تقرير| حماية أم تحصين.. قانون "المسؤولية الطبية" لصالح من ؟

  • 50

يبدو أن مجلس النواب على موعد واحد من أشد القوانين أهمية وخطورة في آن واحد، حيث تقدم إحدى عضوات مجلس النواب ومعها 60 عضوا، بمشروع قانون يجرم القبض على مقدم الخدمة الطبية أو حبسه احتياطيا، في حال وفاة مريض او الإضرار به إلا بتقرير من هيئة المسؤولية الطبية .

حماية أم تحصين ؟

مشروع القانون المزمع مناقشته خلال الأيام المقبلة، يراه البعض تحصينا للأطباء وتبريرا لأخطائهم الطبية التي يرتكبونها، وأن القانون جاء بمثابة حصانة للطبيب وجعله فوق المحاسبة مهما ارتكب من أخطاء، معربين عن تخوفهم من تضرر المريض وضياع حقه، لاسيما في ظل الإهمال الطبي الجسيم والمتكرر الذي يقع فيه بعض الأطباء.

فيما يرى آخرون، أن القانون حماية للأطباء وليس تحصينا لهم، مؤكدين أن الأطباء كانوا عرضة للاعتداء والأذى من قبل بعض المرض وذويهم، موضحين أن القانون المزمع لا يعفي الطبيب من تحمل مسؤولية الخطأ الطبي أو الإهمال، لكن القانون حدد آلية معينة - متمثلة في هيئة المسؤولية الطبية – هي التي يمكنها الفصل إذا كانت الضرر الذي وقع على المريض هو نتيجة لإهمال الطبيب، أم نتيجة عادية للأضرار الجانبية لبعض العمليات الجراحية.ا

عمل بلا ترهيب أو ابتزاز

من جانبه، يرى الدكتور وائل سمير، استشاري الجراحة العامة والمناظير، أن قانون المسؤولية الطبية لا يعد تحصينا للأطباء، موضحا أن القانون سيكون سببا لمعرفة الأخطاء الطبية بشكل دقيق، ومن ثم فإن القانون يضع مزيدا من المسؤولية على كاهل الأطباء.

وأكد سمير في تصريحات لـ "الفتح" أن القانون لا يعد تحصينا للأطباء لكنه يمثل حماية لهم في أداء عملهم دون ترهيب أو ضغط و ابتزاز؛ نظرا لأن هيئة المسؤولية الطبية هي هيئة لديها القدرة لمعرفة طبيعة الخطأ الذي تم ارتكابه من قبل الطبيب، مشيرا إلى أن محاسبة الطبيب بالجوانب الطبية لا بد أن تكون من خلال هيئة المسئولية الطبية، التي ستكون مقدرة لحقيقة الخطأ المرتكب من الأطباء.

وأشار استشاري الجراحة العامة والمناظير، إلى أن القانون لا يمنع المريض حقه أو يسلبه إياه، مؤكدا أن حق المريض باق ومضمون، موضحا أن المريض يمكنه أن يضمن حقه حين يتعرض لضرر أو خطأ طبي، وذلك من خلال اللجوء للقضاء وإثبات الضرر الواقع عليه.

وقال سمير إن الضمانة التي يجب مراعاتها عند تشكيل هيئة المسؤولية الطبية حتى يتم الأمر دون محاباة أو محسوبية، هو أن تكون الهيئة متجردة ومتنوعة في تشكيل أعضاؤها، موضحا أن هذا التنوع هو ضمان لبقاء حكم الهيئة بعيدا عن المحسوبية.

القضاء يضمن حق المريض

بدوره، أوضح طارق نجيدة، الخبير الدستوري، ضرورة أن تكون هناك ثقة في الأطباء وفي تحملهم المسؤولية، مشيرا إلى أن التزام الطبيب بأخلاق المهنة وعلومها يجب أن يكون هو أساس مسؤوليته القانونية والأدبية، معربا عن تأييده لحماية الأطباء من الاعتداء المتكرر من قبل المرض أو ذويهم، حتى عندما لا يرتكب الطبيب أي خطأ طبيا.

وأكد نجيدة في تصريحات لـ "الفتح" أن المريض حقه مضمون سواء صدر قانون المسؤولية الطبية أو لم يصدر، موضحا أن اللجوء إلى النيابة والقضاء يضمن حق الطبيب، لاسيما أن القضاء تلجأ في مثل تلك القضايا إلى أهل الخبرة والاختصاص، كاحتكامها إلى مصلحة الطب الشرعي أو غيرها من المختصين، وذلك لمعرفة سبب الضرر الذي وقع على المريض.