همسة في أذن الزوجين

صفية محمود

  • 120

باب واحد يُغلق عليكما، وأسرة تُشَكَّلُ منكما، عالم خاص جدًا، أسرار مشتركة وفرحة مُقتسمة، وحزن مشترك، وطبق واحد، وفراش واحد، وميثاق غليظ، رابطة عزَّ نظيرها، إنها صُنعت فقط لتسكُنا إليها.

تدور رحى الحياة بالزوج في خارج البيت، وبالزوجة في داخله، حتى يلتقيا لتسكن نفس كل واحد منهما للآخر فيتبدد التعب ويزول، {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}، لباس يستر العورات ويزين أجسادنا، كلٌ يستر صاحبه، وكل يجملُ رفيقه؛ فكيف لتلك الرابطة أن تتشوه بكثرة العُقد، أو تضعف بالشد والاحتكاك؟!

إنها دعوات هادمة وتلقين شيطاني تثور لتغري بالعداوة بين الرفيقين، وتفرق بين المرء وبين ونصفه الآخر، فأمر عادي بين الزوجين أن يحتمل أحدهما قسيمه حين شجار أو يجذبه حين نفار، أو يُقيمه حين عثار، فلا مكان بينهما للكبر عند اعتذار ولا أنف يرتفع وينزل؛ لكنه الشيطان، يرى الإفساد بينهما غُنمًا، وفواته عليه غُرمًا.

 فعوارض الحياة ربما تخلق خلافًا وهو مما لا يخلو عنه الناس، ولكن مَن يعذر إن لم يعذر الأحبة؟، ومن يخفض جناحه إن لم تخفضه الزوجة لزوجها وشق حياتها؟، ومن يعذر ويعفو ويغفر إن لم يغفر الزوج قسيم الروح وشريك الحياة؟

 الزوج الذي تركت فتاته أسرتها، أمها وأبيها، ومهد أحلامها ومن حملوها على كف الراحة وأغرقوها بفيض حنان، ودَّعَت ذلك خلفها لتأوي إليك؛ لتصنعا سويًا حاضرًا أحلى ومستقبلًا أبهى؛ وإلا لماذا تنتقل إليك؟!

 إنكما معًا الشيء ولازمه، فليس فيما بينكما ما يدعو لعناد، وما دخل الكرامة باعتذار عن خطأ بدر منك، أو اعتذارٍ عن لطف المحب غيَّبَتْه في مواقف ضغط المشاغل؟! لا تُكابر