هذا المخترع السبب.. تحوّل حلم الطيران لحقيقة

  • 20

خلال فترة الحقبة الجميلة (La Belle Époque)، التي مثلت مرحلة هامة من التاريخ الأوروبي والفرنسي خاصة، وامتدت بين ما بعد الحرب الفرنسية البروسية واندلاع الحرب العالمية الأولى، عرف العالم تقدما تكنولوجيا هاما بمجالات عدّة بفضل اختراعات واكتشافات علمية جاءت في الغالب لتسهّل حياة البشر وتجعلها أكثر رفاهية.


فإضافة لعلم الفلزات والتعدين والكهرباء والمحرك، شهد مجال الطيران تقدما تكنولوجيا ملحوظا بفضل عدد من العلماء الذين وضعوا حياتهم على المحك للقيام بتجارب جريئة أملا في تحقيق حلم الطيران الذي راود البشرية منذ سنين طويلة.


ومن ضمن هؤلاء العلماء، يذكر التاريخ اسم المهندس الفرنسي كليمان آدر (Clément Ader) الذي قاد تجربة ملهمة أواخر القرن التاسع عشر.


محاولات فاشلة

لكن قبل آدر، اتجه البشر للطيران والتحليق عبر المنطاد والإيروستات (aerostat) الذي اعتمد على تقنيات وحسابات العالم والمهندس الإغريقي أرخميدس (Archimedes).


من ناحية أخرى، شهد القرن التاسع عشر العديد من محاولات الطيران الفاشلة التي حاول أصحابها كسر القواعد القديمة عن طريق الإقلاع والتحليق اعتمادا على محرك. ومن ضمن من قادوا هذه المحاولات الفاشلة، يذكر التاريخ أسماء بارزة كالإنجليزي وليام هنسون (William Henson) ونظيره الفرنسي جان ماري ليبري (Jean Marie Le Bris).

ولد كليمان يوم 2 نيسان/أبريل 1841 بمنطقة موريت (Muret) جنوب تولوز الفرنسية. وقبل أن يصبح مهندسا في مجال السكك الحديدية، حاول كليمان آدر وهو في الرابعة عشرة من العمر التحليق اعتمادا على زي مليء بالريش شبيه بالطيور.


وتزامنا مع إبداعاته في مجال الطيران، كان لهذا المهندس العديد من الابتكارات حيث ساهم الأخير في تطوير هاتف ألكسندر غراهام بيل، وأنشأ إحدى أولى شبكات الهاتف بباريس كما لعب أيضا دورا هاما في تحسين شبكة النقل بالعاصمة الفرنسية.


إلى ذلك، لم يفارق حلم الطيران كليمان آدر. وطيلة فترة ثمانينيات القرن التاسع عشر، عمل هذا المهندس الفرنسي على صناعة مركبته الطائرة بورشته الصغيرة بنهج الياسمين بباريس.


أول محاولة ناجحة للطيران ذاتي الدفع

يوم 19 نيسان/أبريل 1890، قدّم آدر براءة اختراعه الذي وصفه بالجهاز المجنّح المخصص للملاحة الجوية والملقب بالطائرة.


وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر من نفس العام، قام باختبار طائرته، التي أطلق عليها اسم إيول (Éole)، المزودة بجناحين والشبيهة بالخفاش.


ومن خلال سابقة فريدة من نوعها بمجال الطيران، زوّد هذا المهندس الفرنسي طائرته بمحرك بخاري خفيف كان قد صنعه بنفسه في وقت سابق لتكون بذلك إيول أول طائرة ذاتية الدفع.

وخلال اليوم الموعود، ارتفعت طائرة آدر لعشرات السنتيمترات عن سطح الأرض قبل أن تحلق لمسافة قدّرت بنحو 50 مترا ليحصل بذلك صاحبها خلال الفترة التالية على شهرة عالمية ويتحوّل سريعا لأحد أهم رواد الطيران بالتاريخ الإنساني.


بعد نحو عام، حاول كليمان القيام بمحاولة طيران أخرى اعتمادا على طائرة أكثر تطور لقبّها بإيول 2. لكن ولسوء حظّه، حطّمت الرياح طائرته ليعرف بذلك فشلا ذريعا.


وبحضور مسؤولين من وزارة الحرب الفرنسية، أجرى الأخير تجربة ثالثة على طائرة أخرى مزودة بمحركين بخاريين، بلغت قوتهما 40 حصانا، يوم 14 تشرين الأول/أكتوبر 1897.


ومع فشله في المرة الثالثة، فضّل آدر التخلي عن حلم الطيران ليتابع فيما بعد عن كثب النجاحات التي حققها عدد آخرون من المهندسين والمخترعين الذين اعتمدوا على أفكاره وتصاميمه للنجاح في التحليق.