رفض رسمي| مؤسسات الدولة تنتقد "الدين الإبراهيمي" وتهاجمه.. وردّ قوي من "برهامي"

  • 221
فضيلة شيخ الأزهر

مصر بلد إسلامي، ينص قانونه ودستوره على أن الإسلام دين الدولة، وأن الشريعة الغراء هي المصدر الرئيسي للتشريع؛ وهو ما يجسده رفض مؤسسات الدولة للمحاولات البائسة التي تحاول النيل – ولن تستطيع بإذن الله – من عقيدة المصريين ودينهم؛ إذ أبدى كل من الأزهر الشريف ومجلس النواب، رفضهم التام لما يسمى بـ "الدين الإبراهيمي" الذي يدعو إلى الامتزاج بين الأديان السماوية واعتبارها دينا واحدا، بدعوى أنه اجتماع حول الإنسانية لا العقيدة، بحسب زعمهم.

الأزهر يرفض وينتقد

الأزهر باعتباره المؤسسة الدينية الأكبر، أعلن على لسان شيخه الدكتور أحمد الطيب، رفضه التام لتلك "الدعوات التي تطالب بامتزاج الإسلام والمسيحية، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكلٍّ منهما"، مؤكدا أنها دعوات لا تفرق شيئا عن دعاوى العولمة أو نهاية التاريخ، بل إنها دعوة فيها من أضغاث الأحلام، تحاول سلب الإنسان حرية الاعتقاد والإيمان.

وأكد الطيب أن الدعوة إلى ما يسمى بـ "الدين الإبراهيمي" ليس فيها من الإدراك الصحيح لحقائق الأمور وطبائعها، وأنَّ اجتماع الخلق على دِينٍ واحدٍ أو رسالةٍ سماوية واحدة أمرٌ مستحيل، وكيف لا، واختلافُ الناس، اختلافًا جذريًّا، في ألوانهم وعقائدهم، وعقولهم ولغاتهم، بل في بصمات أصابعِهم وأعينِهم.. كلُّ ذلك حقيقةٌ تاريخية وعلمية.

مجلس النواب يتصدى

مجلس النواب مؤسسة رسمية أخرى، أعلن عن رفضه أيضا لما يسمى بـ "الدين الإبراهيمي"، موضحا أن الدعوة إلى مثل هذا لا تتوافق وطبيعة المصريين، مؤكدا أن الشعب المصري لا يخرج عن الشريعة الإسلامية، حيث جاء ذلك على لسان الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب.

"دينية النواب" التي شددت على رفضها للدين الإبراهيمي المزعوم، أكدت أن البرلمان ككل، على استعداد تام للتصدي لأي فكر متطرف من هذا القبيل، موضحا أن هذه الأفكار قد توقع البلاد في الفتن، وأن اللجنة الدينية نفسها ترفض أن يكون هناك تطرف أو تشدد أو تعصب.

الدعوة السلفية تستنكر

قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن الهدف من هذا الدين الإبراهيمي الجديد في حقيقة الأمر: تحقيق تبعية دول المنطقة كلها للكيان الإسرائيلي؛ الأقرب في زعمهم إلى إبراهيم ووراثته، فينبغي أن يدين الجميع لهم بالتبعية، والإقرار لهم بالرياسة، والاعتراف بتقدمهم وتفوقهم العسكري، والاقتصادي، والإعلامي والتكنولوجي دون منازعة، بل ضرورة تسليم القيادة لهم رغم تعصبهم الشديد لقوميتهم القائمة على الدين، ودولتهم الدينية الوحيدة التي تجمع شتات اليهود في العالم على اختلاف قومياتهم وألسنتهم وأوطانهم؛ فهي الدولة الوحيدة في العالم التي جُعل الدين فيها قومية؛ فمَن أقرَّ لهم بهذه القيادة قرَّبوه وأدنوه ورفعوه، ومَن نازعهم في ذلك حاربوه وعادوه، وحاولوا إهلاكه.

وتابع برهامي في مقال له بعنوان "الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال"، قائلا: "والعجب أيضًا: أن أناسًا ينتسبون إلى القومية العربية وإلى الوطنية -على اختلاف أوطان المسلمين- ينادون بهذا المصطلح، ويسعون لتطبيق هذا المشروع؛ الذي معناه فقدان هوية أوطانهم، بل فقدان معالم هذه الأوطان وحدودها أصلًا، ومعالم هذه القومية بالكلية، والذوبان في ملك اليهود، كما يزعم اليهود أنهم المقصودون بقول نوح -عليه السلام- في روايتهم لكتابهم المقدس: "أن يكون أبناء حام ويافث عبيد العبيد لأبناء سام!"، مع أن العرب يشاركونهم في السامية؛ إلا أنها غير معتبرة عندهم، ولا عند أي دول العالم الغربي وثقافاته المختلفة".

وواصل نائب رئيس الدعوة السلفية رفضه للدين الإبراهيمي قائلا: " فهذا المصطلح الذي ظَهَر في زمننا: "الدين الإبراهيمي"، وما تَفَرَّع عنه، مثل: "الولايات الإبراهيمية المتحدة"، متزامنًا ظهوره مع حملات التطبيع مع اليهود وكيانهم الصهيوني، والتي رتبت لها إدارة الرئيس الأمريكي -الخاسر في الانتخابات الأخيرة- "ترامب" بقيادة زوج ابنته -اليهودي- كوشنر، والذي صار له وجود متكرر في منطقتنا العربية الإسلامية؛ لتغيير بوصلة العداوة الإستراتيجية مع إسرائيل إلى وجهات عديدة داخلية بين دول المنطقة، وصراعات عديدة داخل كل دولة تقتتل فيها الشعوب والدول؛ إضافة إلى الخطر المدعم والمصنوع للشيعة ودولتهم الحديثة إيران، التي تهدف إلى نشر الدِّين الشيعي في دول المنطقة وغيرها".

وأضاف: "وكان هذا المصطلح -ولا يزال- هادفًا إلى نسيان الهوية الإسلامية للشعوب والدول، بل وفقدان حقيقة ملة إبراهيم -عليه السلام-؛ رغم أن هذه الملة هي التي بُعث بها كل الأنبياء؛ الذين جعلهم الله من بعد إبراهيم -عليه السلام- مِن نسله، وخاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى-: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (النحل:123)، بل هو -صلى الله عليه وسلم- الذي أظهرها في العالم، ونشرها على حقيقتها في كل مكان، بعد أن حصرها اليهود في أنفسهم بظنهم أنهم شعب الله المختار، وكذا النصارى".