• الرئيسية
  • الأخبار
  • 500 ألف مريض بضمور العضلات في مصر .. تكلفة الحالة 3 ملايين دولار.. والحق في الدواء: المبادرة الرئاسية حركت المياه الراكدة

500 ألف مريض بضمور العضلات في مصر .. تكلفة الحالة 3 ملايين دولار.. والحق في الدواء: المبادرة الرئاسية حركت المياه الراكدة

  • 40

وائل سمير: فحوصات قبل الزواج والتوعية يمكن أن تقلل أعداد الإصابات

العرجاوي: الاكتشاف المبكر يسهم في اكتمال مكونات الصحة الإنجابية

تحقيق- مصطفى حجاج

"ضمور العضلات" من الأمراض التي تصيب مختلف الأعمار، ويظهر في الذكور أكثر من الإناث،  ويصل إلى 12 نوعاً يبدأ أغلبه مع مرحلة الطفولة، وباقي أنواعه  تظهر بعد البلوغ، وأكثره شيوعًا، ضمور العضلات الشوكي والدوشيني، وضمور العضلات شتاينرت، وضمور بيكر العضلي، والضمور العضلي الجانبي، والضمور العضلي الخلقي.

ويعرف الضمور بحالة مرضية مزمنة يتم فيها فقدان القدرة العضلية، وتصبح العضلات أقل حجماً وضعفاً مع الوقت، وذلك بسبب سوء التغذية أو عوامل الوراثة أو قلة النشاط البدني، وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ضمور العضلات، منها الجينات والوراثة، والتعرض لسوء التغذية، والإصابة بأمراض مختلفة.

وهناك العديد من الأعراض للمرض، منها وجود مشاكل في التوازن الجسدي، والضعف العام والوهن العضلي، والشعور بالألم الشديد وتيبس العضلات، وعدم القدرة على التعلم، وتأخر حالات النمو، وفقدان القدرة على ممارسة التمارين والأنشطة البدنية لفترات طويلة من الوقت.

كما أن ضمور العضلات الشوكي هو مرض يصيب الخلايا العصبية للحبل الشوكي نتيجة لطفرة وراثية، حيث يوجد جين معين مسؤول عن صحة وسلامة الخلايا العصبية الحركية للحبل الشوكي وهو الأكثر شيوعاً في الطفرات، ويؤدي إلى حدوث ضمور العضلات الشوكي.

من جانبه قال الدكتور وائل سمير، استشاري الجراحة العامة بمستشفيات وزارة الصحة، إن الأمراض المناعية مخيفه للناس حيث إنها تصيب الأطفال والكبار، موضحًا أنها المسببة لضمور العضلات، يقوم الجسم بمهاجمة العضلات وتدميرها، نتيجة لعدم تعرف الجسم على بعض بروتينات العضلات ويرفضها ويقوم بمهاجمتها كما يهاجم المراكز العصبية، مشيرًا إلى أن علاج هذه الأمراض عن طريق غسيل الدم، وهذا أمر مؤلم ومتعب للغاية، أو وصف الكورتيزون طويل المفعول للمريض، لتقليل مهاجمة الجسم للعضلات، مشيرًا إلى أن هناك حالات تصل الأعراض فيها للجهاز التنفسي مما يعيق عملية التنفس.

وأوضح سمير في تصريح خاص لـ "الفتح" أن هناك أسبابًا  أخرى فيروسية، وهي عبارة عن فيروسات تصيب العضلات، وتتسبب في التهابات، على سبيل المثال الأمراض التي يتم إعطاء تطعيمات له كتطعيم Polio"" المضاد لشلل الأطفال، وهو مرض فيروسي يصيب الأعصاب بالعضلة، ويصيب الطفل من صغره، ويعيق نموها، لذا نرى أشخاصاً مرضى ضمور عضلات أو شلل العضلات، ما ينتج عنه عاهة مستديمة، مؤكدًا أن المصل ضد هذا المرض، وتوعية المجتمع أهم العوامل في التصدي له.

وحول الفحوصات الطبية قبل الزواج والفحص الجيني أكد سمير أن ذلك من ضمن العوامل التي يمكن أن تحد من الإصابة بالمرض أو توقعها خاصة الحالات التي لها تاريخ مرضي، موضحًا أن الأمراض الجينية توجد منها أنواع ظاهرة غالبه وأخرى متخفية.

في ذات السياق، قال الدكتور محمد صلاح أحمد، أخصائي المخ والأعصاب بمستشفى كفر الشيخ العام، إن مرض الضمور العضلي الشوكي له أنواع مختلفة كل نوع يبدأ عند سن معين، مشيرًا إلى أن النوع الأول يبدأ قبل سن ٦ أشهر، ويكون الضعف عنده شديدًا ولا يستطيع الجلوس مطلقًا وإذا لم يحدث علاج له يموت قبل سن سنتين غالبًا.

وأوضح صلاح في تصريح خاص لـ "الفتح" إلى أن النوع الثاني يظهر قبل سن سنتين، والنوعين الثالث والرابع يظهران في سن أكبر مع ضعف أقل وقدرة على المشي، ويعيشون طبيعيين مع ضعف بسيط في الحركة، مضيفًا أن الأم الحامل للخلل الجيني المسبب للمرض هي التي تنقله للأولاد، ولذلك ينصح بعمل التحليل الجيني قبل الزواج للأم  التي لديها حالات مشابهة في العائلة في جيلها أو الأجيال السابقة لها.

وأشار إلى أن المرض يؤدي إلى ضعف وضمور شديدين بالعضلات في النوع الأول الذي تظهر الإصابة في سن مبكرة قبل ٦ أشهر، موضحًا أن هذا الطفل لا يستطيع الحركة مطلقًا، ولا التقلب في الفرش فضلًا عن الجلوس بمفرده أو تثبيت رأسه منفردًا، مؤكدًا أنه مع الوقت تؤدي المضاعفات التي أغلبها متمثلة في الالتهابات الرئوية المتكررة بسبب عدم القدرة على البلع، وفشل التنفس بسبب ضعف عضلات التنفس، والتشوهات العظمية مثل تقوس العمود الفقري وغيرها، إلى الوفاة المبكرة للطفل قبل سن عامين، لذا كان علاج هؤلاء الأطفال في الماضي مستحيلًا ومقتصرًا على العلاج التحفظي فقط.


ولفت أخصائي المخ والأعصاب إلى أنه مع الطفرة في التقدم التكنولوجي لعلاج الأمراض تم اعتماد ثلاثة أدوية عن طريق منظمة الدواء والغذاء الأمريكية منذ عام ٢٠١٦ إلى الآن، مشيرًا إلى أن هذه الأدوية أحدثت نقلة كبيرة في علاج هذه الحالات، متابعًا: بعض هذه العلاجات تعمل على إصلاح الخلل الجيني المسبب (gene replacement therapy) للجين SmN1 on chromose 5q11، كما تم اعتماد دخول أحد العلاجات الجينية يعطي جرعة واحدة يسمى وريديا   زولجنيزماzolganesma ، على نفقة الدولة بالمجان للأطفال تحت سن سنتين، موضحًا أنه دواء غالٍ الثمن ويقدر بقيمة ٣ ملايين دولار، وتم بالفعل إنشاء مركز للحقن بعين شمس التخصصي تحت إشراف الأستاذة الدكتورة ناجية فهمي أستاذ المخ والأعصاب ورئيس وحدة أبحاث العضلات والأعصاب بطب عين شمس، التي كان لها دور رائد في الاهتمام بعلاج ونشر الوعي بمشكلة هؤلاء الأطفال، والمركز الثاني بمعهد ناصر، والمركز الثالث بمستشفيات القوات المسلحة، كما تم إنشاء عيادات متخصصة بكل محافظة للكشف المبكر وحصر وتحويل الحالات.

وأكد صلاح أن هذا الجهد الكبير من الدولة ممثلة في وزارة الصحة يؤكد الاهتمام بصحة المواطنين ورعاية المبادرات الصحية التي كان لها أثر كبير في علاج المرضى، موضحًا أنه يتم تمويل الحقن من صندوق تحيا مصر.

وكشف صلاح عن أن تشخيص الضمور العضلي الشوكي يتم بعدة أمور أهمها: الكشف الإكلينيكي من طبيب مخ وأعصاب، أو مخ وأعصاب أطفال، ثم عمل التحليل الجيني وهو الذي يؤكد التشخيص بعد الفحص الإكلينيكي، مضيفًا أن التشخيص قد يعزز بفحص رسم العصب والعضلات.

وشدد على أن التشخيص المبكر مهم لبدء العلاج الجيني، لأنه مناسب حاليًا للأطفال المصابين قبل سن سنتين فقط، لافتًا إلى وجود علاجات أخرى تناسب كل باقي الأنواع مثبتة علميًا مثل سبنرازاspinraza وريسديبلام Risdiplam وتم التعاقد بين وزارة الصحة المصرية والشركات المنتجة على توفير بعض هذه العلاجات،

وأكد على أنه يمكن اكتشاف المرض أثناء الحمل، موضحًا أن الأم الحامل يمكنها معرفة الطفل المريض بضعف حركته وتقلبه في بطنها عن الطبيعي  وبمراجعة الطبيب المختص ممكن التأكد من التشخيص بعمل عمل إشاعات وسحب عينة من الجنين، وعمل التحليل الجيني، مما يسرع عملية العلاج المبكر للطفل المصاب بعد الولادة.

وفي سياق متصل قال الدكتور أحمد العرجاوي، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن خطة الدولة في علاج حالات ضمور العضلات الآن تعتمد على إجراء تحليل جيني وراثي منذ لحظات الولادة، موضحًا أنه سينتج عن ذلك بعدين الأول هو الكشف المبكر عن المرض، وفي هذه الحالة تكون طريقة العلاج أسهل مما نتخيل.

وأوضح العرجاوي في تصريحات خاصة لـ "الفتح" أنه بالاكتشاف المبكر نراعي ثلاثة أشياء وهم مكونات الصحة الإنجابية، المتمثلة في الصحة النفسية وللعقلية والبدنية، وبالتالي سنتمكن من منع ثلاثة أمراض في منتهى الخطورة، من مشاكل نفسية ترهق الأسرة، والمشاكل البدنية التي تترتب عليها المضاعفات المرضية، والمشاكل العقلية الناجمة عن الخلل العقلي، موضحًا أنه بذلك تكون رعاية المنظومة الصحية رعاية كاملة.

وأشار إلى أن تعريف الصحة الإنجابية، يعني حالة من الاكتمال التام للصحة البدنية والصحة العقلية، والصحة النفسية، مشيرًا إلى أنه مع مراعاة هذه الأبعاد الثلاثة، سينتج عن ذلك جيل معافى تمامًا من المشاكل النفسية والعقلية والبدنية، وهذا هو البعد الاقتصادي الثاني من خطة الدولة، مضيفًا أن إذا كان هذا الجيل معافى فيستطيع أن يعمل وينتج ومنعت بذلك الخلل النفسي والبدني والعقلي، وهذا هو مفهوم تحديد الأمراض الوراثية وعلاجها في بدايتها.

وحول الثلاثة مراكز المخصصة من قبل وزارة الصحة لعلاج حالات ضمور العضلات الشوكي من سن يوم لسنتين، أكد أنه لا يمكن التوسع في مراكز العلاج إلا بعد حصر وإعداد البيانات الخاصة بالمرضى مما ينطبق عليهم الشروط للعلاج، مشيرًا إلى أن كل المحافظات الآن تقوم بإعداد قاعدة البيانات من خلال عيادة التأمين الصحي والأماكن المخصصة لذلك، وهذه الانطلاقة يعقبها أخرى.

وفيما يخص الفحص الطبي للمقبلين على الزواج، وأهميته في الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية خاصة بين الأقارب ومن لهم تاريخ مرضي، أكد "العرجاوي" أن الفحص يعتبر الخطوة الثانية مشددًا على أهمية الفحص الفعلي عن طريق إجراء تحاليل وفحوصات جينية وليس الصورية.

وحول أعداد المرضى أوضح محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، أن ضمور العضلات من الأمراض النادرة، ومع ذلك يتخطى أكثر من 500 ألف مريض، بمختلف الفئات العمرية، مشيرًا إلى أن هذا العدد مصاب بكل الأنواع من المرض والذي يصل عددهم لـ12نوعًا، حيث إنه مرض متوارث، ولأنه مرض وراثي فالعائلة الواحدة من الممكن أن يكون بها 4أشخاص مصابين بالمرض، ويكون أعداد مرضى ضمور العضلات لأنهم معظمهم من أسرة واحدة. 

وأشار إلى أن مرضى الضمور الشوكي والدوشين يحتاجون لفحوصات وإشاعات كل شهر تكلفهم من 2: 6 آلاف جنيه، ما يعتبر عبئًا كبيرًا على كاهل المرضى وأسرهم، خاصة أن معظم المرضى بهذا المرض من الدلتا وصعيد مصر، موضحًا أنه طالب بتخصيص أقسام في المستشفيات الجامعية لتوفير هذه الخدمات للمرضى، وذلك لتقليل الضغط على أسرهم.

وأشاد "فؤاد" بمبادرة الرئيس السيسي، لعلاج مرضى ضمور العضلات الشوكي من سن يوم إلى سنتين، تستهدف حوالي ألفي مريض، وتم علاج 65 طفلًا حتى الآن، مشيراً إلى أن وزارة الصحة وقعت بروتوكولًا مع إحدى الشركات العالمية التي توفر علاج ضمور العضلات للحالات من سن يوم واحد حتى 12سنة، وباقي المرضى الكبار للأسف لا توجد لهم أدوية علاجية حتى الآن، وعلى الرغم من أن الملف صعب إلا أنه تم تحريكه مؤخرًا.

وأشار إلى أنه يجب الاهتمام بالمنبع، والذهاب لمسببات الإصابة في محاولة لتجفيفها.

 وحول المعوقات التي تقابل المرضى وأسرهم، مما ينطبق عليهم شروط مبادرة العلاج، قال إن الحملة يمكن وصفها بـ"القاهرية"، حيث إن أهالي المرضى يأتون إلى القاهرة حتى  يتمكنوا من التسجيل، مطالبًا بتعميم الحملة في كل أجزاء مصر، مؤكدًا أن المرضى متركزون في أماكن كثيرة جدًا حتى لو تم ذلك على مراحل، كما حدث في المبادرات الصحية السابقة.