص الشرعية جاءت لتؤكد الجانب الأخلاقي في الطلاق وهو الفراق بالمعروف، أن يراعي الأزواج حقوق الأبناء وحقوق الزوجات.



بدوره يقول الدكتور محمد فتحي، استشاري أسري، إن ثقافة حقوق المطلقة هي الغائبة؛ فالقرآن لم ينزل سورة عن الزواج، فالعلاقات الزوجية مبثوثة في سور كثيرة، لكنه أنزل سورة "الطلاق" ويسميها المفسرون سورة "النساء الصغرى"، وفيها أحكام كبيرة تُشرح في كتب.

وأوضح "فتحي" في تصريحات خاصة لـ "الفتح"، أننا قبل الحديث عن تلك المسألة ينبغي أن نعود خطوة إلى الوراء وهي أسباب الطلاق، وباعتباري استشاري أسري تعرض عليَّ حالات طلاق كثيرة الأساس فيها أن الشباب غير واقعي في اختيار الشريك، تمسك الطرفان بالمظاهر والجماليات الشكلية، والحقيقة أن الإسلام كان سباقًا في هذه الأمور، وقد وضع معايير لاختيار الشريك، ومقصدي هنا أن الشريعة كانت سباقة في حل مشاكل الطلاق قبل وقوعها.

ويؤكد الاستشاري الأسري أن هناك صورة مغلوطة عن الطلاق؛ فمن رحمة الله -عز وجل- بالمسلمين أن شرّع الطلاق، فالطلاق رحمة من الله -عز وجل-، وهناك طوائف حُرمت من هذا، والزواج عندهم أبدي ولا تطلق الزوجة إلا إذا خانت أو زنت أو غير ذلك، ولكن في الشريعة السمحاء إذا كرهت الزوجة المعيشة مع زوجها أو الرجل لا يستطيع أن يكمل مسيرة الحياة مع زوجته وفشلت مسارات ومحاولات الإصلاح؛ فيأتي الحل بالطلاق، وقد رأيت بعيني مشاكل وخلافات زوجية لا حل فيها إلا الانفصال بحق.